النهار

آشوريو إقليم كردستان يرفضون المشاركة في الانتخابات كـ"مسيحيّين"
رستم محمود
المصدر: النهار العربي
انتهى موعد تقديم ترشيحات الأحزاب والتحالفات السياسية الى المفوضية العليا المستقلة المشرفة على انتخابات برلمان كردستان، ولاتزال القوى والأحزاب السياسية الآشورية والكلدانية مقاطعة للانتخابات المزمع إجراؤها في العشرين من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، اعتراضاً على قرارات المحكمة الاتحادية العراقية، ما قد يعزز عزلتها السياسية في كردستان وعموم العراق.
آشوريو إقليم كردستان يرفضون المشاركة في الانتخابات كـ"مسيحيّين"
محتفلون برأس السنة الآشورية في دهوك، 2023.
A+   A-
انتهى موعد تقديم ترشيحات الأحزاب والتحالفات السياسية إلى المفوضية العليا المستقلة المشرفة على انتخابات برلمان كردستان، ولا تزال القوى والأحزاب السياسية الآشورية والكلدانية مقاطعة للانتخابات المزمع إجراؤها في العشرين من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، اعتراضاً على قرارات المحكمة الاتحادية العراقية، ما قد يعزز عزلتها السياسية في الإقليم وعموم العراق.
 
أسباب المقاطعة
"النهار العربي" تواصل مع قياديين في الأحزاب الآشورية - الكلدانية في إقليم كردستان، لاستبيان أسباب مقاطعتهم الانتخابات، وأجمعوا  على ثلاثة أسباب رئيسية: فالآشوريون الكلدان يرفضون معاملتهم سياسياً كتلة سكانية مسيحية، على أساس ديني، خصوصاً ضمن الكوتا البرلمانية المخصصة لهم، والتي كانت بحسب قانون الانتخابات المعمول به في إقليم كردستان منذ عام 1992 كوتا قومية لأبناء القوميات الآشورية والأرمنية والتركمانية. لكن المحكمة الاتحادية أزالتها بقرار ملزم صدر في 21 شباط (فبراير) الماضي. لكن عندما أعادتها "محكمة الانتخابات" العراقية، فإنها أعادتها للتركمان والأرمن كقومية وللمسيحيين وليس لأبناء القومية الآشورية.
 
كذلك تعترض الأحزاب الآشورية على خفض نسبة الكوتا ضمن برلمان الإقليم. فهي كانت بحسب القانون السابق 11 مقعداً من أصل 111، أي 10 في المئة من مجموع المقاعد، لكنها بعد القرارات الأخيرة للمحكمة الاتحادية والتعديلات التي أدخلها محكمة الانتخابات، أصبحت 5 من أصل 100 مقعد، أي نزلت إلى نسبة النصف، وهو أمر تعتبره الأحزاب الآشورية مساً بمبدأ التمييز الإيجابي الذي قامت عليه فكرة الكوتا البرلمانية للأقليات القومية. 
 
أخيراً، يعترض الآشوريون على الآلية التي تتم فيها الانتخابات، سواء من حيث توزيع الدوائر أم آلية اختيار الفائزين من بين المرشحين لمقاعد الكوتا. فخلال الانتخابات البرلمانية السابقة، في عقد التسعينات من القرن المنصرم، كان الآشوريون والتركمان وحدهم يقترعون للمرشحين لشغل مقاعدهم البرلمانية، عبر صناديق خاصة بهم أثناء إجراء الانتخابات. لكن القانون الحالي يسمح لكل الناخبين بالتصويت لمرشحي مقاعد الكوتا، وهو أمر يسمح للأحزاب الرئيسية بالاستحواذ على مقاعد الكوتا المخصصة لهذه الجماعات القومية. 
 
ثمن الصراعات الحزبية
في حديث إلى "النهار العربي"، يشرح السكرتير العام للحركة الآشورية الديموقراطية "زوعا" يعقوب كوركيس الأسباب والمناخات التي أدت إلى صدور قرارات المحكمة الاتحادية التي ألغت حضور الآشوريين كقوى قومية، ما دفعهم إلى مقاطعة الانتخابات، ويقول: "فعلياً، كانت المزاحمة السياسية الشديدة بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان، الاتحاد الوطني والديموقراطي الكردستاني، وعدم قدرتهما على التوصل إلى تفاهمات سياسية بشأن توزيع الدوائر الانتخابية وآلية انتخاب أعضاء الكوتا القومية سبباً لحدوث ذلك. ورفع الاتحاد الوطني الكردستاني الموضوع إلى المحكمة الاتحادية، فقرارات المحكمة الاتحادية المناهضة واللاغية للآشوريين، سياسياً وقانونياً، صدرت أساساً لإنهاء الخلاف السياسي بين الحزبين الرئيسيين، كما ذكر أعضاء هذه المحكمة في لقاء خاص معنا". 
 
يضيف السكرتير العام للحركة، وهي أكبر الأحزاب الآشورية العراقية وأقدمها وخاضت خلال عقود كفاحاً مسلحاً ضد النظام العراقي السابق: "نعرف جيداً أن هذه المقاطعة قد تضر بحضور أبناء شعبنا في المشهد السياسي للإقليم، وتالياً كل العراق، لكننا لا نريد منح الشرعية لهذا القانون الظالم بحق شعبنا وقوانا السياسية، مصرين على عدم شرعيته ودستوريته، لمعارضته وقائع الحال وتاريخ الآشوريين في العراق، وقبل ذلك المادة 125 من الدستور العراقي التي تنص على منح القوميات التركمانية والآشورية والأرمنية كل الحقوق السياسية وحمايتها ومنحها الحصانة والحماية. كذلك لأننا بالمقاطعة لا نريد لهذ الحدث الطارئ وغير الشرعي أن يتحول إلى واقع مستدام. فالنضال السياسي بالنسبة إلينا راهناً هو الاستمرار في العمل لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، بل تطويرها سياسياً وقانونياً ليتمكن الآشوريون وحدهم من اختيار ممثليهم البرلمانيين، ومثلهم التركمان والأرمن". 
 
وبحسب المعلومات الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، والتي ستشرف على الانتخابات البرلمانية الحالية في إقليم كردستان، فإن 19 شخصية سياسية مسيحية ترشحت لانتخابات برلمان الإقليم، 7 في محافظة أربيل و4 في محافظة السليمانية و8 في محافظة دهوك. 
 
لا إحصاءات رسمية عن أعداد المسيحيين في إقليم كردستان، لكن بحسب قول مصادر خاصة، علم بها "النهار العربي"، يُقدرون بقرابة 80 ألف شخص، 5 آلاف منهم تقريباً من الأرمن، أما الباقون فمن أبناء القومية الآشورية الكلدانية السريانية، هؤلاء إلى جانب عدد مماثل لهم تقريباً، من المسيحيين العراقيين المقيمين في الإقليم.
 
حاولت العديد من القوى السياسية الكردستانية والعراقية ثني الأحزاب الآشورية عن قرار المقاطعة، لكنها بقيت مصرة على موقفها، حتى انتهاء موعد تقديم ترشيح التحالفات والأحزاب السياسية للمفوضية العليا للانتخابات. والأحزاب الآشورية الرئيسية المقاطعة هي "الحركة الديموقراطية الآشورية" و"حزب اتحاد بيت نهرين الوطني" و"الحزب الوطني الآشوري" و"المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري" و"حزب أبناء النهرين" و"حزب بيت النهرين الديموقراطي".
 

اقرأ في النهار Premium