أظهرت وثائق اطّلعت عليها "رويترز" أن الحكومة الصومالية تسعى إلى إبطاء انسحاب قوّات حفظ السلام الأفريقية وسط تحذيرات من فراغ أمني محتمل ومع قلق يساور دول جوار من احتمال استيلاء حركة الشباب المتشدّدة على السلطة.
وتلتزم بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال، وهي قوّة لحفظ السلام تعرف اختصارا باسم (أتميس)، بإكمال الانسحاب بحلول 31 كانون الأول (ديسمبر) وهو توقيت من المتوقّع أن تحل فيه قوّة جديدة أصغر محلّها.
لكن الحكومة طلبت في رسالة الشهر الماضي إلى القائم بأعمال رئيس مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي تأجيل سحب نصف القوّات البالغ قوامها أربعة آلاف جندي والمقرّر مغادرتها بحلول نهاية حزيران (يونيز) إلى أيلول (سبتمبر). ولم تنشر تلك الرسالة من قبل.
وأوصت الحكومة في السابق، في تقييم مشترك مع الاتحاد الأفريقي في آذار (مارس) واطّلعت عليه "رويترز"، بتعديل الجدول الزمني للانسحاب بشكل عام "بناء على الاستعداد والقدرات الفعلية" للقوات الصومالية.
وحذّر التقييم المشترك، الذي أجري بتكليف من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من أن "السحب المتسرّع لقوّات أتميس سيساهم في فراغ أمني".
وقال مرسل خليف، العضو المستقل في لجنة الدفاع في البرلمان "أشعر بقلق أكثر من أي وقت مضى بشأن المسار الذي تتّجه إليه بلادي".
وذكرت أربعة مصادر دبلوماسية ومسؤول أوغندي بارز أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهما أكبر ممولّي قوّة الاتحاد الأفريقي في الصومال، يسعيان إلى تقليص عملية حفظ السلام بسبب مخاوف بشأن التمويل طويل الأجل واستدامته.
وقالت ثلاثة من المصادر دبلوماسية إن المفاوضات بشأن قوّة جديدة أثبتت أنّها معقّدة، إذ ضغط الاتحاد الأفريقي في البداية من أجل تفويض أقوى مما يريده الصومال. وقد يدفع نزاع سياسي أكثر احتداماً إثيوبيا لسحب بعض قوّاتها الأكثر خبرة في القتال.
ولم ترد الرئاسة الصومالية ومكتب رئيس الوزراء على طلبات للحصول على تعليق.
وذكر الممثّل الخاص للاتحاد الأفريقي لدى الصومال ورئيس "أتميس" محمد الأمين سويف أن اختتام المفاوضات ليس له جدول زمني محدّد لكن جميع الأطراف ملتزمة بالتوصّل لاتفاق يساعد على تحقيق السلام والأمن بصورة مستدامة.
وقال لـ"رويترز": "الاتحاد الأفريقي والحكومة الصومالية أكدا أهمية تنفيذ انسحاب وفقاً للظروف للحيلولة بدون أي فراغ أمني".
ومن المقرّر أن يجتمع مجلس السلام والأمن بشأن الصومال في وقت لاحق اليوم الخميس لمناقشة سحب القوّات ومهمة المتابعة.
ومع بدء عملية الانسحاب بمغادرة خمسة آلاف جندي من حوالي 18500العام الماضي، أبدت الحكومة ثقتها ولفتت إلى أن القّوة الجديدة يجب ألا يتجاوز عددها 10 آلاف جندي ويجب أن تقتصر مهامها على تأمين مراكز تجمّعات سكانية كبرى.
واعتبر المحلّل في مركز ساهان للبحوث رشيد عبدي، ومقرّه نيروبي ويركّز على شؤون القرن الأفريقي، أن الدعوة إلى تشكيل قوّة أصغر تعكس على الأرجح آراء قوميين يعارضون الوجود الأجنبي الكبير في الصومال.
ويساور القلق أيضاً أوغندا وكينيا المشاركتان في قوات في البعثة التي ستنسحب.
وأشار وزير الشؤون الخارجية الأوغندي هنري أوكيلو أوريم إلى أن القوّات الصومالية ليست قادرة بعد على الصمود في مواجهة عسكرية طويلة الأمد رغم جهود التدريب المكثفة.
وأضاف لـ"رويترز": "لا نريد أن نصبح في موقف... مثل ما حدث في أفغانستان".
وتابع أن كينيا قبلت طلبات الانسحاب من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لكن مخاوف الدول التي لديها قوات في الصومال يجب أن تجد آذاناً صاغية.
وقال رئيس كينيا وليام روتو للصحافيين في واشنطن الشهر الماضي إن انسحاباً لا يأخذ في الاعتبار الأوضاع على الأرض سيعني أن "الإرهابيين سيسيطرون على الصومال".