النهار

"للعائلات فقط"... مطاعم عراقية تُقصي الشباب بحجة سوء السلوك
بغداد--محمد الجبوري
المصدر: النهار العربي
من وقت إلى آخر، يُثار جدل حاد داخل العراق حول إجراءات تمارسها أغلبية المطاعم في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى، تهدف إلى منع الشباب من الدخول إليها.
"للعائلات فقط"... مطاعم عراقية تُقصي الشباب بحجة سوء السلوك
مطعم في بغداد (أ ف ب)
A+   A-
من وقت إلى آخر، يُثار جدل حاد داخل العراق بشأن إجراءات تمارسها غالبية المطاعم في بغداد ومحافظات أخرى، تهدف إلى منع الشباب من الدخول إليها. وهي ظاهرة يصفها مواطنون هناك بأنّها "غير حضارية وغير مبرّرة قانونياً"، لأن لا قانون يحصر الدخول إلى المطاعم بالعائلات وحدها.
 
في 20 تموز (يوليو) الماضي، قرّر مالك وصديقه أن يرتادا مطعماً مطلاً على دجلة وسط بغداد، لتناول السمك وتدخين النرجيلة. وبعدما جلسا في الصالة، جاء مسؤول في المطعم متأسفاً، وسألهما المغادرة. ويروي مالك لـ"النهار العربي": "قال لنا هذا المطعم مخصّص للعائلات، ولا يُسمح للشباب بالدخول إليه".
 
ويضيف مالك: "هذه ليست المرّة الأولى نتعرّض فيها لهذا الموقف المحرج"، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب لم يكن منتشراً في بغداد سابقاً لكنه يتزايد اليوم، و"هذا برأيي وجه من وجوه السياسة القمعية الجديدة وشكل من أشكال تقييد الحرّية الشخصية".
 
القصة نفسها حصلت لمصطفى، ويقول لـ"النهار العربي": "عندما يشدّك مطعم بإعلاناته الترويجية، وترغب بتجربة أطباقه، تذكّر أنّ عليك اصطحاب أختك أو صديقتك أو أي فرد من أفراد عائلتك، وإلّا أحرجوك فأخرجوك"، مضيفاً أنّ هذا الأسلوب الجديد في المطاعم وحتى في المراكز التجارية الكبيرة "يهدف إلى زيادة الأرباح" حتى لو تمّ ذلك على حساب فئة الشباب بإقصائهم وحرمانهم من أي ترفيه، ولو كان بسيطاً.
 
احترازي!
ويتابع مصطفى، وهو خريج جامعي، قائلاً إنّ "ثمة شباناً لائقين، ينمّ سلوكهم عن تربية عالية وأخلاق رفيعة، وعليه لا يجوز إطلاق الأحكام المسبقة وتعميمها"، مؤكّداً أنّ استخدام أساليب التمييز والفصل هذه "تصبغ بغداد بطابع المدينة غير المدنية، شبابها غير متعلّم وغير مؤدّب، بينما الواقع مغاير، فمعظم المطاعم والمراكز التجارية التي تعتمد هذا التدبير الإقصائي بحق شباب العراق تابعة لاستثمارات حزبية وجهات إسلامية متنفذة".
 
في المقابل، يدافع علاء التميمي، الذي يدير أحد مطاعم منطقة زيونة في بغداد، عن هذا التدبير الذي يصفه بـ"الاحترازي"، ويردّه إلى أنّ الشباب يميلون إلى "افتعال المشاكل، والتصرّف بطرق غير لائقة، والتحرّش بالفتيات وغير ذلك"، كما يقول لـ"النهار العربي".
 
ويؤكّد التميمي أن الهدف من هذا التدبير هو "الحدّ من ظاهرة التحرّش بالفتيات، فالأسر تأتي إلى المطعم باحثة عن الهدوء والترفيه، لا عن الضوضاء والمشكلات"، مذكّراً بأنّ العراق مجتمع إسلامي "وهناك عادات وتقاليد عشائرية ينبغي احترامها".
 
محدثو النعمة
يتهم المواطن حسين الخفاجي المطاعم الراقية في بغداد، والتي تنفق أموالاً طائلة على إعلاناتها، بأنها تحمل "التعريف الحرفي للتمييز الجنسي في أقبح صوره، فما أن تدخلها منفرداً أو ضمن مجموعة من الشبان حتى تلقى أسوأ معاملة، وإن نجحت في الجلوس إلى إحدى الموائد، تجاهل النادل نداءك مراراً، لتشعر بأنك منبوذ... لأنك شاب، لا أكثر".
 
ويضيف الخفاجي لـ"النهار العربي": "هذه المؤسسات ليست مضطرة لاستقبال الشباب، ونتفهم حصر الدخول إليها بالعائلات، أو الأزواج، حينها سيوفّرون علينا الحرج... لكنهم في الواقع يسمحون للشباب بالدخول، ثم يعاملونهم بشكل سيئ".
 
ويرد الخفاجي ذلك إلى "ستيغما اجتماعية، أقل ما يُقال فيها إنّها غبيّة، أو هو أمر مدفوع بتخلّف مالك المطعم ونظرته إلى الشباب على أنهم عنوان الانحراف، وهذا يعكس البيئة التي أتى منها، خصوصاً أن أغلبية أصحاب هذه المؤسسات هم من حديثي النعمة الذين انتفعوا مؤخّراً من النظام السياسي بعدما كانوا فقراء، ومعيب جداً أن يعاملوا الشباب العراقي المتحضّر بهذا السوء".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium