النهار

هل يُمهّد مقتدى الصدر للعودة إلى الحياة السياسية؟
المصدر: رويترز
يندّد الصدر، وهو شخصية بارزة في العراق منذ الغزو ‏الذي قادته واشنطن عام 2003، بنفوذ كل من إيران ‏والولايات المتحدة في العراق.‏
هل يُمهّد مقتدى الصدر للعودة إلى الحياة السياسية؟
مقتدى الصدر
A+   A-
 
ذكرت مصادر متعددة إن رجل الدين الشيعي العراقي ‏مقتدى الصدر يمهد الطريق لعودته إلى المشهد السياسي ‏بعد عامين من فشل محاولته تشكيل حكومة بدون منافسيه ‏الشيعة.‏

ويقول مراقبون إن عودته، المزمعة على الأرجح في ‏الانتخابات البرلمانية عام 2025، ربما تهدّد النفوذ ‏المتزايد للمنافسين، ومنهم أحزاب شيعية وفصائل مسلحة ‏عراقية قريبة من إيران، وتقوّض الاستقرار النسبي الذي ‏شهده العراق في الآونة الأخيرة.‏

ومع ذلك فمن المرجّح أن يرحّب كثيرون من الغالبية ‏الشيعية في البلاد بعودة الصدر لا سيما أنصاره ‏ومعظمهم من أتباعه المتدينين والفقراء الذين يعتبرونه ‏نصير الضعفاء.‏

وتحدثت وكالة "رويترز" خلال إعداد هذا التقرير مع ‏أكثر من 20 مصدرا منهم ساسة شيعة من التيار ‏الصدري وفصائل منافسة ورجال دين وسياسيون في ‏مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة ومسؤولون حكوميون ‏ومحللون. وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن ‏هوياتهم بسبب حساسية الموضوع.‏

وقال نائب سابق عن التيار الصدري "هذه المرة لدى ‏التيار الصدري تصميم أقوى من ذي قبل على الفوز بعدد ‏أكبر من المقاعد لتشكيل حكومة أغلبية"، رغم أن القرار ‏النهائي للترشح لم يُتخذ رسميا.‏

وفاز التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية عام 2021 ‏لكن الصدر أمر نوابه بالاستقالة، ثم أعلن في العام التالي ‏الانسحاب بشكل نهائي من العملية السياسية في البلاد بعد ‏أن أحبطت أحزاب شيعية منافسة محاولته تشكيل حكومة ‏أغلبية مع الأحزاب الكردية والسنية فقط.‏

ويندّد الصدر، وهو شخصية بارزة في العراق منذ الغزو ‏الذي قادته واشنطن عام 2003، بنفوذ كل من إيران ‏والولايات المتحدة في العراق.‏

وتعتبر إيران مشاركة الصدر في الحياة السياسية مهمة ‏للحفاظ على النظام السياسي الذي يهيمن عليه الشيعة في ‏العراق على المدى الطويل، على الرغم من أن طهران ‏ترفض تطلعاته إلى الاعتراف به كقوة مهيمنة منفردة.‏

وترى الولايات المتحدة، التي حاربت مسلحون موالون ‏للصدر بعد أن أعلن "الجهاد" ضدها في عام 2004، في ‏الصدر تهديدا لاستقرار العراق الهش، لكنها تعتبره أيضا ‏أداة لمواجهة النفوذ الإيراني.‏

ويقول كثير من العراقيين إن أحوالهم تسوء بغض النظر ‏عمن يتولى السلطة بينما تستنزف النخب ثروة البلاد ‏النفطية.‏

‏* اجتماع مهم

عاد الصدر إلى دائرة الضوء منذ آذار (مارس).‏

أولا، عقد اجتماعا نادرا مع آية الله العظمى علي ‏السيستاني، المرجع الأعلى لشيعة العراق الذي اضطلع ‏بدور محوري في إنهاء اشتباكات دامية بين الشيعة في ‏عام 2022 قبل انسحاب الصدر من الساحة السياسية.‏

وقالت ستة مصادر من التيار الصدري إن الصدريين ‏يفسرون اللقاء الذي جري في 18 آذار (مارس) مع ‏السيستاني، الذي ينأى بنفسه عن المشهد السياسي المعقد ‏ولا يلتقي عادة بالسياسيين، على أنه تأييد ضمني.‏

وكشف رجل دين مقرب من السيستاني أن الصدر تحدث ‏عن عودة محتملة إلى الحياة السياسية والبرلمان وخرج ‏من هذا الاجتماع المهم "بنتيجة إيجابية". ولم يرد مكتب ‏السيستاني على طلب للتعليق.‏

وبعد أيام من الاجتماع، دعا الصدر نواب الكتلة الصدرية ‏الذين استقالوا عام 2021 لتجميع صفوفهم والتواصل ‏مجددا مع القاعدة السياسية للتيار.‏

وقال مصدر مقرب منه إن الصدر أعاد بعد ذلك تسمية ‏التيار ليحمل اسم "التيار الوطني الشيعي"، في انتقاد ‏مُبطن للفصائل الشيعية المنافسة التي يعتبرها غير وطنية ‏وتدين بالولاء لإيران، وكذلك في محاولة لحشد قاعدته ‏الشعبية الشيعية.‏

وفي حين يخشى بعض المحللين حالة من الارتباك جراء ‏عودة الصدر إلى المشهد السياسي، يقول آخرون إنه قد ‏يعود أكثر تواضعا بسبب هزيمة أنصاره خلال مواجهات ‏مسلحة مع فصائل شيعية منافسة، وكذلك النجاح النسبي ‏الذي حققته حكومة بغداد الحالية، بما في ذلك موازنة ‏العلاقات مع إيران والولايات المتحدة.‏

وقال حمزة حداد، وهو محلل عراقي وزميل زائر في ‏المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "بالطبع، يزيد ‏دائما خطر الاضطرابات عندما يزيد عدد الفصائل في ‏عملية توازن السلطة، خاصة عندما تكون مسلحة. لكن ‏على الصدريين أن يعودوا بشكل أقل عدائية".‏

وأضاف "الفصائل السياسية تعلم أنه من الأفضل تقاسم ‏السلطة بدلا من خسارتها بالكامل".‏

وأوضح سياسي بارز من الصدريين أن التيار قد يسعى ‏إلى التحالف مع بعض الفصائل الشيعية الحاكمة، مثل ‏رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي يحظى بشعبية ‏كبيرة، مع استبعاد آخرين بما في ذلك منافسه اللدود قيس ‏الخزعلي زعيم (عصائب أهل الحق) وهي فصيل سياسي ‏وعسكري متحالف مع إيران.‏

وقال مستشارون للسوداني إن رئيس الوزراء يبقي ‏خياراته مفتوحة.‏

وذكر السياسي الصدري "هناك فصائل في الإطار ‏تربطنا بها علاقات طويلة الأمد ويمكن أن نتحالف معها ‏قبل الانتخابات أو بعدها. ما لا نقبله هو الدخول في ‏اتفاقات مع الفصائل الفاسدة".‏

وفي مدينة الصدر، وهي معقل مترامي الأطراف للتيار ‏يعاني من الفقر منذ فترة طويلة على الجانب الشرقي من ‏بغداد، ينتظر كثيرون عودة الصدر على أمل أن يترجم ‏ذلك إلى فرص عمل وخدمات.‏

وقال طالب مهاوي (37 عاما) وهو أب لثلاثة أطفال ‏ينتظر ردا على طلب للحصول على وظيفة حكومية "هذه ‏المدينة تدعم الصدر ولا أعتقد أنه سينسانا بعد كل ‏التضحيات التي قدمناها من أجله... ينبغي أن يغير ‏الأمور عندما يعود".‏
 

اقرأ في النهار Premium