النهار

محافظٌ كردي لكركوك: العرب يقاطعون والتركمان يمتعضون والاستقطاب يشتدّ
رستم محمود
المصدر: النهار العربي
أعاد انتخاب محافظ جديد لمحافظة كركوك التوتر والاستقطاب بين القوى السياسية المحلية، إذ رفضت الكتل غير المشاركة في جلسة الانتخاب مخرجاتها ونتائجها
محافظٌ كردي لكركوك: العرب يقاطعون والتركمان يمتعضون والاستقطاب يشتدّ
كركوك.
A+   A-
أعاد انتخاب محافظ جديد لمحافظة كركوك التوتر والاستقطاب بين القوى السياسية المحلية، إذ رفضت الكتل غير المشاركة في جلسة الانتخاب مخرجاتها ونتائجها، متوعدة بالتصعيد السياسي واللجوء إلى المحكمة الاتحادية بغية إلغاء ما توصلت إليه هذه الجلسة. 
 
في التفاصيل، عقد 9 من أصل 16 عضواً في مجلس محافظة كركوك اجتماعاً في فندق الرشيد بالعاصمة بغداد، هُم 5 أعضاء من "الاتحاد الوطني الكردستاني" و3 أعضاء من المكون العربي من مختلف الكتل السياسية، وعضو مسيحي واحد من حركة "بابليون"، وانتخبوا ريبوار طه من "الاتحاد الوطني الكردستاني" محافظاً لكركوك، ومحمد الحافظ من المكون العربي رئيساً لمجلس المحافظة. 
 
قاطعت الكتلة العربية (3 مقاعد من أصل 16 مقعداً) برئاسة راكان الجبوري، المحافظ الحالي الذي عيّنته الحكومة المركزية بالوكالة، الاجتماع، كما قاطعته كتلة "الجبهة التركمانية" (مقعدان) و"الحزب الديموقراطي الكردستاني" (مقعدان). وقد أعلن هؤلاء المقاطعون في بيانات ومواقف سياسية رسمية رفضهم انتخاب محافظ من دون توافق سياسي واضح بين الكتل والمكونات القومية في المحافظة، كما شكّكوا في شرعية جلسة الانتخاب، بحجة أنها لم تتمّ بناءً على دعوة رئيس السن في مجلس المحافظة، كما عُقدت خارج المحافظة على الرغم من غياب أي مانع أمني أو سياسي من عقدها ضمن المحافظة. 
 
توافق كردي - عربي
يقول مصدر سياسي رفيع في "الاتحاد الوطني الكردستاني" لـ "النهار العربي" إن الجلسة تمّت بعد توافق سياسي بعيد المدى مدته 4 سنوات، بين الاتحاد والكتلة العربية المشاركة في الجلسة، مبني على تسوية يكون فيها المحافظ من الاتحاد خلال عامين كاملين، بينما يكون منصب رئيس مجلس المحافظة والنائب للمكون العربي، على أن تتبدّل المواقع بعد عامين، إلى حين إجراء انتخابات مجلس المحافظة. 
 
يضيف المصدر: "تضمن هذا التوافق السياسي أيضاً توزيعاً واضحاً لكل المناصب الإدارية العليا في المحافظة، سواء مدراء الأقضية والنواحي أو الدوائر الأمنية والخدمية، بما يحقق توازناً قومياً بين القوى السياسية الفائزة في انتخابات مجلس المحافظة"، مؤكّداً أن هذا التوافق مع الكتلة العربية لا يعني أبداً إلغاء الكتل التي قاطعت الجلسة، ولا رفضاً لحقوقها الإدارية، "وتحديداً التركمان والمجموعة العربية المقاطعة و’الحزب الديموقراطي الكردستاني‘، بحسب النسب التي حققتها كل مجموعة ضمن مجلس المحافظة".
 
ضغط من المركز
تقول الباحثة والمحللة السياسية غفران وجدي لـ"النهار العربي": "7 أشهر كاملة منذ إجراء الانتخابات أثبتت استحالة الوصول إلى توافق سياسي محلي. كان يُراد من 5 قوى سياسية شديدة التناقض، لا يجمع بينها حدّ أدنى من الثقة، أن تتوصل إلى توافق بشأن مناصب وملفات ومطالب معقّدة جداً، ترى كل واحدة من القوى أن هذه الملفات تؤثر في مستقبلها السياسي".
 
وتضيف: "بعد فشل الحكومة المركزية في الدفع نحو هذا التوافق، ضغطت قوى المركز لتشكيل منصة تتوافق عليها الكتلتان الكبيرتان في المحافظة، أي العرب والأكراد. وهذا ما حدث. فالقوى المركزية، وعلى رأسها الجهات المنضوية تحت راية "الإطار التنسيقي"، ترى في انتخاب محافظ لكركوك، بأي شكل من الأشكال مع حفظ حصص باقي المكونات في المناصب الإدارية، أداةً لكسر الجمود في المحافظة، وتالياً تيسير باقي الملفات، وهي تتطلع لذلك في المستقبل المنظور".
 
غير قانوني
بحسب الترتيبات القانونية، يحتاج المحافظ الجديد لتبوّء منصبه رسمياً إلى مرسوم رئاسي، ومن بعده يستلم مهمّاته من الجبوري أصولاً، خلال فترة انتقالية تمتد نحو أسبوعين، يراها المحافظون حاسمة لتحديد طبيعة الأوضاع الأمنية في المحافظة. 
 
وكان الجبوري قد أعلن في مؤتمر صحافي رسمي أن "انتخاب محافظ كركوك ورئيس مجلس المحافظة غير قانوني، وسنقدّم شكوى إلى المحكمة الاتحادية"، مؤكّداً أن العديد من المناصب في كركوك "لا تزال شاغرة، وهذا أمر غير قانوني، لأنه يجب تعيين مديري جميع المناصب الإدارية في أثناء انتخاب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة. وبحسب قانون مجالس المحافظة، يجب تشكيل الحكومة المحلية أن يتمّ بالتسوية والاتفاق بين جميع المكونات، ولا يجوز التغاضي عن حقوق أي مكون، لكن تمّ تجاهل حقوق المكونات وقمعها، وهذا أمر غير قانوني". 
 
كذلك، أعلنت "الجبهة التركمانية الموحّدة" في العراق عن امتعاضها مما حدث، وقال رئيسها حسن توران أن الجلسة التي عُقدت في بغداد خالفت هيكل ائتلاف محافظة كركوك الذي شكّله رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، كما خالفت ما توافقت عليه الكتل المختلفة في اجتماعها مع السوداني في 11 تموز (يوليو) الفائت. 
 
انتشار أمني
وأكّد عدد من أهلي كركوك لـ"النهار العربي" أن حالاً من التوتر والترقّب تخيّم على الأوساط الشعبية في المحافظة، مع توسع ملحوظ في انتشار الشرطة والأجهزة الأمنية في المدن الرئيسية بالمحافظة. فقد تجمّع عشرات من أبناء المكون العربي في وسط مدينة كركوك، لكن قوات الشرطة فرّقتهم من دون أي احتكاك. 
 
وتحسباً للأوضاع الحالية، دعا آسو مامند، المشرف العام في "الاتحاد الوطني الكردستاني" على محافظتي كركوك وصلاح الدين، إلى تأجيل أي احتفال أو تجمّع لمناسبة انتخاب المحافظ الجديد. وقال في بيان رسمي: "من أجل استقرار المحافظة، وحساسية الوضع، ندعوكم إلى تأجيل أي احتفال أو تجمع لمناسبة انتخاب محافظ جديد لكركوك إلى إشعار آخر".
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium