النهار

تركيا تعزّز قواعدها في شمال العراق... "عملية كبرى" ضد "العمال الكردستاني"؟
تزايدت المخاوف بشأن احتمال شنّ الجيش التركي عملية عسكرية برية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، بعد معلومات متطابقة نشرتها عدة جهات، تُفيد بنقل الجيش التركي لمئات الدبابات والمدرعات إلى قواعده في الإقليم.
تركيا تعزّز قواعدها في شمال العراق... "عملية كبرى" ضد "العمال الكردستاني"؟
قاعدة عسكرية تركية في إقليم كردستان العراق.
A+   A-

تزايدت المخاوف بشأن احتمال شنّ الجيش التركي عملية عسكرية برية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، بعد معلومات متطابقة نشرتها عدة جهات، تُفيد بنقل الجيش التركي لمئات الدبابات والمدرعات إلى قواعده في الإقليم.

حسب تقرير أصدرته منظمة "فرق صناعة السلامة" الأميركية (CPT) مؤخراً، وهي جهة ذات مصداقية تصدر تقارير دورية عن الصراعات المسلحة في مختلف مناطق كردستان، فإن الجيش التركي نقل أكثر من 300 دبابة خلال الأسبوعين الماضيين إلى قواعده العسكرية في الإقليم، محددة قرى كيستى وحلكي وسررو وببيري في ناحية كاني ماسي ضمن محافظة دهوك كأماكن لتمركز هذه العربات العسكرية.
 
تحركات ميدانية مكثفة
المعلومات التي أكدتها مصادر محلية في تلك المناطق، اتصل "النهار العربي" بها، تفيد بوجود كثافة في التحركات بين القواعد العسكرية التركية خلال الأيام الماضية، بالذات بعد الانتهاء من الطرق البرية الجديدة التي انشأها الجيش التركي بين قواعده التي تمركز فيها خلال العام 2021. فمنذ أوائل العام الحالي، بدأ الجيش التركي تعبيد الطرق بين تلك القواعد العسكرية، وتالياً صارت الإمدادات العسكرية لقواعده لا تختصر على الحوامات الجوية، وبات قادراً على نقل المدرعات العسكرية لصالح جنوده في المناطق الوعرة، الأمر الذي كان مستعصياً من قبل.

التعزيزات العسكرية التركية الراهنة تزيد من احتمال بدء الحملة البرية التي تتوعد بها تركيا مقاتلي العمال الكردستاني منذ سنوات، وتكثفت التكهنات بشأنها منذ عدة أشهر، بعد تلقي الجيش التركي لخسائر كبيرة في أعداد جنوده، بسبب الهجمات الخاطفة التي شنها مقاتلو العمال الكردستاني على قواعده في أعالي الجبال.
 
مانع سياسي
التحليلات العسكرية كانت تتوقع أن تكون تلك الحملة أما في منطقة سنجار، شمال غرب محافظة نينوى، حيث تسيطر تنظيمات مقربة من العمال الكردستاني على منطقة جبل سنجار، الأقل وعورة من سلسلة الجبال الحدودية بين تركيا وإقليم كردستان، حيث ينتشر مقاتلو الكردستاني، أو أن تشنها على منطقة مخمور، جنوب محافظة أربيل، والتي تحوي مخيمات عدة للاجئين الأكراد من تركيا، وتتهمها تركيا بأنها إحدى أهم القواعد السياسية واللوجستية لحزب العمال الكردستاني. لكن وقوع تلك المناطق في أعماق الجغرافيا العراقية شكل مانعاً سياسياً أمام ذلك.

التحركات الأخيرة غيرت من التوقعات، فالمقرات العسكرية التركية في جبلي متين وكارى في محافظة دهوك تشي بوجود استعدادات لما يتجاوز الأعمال الاعتيادية، وخصوصاً أن نقاط التمركز التركية صارت تضع حواجز أمنية بين القرى القريبة من قواعدها، وتدق سجلات المدنيين والنشاط الاقتصادي وتفتش بعض البيوت.
 
شروط "المعركة الفاصلة"
الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الأمنية جبار الراوي، يشرح في حديث لـ"النهار العربي" ما اعتبرها الشروط السياسية والتهيئة طويلة الأمد لمثل تلك العملية البرية، لأنها ستكون بمثابة "معركة فاصلة"، حسب رأيه، وستعني الكثير لمستقبل تركيا، السياسي والأمني. وأضاف: "تعرف تركيا جيداً أن مقاتلي العمال الكردستاني ليسوا مجرد أفراد وعناصر متمركزين في بقعة جغرافية بذاتها، يمكن الهجوم عليهم وتصفيتهم، بل هم امتداد لشبكة من العلاقات والتوازنات السياسية، الإقليمية والدولية. فالنفوذ الإيراني الذي يمنع تركيا من الهجوم على مقاتلي الكردستاني في منطقة مخمور، ثمة ما هو أضعاف منه في ما خص المراكز الرئيسية للكردستاني في المناطق الجبلية، الذي قد يتجاوز مجرد إيران ليكون محل رفض روسي وحتى أميركي".

ويرى الراوي أنه "لا يمكن لتركيا أن تقوم بمثل تلك العملية إلا إذا ضمنت نجاحها تماماً، وهذا يتطلب ضوءاً أخضرَ أميركياً واضحاً، ومعه ظروف سياسية إقليمية تجمع إيران بروسيا مع تركيا استراتيجياً، وإلى جانبهما أوضاع داخلية مؤيدة تماماً للعملية. وأغلب هذه الظروف غير متوافرة، ولم تقم تركيا بحملة تحريض وتهديد تهيئ لكل ذلك. لذا فإن التحركات التركية هي بمثابة زيادة مناعة المواقع العسكرية، كي لا تتعرض لضربات مثل التي تلقتها في فصل الربيع من هذا العام".

التحشيد التركي يأتي بعد أيام قليلة من بناء حرس الحدود العراقي لنقاط ومواقع عسكرية على الحدود بين البلدين، لمنع القوات التركية من التمدد داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان، وهو ما عبرت تركيا عن رفضها له، معتبرة القاعدة مساً بحقها في ملاحقة مقاتلي الكردستاني.

حسب إحصاءات غير رسمية، تنشر تركيا أكثر من 7 آلاف جندي داخل إقليم كردستان، في أكثر من 11 قاعدة عسكرية و19 معسكراً تدريبياً، تقول تركيا إن هذه المواقع تخولها ملاحقة قرابة 2500 مقاتل من حزب العمال الكردستاني، ينتشرون على قوس جبلي وعر، يمتد لأكثر من 600 كيلومتر.

اقرأ في النهار Premium