النهار

الصفدي في طهران حاملاً هواجس الأردن وثوابته: لا رسائل من إسرائيل وإليها
عمّان - محمد الرنتيسي
المصدر: النهار العربي
لفت وزير الخارجية الأردني إلى أن زيارته لطهران "تهدف إلى تجاوز الخلافات بين البلدين بصراحة وشفافية بما يخدم مصالحنا الثنائية".
الصفدي في طهران حاملاً هواجس الأردن وثوابته:
لا رسائل من إسرائيل وإليها
محادثات الصفدي مع باقري كني في طهران. (أ ف ب)
A+   A-

بينما يترقب العالم ردّاً إيرانياً على إسرائيل التي استطاعت أن تغتال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في قلب العاصمة طهران، حمل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي هواجس بلاده إلى طهران.

وهناك أكد الصفدي لنظيره الإيراني بالوكالة علي باقري كني أنه لا يحمل أي رسالة من إسرائيل ولا إليها، لافتاً إلى أن زيارته "تهدف إلى تجاوز الخلافات بين البلدين بصراحة وشفافية بما يخدم مصالحنا الثنائية".

وتأتي الزيارة وسط تجدد المخاوف في الأردن من تجدد محاولات إيران والجماعات المسلحة التابعة لها، لا سيما في العراق واليمن، انتهاك أجواء المملكة التي سبق أن أعلنت مراراً وتكراراً أنها لن تسمح بأن تتحول إلى ساحة لحرب إقليمية، وبالتالي لن تسمح لأي طرف بانتهاك أجوائها.

في نيسان (أبريل) الماضي، عاش الأردنيون أجواء قلق وخوف، بعدما سقطت شظايا صواريخ إيرانية في العاصمة عمان ومحافظات عدة بمختلف أنحاء المملكة، في سياق مهاجمة إيران لإسرائيل رداً على استهداف قنصليتها في دمشق، ومقتل 7 ضباط في الحرس الثوري، بينهم قائد العمليات العسكرية الإيرانية في سوريا ولبنان العميد محمد رضا زاهدي، ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي.

وينظر الأردن إلى الجماعات المسلحة الموالية لإيران، بوصفها خطراً يهدد أمنه واستقراره، لا سيما تلك المنتشرة على طول حدود المملكة مع سوريا، ولا تكف عن محاولات تهريب المخدرات والسلاح إلى الأردن، وكذلك الجماعات المسلحة في العراق التي أعلنت الكثير من المواقف المعادية للأردن. ومع اندلاع حرب غزة، احتشدت قرب الحدود مع الأردن مهددة باجتيازها، في وقت حاولت إعاقة إمدادات النفط أيضاً.

ولا يخرج ذلك الأمر عن سياق العلاقة الأردنية - الإيرانية التي شهدت في أعقاب حرب غزة، اهتزازاً كبيراً كاد أن يطيح بها بالكامل، لولا أن الطرفين يحرصان على بقاء الحد الأدنى من العلاقات الدبلوماسية.

"لا ثقة أردنية بإيران"
ووفق ما يؤكد مسؤول حكومي أردني - فضل عدم ذكر اسمه - لـ"النهار العربي"، فإن "لا ثقة أردنية بإيران"، معتبراً أن "هذا عنوان أساسي يحكم واقع العلاقة ومسارها".

وعن سبب ذلك، يقول المسؤول إن "الأردن وخلال سنوات طويلة، ظل يحاول أن تصل العلاقة إلى حالة من التوازن الذي يفضي إلى استقرارها ثم تقدمها، إلا أن طهران تبدي في كل مرة أنها غير جادة بهذا الخصوص، وتمارس سلوكاً مستفزاً للأردن، لا بل مهددّاً لأمنه واستقراره، والشواهد هنا كثيرة لمن يتابع ملف العلاقة بين البلدين".

ويضيف أن "الأردن قادر على حماية مجاله الجوي، وهو دائماً على أتم الاستعداد لمواجهة أي أخطار تهدد أمنه واستقراره على المستويات كافة، إلا أن ذلك لا يلغي أن يمارس في المقابل دوره السياسي والدبلوماسي، لمحاولة دفع إيران إلى تجنيبه معادلة المواجهة، خصوصاً أن المملكة تؤكد أنها لا تدعم طرفاً على حساب آخر، وأنها تمنع أيضاً إسرائيل من أي خرق لمجالها الجوي".

"طهران جزء مهم من الأزمات"
من جهته، يرى الوزير الأسبق وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية فيصل الرفوع، أن "إيران ورغم أن ظاهر الأمر يشير إلى أن موقفها مساند للقضية الفلسطينية ومقاومتها، إلا أن طهران تعد جزءاً مهماً في أزمات الإقليم إلى جانب تل أبيب، ذلك أن للطرفين مطامع وأجندات تجعل من المنطقة والإقليم مكاناً ملتهباً لا تنطفئ فيه النيران".
ولا يعني كلام الرفوع، وفق ما يؤكد لـ"النهار العربي"، أنه "يقلل أو يصرف الأنظار عن مدى بشاعة وإجرام" إسرائيل واعتبارها "سرطاناً ينخر في أمن المنطقة وسلامها، إلا أن إيران في المقابل عبثت ولا تزال باستقرار العديد من الدول العربية لتحاكي مصالحها وأطماعها التوسعية، والأردن ليس بمنأى عن ذلك".

وفي الحديث تحديداً عن الرد الإيراني المرتقب على إسرائيل، واحتمالية أن تلجأ طهران والجماعات المسلحة التابعة لها لمحاولة اختراق أجواء المملكة كما حدث في نيسان الماضي، فإن الوزير الأسبق لا يستبعد حدوث ذلك مجدداً "كون العلاقة بين عمان وطهران في أسوأ حالاتها من جهة، ومن جهة أخرى فإن إيران معنية برد واسع لحفظ ماء وجهها بعدما تلقت ضربة موجعة جداً باغتيال إسماعيل هنية في عمق عاصمتها، ما يدفعها إلى محاولة استثمار كل الجبهات والأجواء التي يمكنها استثمارها".

وفي ما يتعلق بزيارة الصفدي لطهران، يقول الرفوع إن "الأردن وبالإضافة إلى استعداداته العسكرية للتصدي لأي محاولة اختراق لأجوائه، فإنه بكل تأكيد سيمارس ضغوطاً دبلوماسية على طهران سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء، لتتجنب الأجواء الأردنية، إلا أن استجابة إيران لكل ذلك ليست مضمونة، خصوصاً أنها عادة ما تدعي أن قرار الجماعات المسلحة الموالية لها، يعود للجماعات نفسها".

الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقة
ومن وجهة نظر الخبير في الشؤون الاستراتيجية عامر السبايلة، فإن "الأردن معني بلا شك بأن يجنب نفسه هذا الصراع، وبالتالي ما حدث في نيسان الماضي كان بالنسبة للمملكة مشكلة حقيقية، خصوصاً أن سياستها منذ البداية هي أنها لا ترغب أن تكون جزءاً من هذا الصراع، وأن تجنب أراضيها تداعياته".

ويضيف السبايلة لـ"النهار العربي"، أنه "وقبيل التصعيد الإيراني المتوقع، من الواضح أن الأردن يريد أن يعيد ويكرر موقفه، لكن بأسلوب يتم فيه استغلال الوضع المتغير، لا سيما أن القيادات الإيرانية تنظر إلى التصعيد اليوم بوصفه مفروضاً عليها، لكن تجنيب الأردن معادلة الرد، يدفع بالمقابل باتجاه الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقة بين البلدين، ذلك أن طهران تحتاج إلى خطوات متقدمة بهذا الخصوص لدفع مستقبل العلاقة إلى الأفضل، وهو الأمر الذي يحتاج إلى أن يأخذ وقتاً كافياً وإلى إثبات حسن نوايا، لا سيما أن هناك ملفات شائكة تتعلق بالجماعات المسلحة الموالية لإيران والتي تشكل مصدر خطر على الأردن".
 

اقرأ في النهار Premium