لقد "بدأت مرحلة جديدة لملاحقة الأميركيين داخل العراق وخارجه"، هكذا علّق قيادي في "المقاومة الإسلامية" في العراق على القصف الصاروخي الذي استهدف قاعدة "عين الأسد" في الأنبار، فيما أكّد مصدر سياسي عراقي رفيع المستوى أنّ الهجوم الأخير "أحرج حكومة محمد شياع السوداني".
ويأتي الهجوم على قاعدة "عين الأسد" العسكرية، حيث تتمركز قوات تابعة للتحالف الدولي ومستشارون أميركيون، في وقت تعمل فيه حكومة السوداني على ترتيب ملف انتقال مهمّة التحالف الدولي إلى الجيش العراقي.
ويلفت المصدر السياسي، في تصريح لـ"النهار العربي"، إلى أنّ الحكومة العراقية "باتت عاجزة عن ضبط" الجماعات المسلحة الموالية لإيران، حتى أن محاولات التهدئة، والاجتماعات التي حصلت مع الهيئة التنسيقية العليا للمقاومة "فشلت كلها"، مشيراً إلى أن مسؤولين الفصائل المسلّحة "انتقدوا إجراءات السوداني" في التعامل مع ملف انسحاب القوات الأميركية والتحالف الدولي.
الهدنة انتهت
يقول علي الفتلاوي، القيادي في حركة "أنصار الله الأوفياء": "بعد الهجوم الأميركي على قيادة الحشد الشعبي في جرف الصخر بمحافظة بابل، في نهاية تموز (يوليو) الماضي، عقدت المقاومة الإسلامية اجتماعاً موسعاً للبحث في إمكانيات الردّ"، مؤكّداً أنّ "الهدنة مع الأميركيين انتهت، وعمليات المقاومة ستتوسع، وستكون نوعية، وستتعرّض القواعد الأميركية إلى هجمات متكرّرة في الأيام المقبلة".
ويضيف الفتلاوي لـ"النهار العربي": "الجانب الأميركي يماطل في الخروج من البلاد، وهو الذي جعل الحكومة متردّدة في حسم هذا الملف".
ولم تعلن "المقاومة الإسلامية" العراقية، التي تضمّ فصائل مسلحة عدة تمويلها إيران، صراحةً، مسؤوليتها عن الهجوم الأخير على "عين الأسد". إلا أنّ جماعة جديدة تظهر في الميدان العراقي، وتدعى "ثوريون"، أصدرت أول بيان لها توعدت فيه باستهداف المصالح الأميركية بهجمات جديدة.
ويصف المصدر السياسي هذه الجماعة بأنّها "افتراضية، لا وجود لها إلّا في تطبيق تلغرام، أي لا حضور ميدانياً لها خلافاً لما يُشاع"، مضيفاً أنّ الهدف من هذه التورية تجنّب إحراج الحكومة ورئيسها، وهذه "خطة رسمتها المقاومة الإسلامية في العراق لهذا الغرض".
حال استنفار
ويلفت إلى أنّ "فصائل المقاومة الإسلامية في حال استنفار، وقد نقلت أسلحتها إلى مخابئ أكثر سرّية، تحسباً لأي ضربة أميركية مرتقبة"، في ظل التوتر المتصاعد بين إيران والجماعات الموالية لها في المنطقة من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، على خلفية اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في طهران.
بدوره، يرى الباحث السياسي غازي فيصل أنّ قصف الفصائل المسلحة في العراق قاعدة "عين الأسد" هو إعلان لرفض الهدنة مع الأميركيين واستمرار الهجمات الصاروخية التي تستهدف البعثات الديبلوماسية كالسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، مضيفاً: "هذا أمر غير مستبعد، وسيحدث".
ويقول فيصل، لـ"النهار العربي"، إنّ الأيام المقبلة ستشهد تصعيداً ضدّ المصالح الأميركية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، فهذه "خطة إستراتيجية رسمها المشروع الإيراني لإحكام السيطرة على المنطقة"، لافتاً إلى أنّ هذا الصراع بين الفصائل المسلحة والقوات الأميركية في العراق انعكس سلباً على فرص التنمية في العراق، فـ"أطراف إيران في البلاد تعمل لصالح سياسة ولاية الفقيه، ولا تريد استقرار العراق".
مشاركة استثنائية
إلى ذلك، تستعد بعض الفصائل المسلحة الممولة من إيران، مثل "حركة النجباء" و"حزب الله العراقي" و"الأوفياء"، للمشاركة في المناورة العسكرية التي ستجريها طهران في الأيام المقبلة. وتفيد معلومات خاصة بأنّ هذه المشاركة "استثنائية، تحدث للمرّة الأولى"، ولهذا الأمر دلالات مهمّة، تصبّ في مفهوم "وحدة الساحات" الإيرانية.
وقبل أن تعتقل الأجهزة الأمنية العراقية عدداً من المتهمين باستهداف قاعدة "عين الأسد"، كانت قيادة العمليات المشتركة العراقية قد أعلنت في بيان عن "رفضها القاطع لأي اعتداء من داخل العراق أو خارجه على الأراضي والمصالح والأهداف العراقية، ومن أيّ جهة تنفّذ هذا الاعتداء أو الخرق أو تساعد عليه بطريقة أو بأخرى".
ورفض البيان كل الأعمال والممارسات المتهوّرة التي تستهدف القواعد العراقية، والبعثات الدبلوماسية، وأماكن تواجد مستشاري التحالف الدولي، وكل ما من شأنه رفع منسوب التوتر في المنطقة، أو جرّ العراق إلى أوضاع وتداعيات خطيرة، أو الإضرار بمصالح الدولة المختلفة.