"ينتظرنا طوفان نصرالله... وسيدخل الناس أفواجاً"، كلمات وردت في تغريدة رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي، وتزامنت مع معلومات عن عبور آلاف المقاتلين العراقيين فعلاً إلى سوريا واستعدادهم للانتقال إلى لبنان، كانت كفيلة بإطلاق سيل من التوقعات بشأن إمكانيّة مشاركة فصائل مسلّحة عراقية، تابعة لـ"محور المقاومة" بقيادة إيران، في أيّ حرب واسعة النطاق بين إسرائيل و"حزب الله" إنطلاقاً من الأراضي اللبنانيّة.
ما عزّز تلك الفرضيّة، أنّ تصريح عبد المهدي المثير للجدل ترافق أيضاً مع إعلان "تنسيقية المقاومة العراقية"، بعد اجتماع استثنائي، انتهاء مهلة الانسحاب الأميركي من البلاد التي كانت أقرّتها قبل 4 أشهر، وعلى أساسها أوقفت هجماتها على القواعد الأميركيّة. وأكدت "التنسيقيّة" أنّها تسعى إلى إغلاق هذا الملف "باستعمال كل السبل المتاحة لإعادة الأمن والاستقرار، وتحقيق السيادة الكاملة"، ما يشي بإمكانيّة استئناف العمليات العسكريّة ضد القوات الأميركيّة في العراق وسوريا.
خلاف على المشاركة
في هذا السياق، يقول مصدر أمني عراقي مطّلع لـ"النهار العربي"، إنّ "فصائل المقاومة العراقية ناقشت خلال الاجتماع التطوّرات في جبهة جنوب لبنان، وبرز رأي رافض للمشاركة في القتال، صدر عن فصيل مُقرّب من الحكومة العراقية الرافضة بدورها الانجرار إلى دائرة الصراع هناك".
ويوضح أنّ "الفصائل التي تريد المشاركة في القتال مع حزب الله ضدّ إسرائيل في لبنان هي كتائب حزب الله العراقي، حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، باعتبارها فصائل رئيسيّة في محور المقاومة، أمّا حركة عصائب أهل الحق لا تدعم ذلك وتتحفظ على المشاركة". ويلفت المصدر الأمني أن عناصر "نخبوية من بعض الفصائل موجودة فعلاً في جنوب لبنان"، من دون أن يكشف طبيعة مهمتها.
"لن تقف متفرّجة"
بدوره، ينفي المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء" كاظم الفرطوسي "بشكل قاطع" وجود "أيّ مقاتل عراقي من المقاومة في جنوب لبنان".
ويقول، في تصريح لـ"النهار العربي"، إنّ "حزب الله لديه جميع الإمكانيات، وهو قادر على ردع العدو الصهيوني، لكن إذا استدعت الحاجة فإنّ المقاومة العراقية لن تقف مُتفرّجة بل ستشارك مع حزب الله وسيتمّ إرسال مقاتلينا إلى لبنان". ويشدّد على أنّ "في حال قرّرنا ذلك، لا علاقة للحكومة العراقيّة بهذا الشأن".
ولا يقتصر الأمر على المقاتلين العراقيين، فقد نقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركيّة عن مسؤول في جماعة لبنانية مدعومة من إيران قوله إنّ "مقاتلين من قوات الحشد الشعبي العراقية، ولواء فاطميون الأفغاني، ولواء زينبيون الباكستاني، وجماعة الحوثي، يمكن أن يأتوا إلى لبنان للمشاركة في الحرب".
"رسالة نصرالله"
لكنّ مصادر في "حزب الله"، تؤكّد لـ"النهار العربي" أنّ "مشاركة مقاتلين من فصائل خارجيّة حليفة في القتال انطلاقاً من جنوب لبنان غير واردة حاليّاً".
وكان الأمين العام للتنظيم اللبناني حسن نصرالله قد كشف، في كلمة له الأربعاء، أنّ قادة المجموعات المسلّحة في إيران والعراق وسوريا واليمن ودول أخرى عرضوا في السابق إرسال عشرات الآلاف من المسلحين لمساعدة "حزب الله"، لكنّه أكّد أنّ الحزب لديه بالفعل أكثر من 100 ألف مقاتل.
وأضاف نصرالله: "قلنا لهم شكراً، ولكننا لدينا أعداد ضخمة".
يقول الكاتب السياسي اللبناني المتخصّص في الحركات الإسلاميّة قاسم قصير إنّ "نصرالله أراد بتطرّقه إلى هذه المسألة توجيه رسالة ردع للإسرائيليين والأميركيين قبل الوصول إلى حدّ لا يمكن ضبطه، مفادها أنّ لبنان غير متروك، وفي حال التصعيد فإنّ كل الاحتمالات واردة، بما فيها استخدام هذه الورقة المتاحة".
ويكشف قصير، في حديث لـ"النهار العربي"، أنّ "الجماعة الإسلامية (حركة لبنانية سنّية) تلقّت أيضاً طلبات من مئات العناصر في الخارج بالاستعداد للمشاركة في أيّ حرب مع إسرائيل".
لكنّه يرى أنّ "حزب الله لا يحتاج فعلاً لاستقدام آلاف المقاتلين بظلّ استمرار الحرب على شكلها الحالي، نظراً إلى أنّ طبيعة العمليات لا تعتمد على العديد بل على التكنولوجيا"، في إشارة إلى استخدام الصواريخ والمسيّرات بكثافة في الاستهدافات المتبادلة.
من الجولان؟
توافق مصادر في "حزب الله" على هذا التوصيف، وتقول إنّ التنظيم "لم يُشرك حتى الآن سوى جزءاً محدوداً من مقاتليه في التصعيد القائم"، وتضيف: "غالبية قواتنا البشرية تنتشر داخل سوريا حاليّاً وليس في لبنان، فهناك عمقنا الجغرافي الاستراتيجي الذي سيكون أساس أيّ حرب مفتوحة".
لكن هل ذلك يعني فتح جبهة الجولان السوري المحتلّ في حال الحرب المفتوحة؟ "لا جواب" لدى الحزب، لكنّ مصدراً في الفصائل العراقيّة يقول: "بخلاف المتداول، نستبعد المشاركة في الحرب عبر جبهة جنوب لبنان، وإن تطلّب الأمر سيكون تدخُّلنا، وغيرنا، من خلال جبهة سوريا" حيث ينتشر بالفعل الآلاف من المقاتلين من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان، الذين شاركوا على مدى العقد الماضي بالقتال إلى جانب القوات السوريّة لدعم الرئيس بشار الأسد.
لكن في الوقت نفسه فإنّ فتح جبهة واسعة في الجولان لا يمكن أن يحدث دون موافقة سوريا وروسيا، وهما ترفضان حتى اللحظة الانخراط مباشرة في هذه الحرب، لا بل عزّزت القوات الروسيّة نقاط المراقبة عند "خط برافو" منعاً لاستخدام منطقة فض الاشتباك هذه منطلقاً للعمليات.