شكلت اتهامات وزارة الداخلية العراقية لشبكة منظمة من الفاعلين، قالت إنهم ينتمون إلى "حزب العمال الكردستاني" وقاموا بإحراق مجموعة من الأسواق المحلية في محافظات أربيل ودهوك وكركوك، صدمة للرأي العام، في وقت رفض الحزب هذه الاتهامات، معتبراً إياها حرباً نفسية ضده، لمصلحة تركيا.
أعلنت الداخلية العراقية في مؤتمر صحافي مشترك مع خلية الإعلامي الأمني، وبحضور المدير العام لديوان وزارة داخلية إقليم كردستان، عن النتائج التي توصلت إليها الوزارة الاتحادية مع داخلية الإقليم، إذ تمكنت بحسب مقداد ميري، الناطق الرسمي باسم الوزارة، من إلقاء القبض على شبكة من المتهمين، التابعين لتنظيم "حزب العمال الكردستاني" المحظور.
جهود أمنية
ذكر المسؤول العراقي تفاصيل ما توصلت إليه الجهود الأمنية بين الداخلية العراقية وأجهزة الاستخبارات والجهات النظيرة في إقليم كردستان، قائلاً: "بعد فترة طويلة من العمل، توصل الفريق إلى خيوط هذه الجريمة، وهؤلاء المتهمون دونت أقوالهم بالاعترافات. والأماكن التي تم استهدافها كانت محاولة إحراق مول أوف كركوك بتاريخ 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وكذلك بتاريخ 7 نيسان (أبريل) 2024، وإحراق عمارة إسماعيل درويش بتاريخ 3 أيار (مايو) 2024. أما في أربيل، فأحرقوا سوق البالة بتاريخ 27 شباط (فبراير) 2024، كما أحرقوا شركة ومخازن في قوشتبه بتاريخ 27 آذار (مارس) 2024، وأحرقوا سوق البالة مرة ثانية في 8 نيسان (أبريل) 2024، وسوق نيشتمان قرب قلعة أربيل بتاريخ 23 نيسان 2024، وأحرقوا القيصرية في أربيل في 5 أيار (مايو) 2024، انتقلوا بعدها إلى سوق جلي في دهوك في 1 نيسان 2024".
أضاف: "تمكن فريق العمل من إلقاء القبض على أحد المتهمين، وضبط مجموعة من المواد الكيمياوية الموجودة في سيارة هذا المتهم. وبعد التحليل، تبين أن هذه المواد هي الخلطة أو العجينة التي تستخدم في تنفيذ عمليات الإحراق، وأن الجهة المنفذة والراعية لهذا الموضوع هي منظمة PKK، وهي منظمة محظورة".
تركيا وراء الاتهام
حزب العمال الكردستاني، ممثلاً بـ"اتحاد مجتمعات كردستان"، أصدر بياناً ندد فيه بهذه الاتهامات، نافياً أن يكون للحزب أي علاقة بما يجري. وأضاف الاتحاد في بيانه: "نرفض الجهود الرامية إلى تحميل حركتنا المسؤولية عن هذه الهجمات التي لا علاقة لها بالواقع، والتي يُعرف علانية أن جهاز الاستخبارات التركية نفذها".
وأشار بيان الاتحاد إلى أن "حزب العمال الكردستاني قوة يعرفها شعب كردستان والشرق الأوسط ويثق بها ويشرفه وجودها، بمقاومته وموقفه المبدئي والحازم من الماضي إلى الحاضر. حركتنا ليست لديها أي معارضة تجاه الدولة العراقية أو المجتمع العراقي، وأن ذكر الحركة التي تناضل من أجل حرية ورفاهية شعوب الشرق الأوسط بالادعاءات المذكورة أعلاه ليس سوى افتراء، ومن الواضح أن وزارة الداخلية العراقية أصدرت هذا التصريح بتوجيه من بعض الجماعات، ومصدر هذه الادعاءات هو الاستخبارات التركية، المنظمة الإجرامية الدولية التابعة لجمهورية تركيا، التي تحاول غزو العراق خطوة بخطوة".
وتصاعد الموقف مع إعلان الدكتور هيمن ميراني، المدير العام لديوان وزارة الداخلية في إقليم كردستان، في المؤتمر الصحافي نفسه عن انتماء بعض المتهمين إلى أجهزة أمنية مقربة من "الاتحاد الوطني الكردستاني"، إذ قال: "المجرمون الموجودون هنا، أحدهم كان يتولى الإشراف واسمه فخر الدين أحمد وهو منتسب في الوحدة 70، والآخر هو محمد نجاة حسن ضابط في مكافحة إرهاب السليمانية (CTG) وتلقوا التدريب على يد حزب العمال الكردستاني، وجاءت كوادر أمنية وعسكرية تابعة للعمال الكردستاني من سوريا وتركيا وقنديل وقامت بتدريبهم في كفري والسليمانية وسنكسر على تنفيذ عمليات إرهابية".
دعاية انتخابية
اعتبر سعدي أحمد بيرة، المتحدث الرسمي باسم "الاتحاد الوطني الكردستاني"، اتهامات المسؤول الكردي بمثابة دعاية انتخابية، وأضاف خلال مؤتمر صحافي عُقد للتعليق على الأمر وحضره "النهار العربي": "إن الاتحاد الوطني يستعد لانتخابات برلمان كردستان، ويرد بشدة الاتهامات الموجهة إليه واختلاق السيناريوهات لتعكير العملية الانتخابية. قبل أشهر وصلتنا معلومات من الاستخبارات العراقية، قالت إنه تم توقيف شخص وهو عنصر في قوات مكافحة الارهاب، واعترف بأنه تسلم 800 دولار مقابل هذا العمل، وذلك قبل نحو 9 أشهر من الآن، وفوراً تعاونت قوات مكافحة الإرهاب مع الاستخبارات العراقية للتحقيق في الأمر، وفصلت ذلك العنصر. واليوم أُعلن عن نتائج تلك التحقيقات، ولم يشر المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية إلى قوات مكافحة الإرهاب وقوات 70. لكن حينما بدأ ممثل وزارة داخلية الإقليم بالحديث، بدأت الدعاية الانتخابية"، قاصداً انتماء المسؤول الكردي إلى "الحزب الديموقراطي الكردستاني".
وختم الكاتب والباحث الأمني هلكفت شمزيني الحديث في هذه المسألة قائلاً لـ"النهار العربي" إن القضايا في عموم العراق، وتحديداً في إقليم كردستان، دخلت مرحلة الاستقطاب المطلق، وأضاف: "إن كانت هذه الحرائق مفتعلة أم لا، فهذه حقيقة يجب أن تترك لفرق التحقيق، وللقضاء طبعاً في مرحلة لاحقة، لكن حدوثها يعني أن الأحداث لا يُمكنها أن تكون مجرد أفعال عسكرية، في ساحة المعارك وبين الجيوش النظامية فحسب، فكل الأطراف تستطيع إيذاء الأطراف الأخرى في الخاصرة، ما دامت الحلول وإمكانية الحوار والتوصل إلى اتفاقيات غير متوافرة راهناً".