النهار

الأردن يطوي صفحة الانتخابات... هل يُوسّع الإسلاميّون نفوذهم في البرلمان؟
عمّان - محمد الرنتيسي
المصدر: النهار العربي
تتجه الأنظار إلى انطلاق أعمال البرلمان، وسط تحالفات مرتقبة بين الأحزاب والتيارات الفاعلة فيه، لمعرفة ما إذا كان حزب "جبهة العمل الإسلامي" سيتمكن من توسيع دائرة نفوذه بتحالفات تمكنه من تشكيل القوة الغالبة في إدارة المشهد.
الأردن يطوي صفحة الانتخابات... هل يُوسّع الإسلاميّون نفوذهم في البرلمان؟
امرأة أردنية لدى وصولها للإدلاء بصوتها في مركز اقتراع في عمان. (ا ف ب)
A+   A-
يترّقب الأردنيون محطات مسار التحول الديموقراطي الذي انطلق قبل ما يزيد على 3 سنوات، عندما أوعز الملك عبد الله الثاني بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية برئاسة رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي. طوت المملكة قبل أيام صفحة الانتخابات البرلمانية، بوصفها المحطة الأولى في اختبار نجاح المسار من عدمه، بانتظار الانطلاق إلى مرحلة أداء البرلمان الذي يشكل فيه حزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسليمن"، القوة الأبرز طبقاً لما أظهرته نتائج الانتخابات.

وأداء البرلمان، من أهم المحطات المهمة إن لم يكن أهمها، ذلك أن التحديث السياسي يهدف من بين ما يهدف إليه، إلى استعادة ثقة الأردنيين به بعدما اهتزت على نحو كبير على مدى دورات عدة، وذلك بتمكين الأحزاب من الوصول إلى المجلس بتخصيص 41 مقعداً لها من أصل 138 ستزداد تباعاً خلال الدورتين المقبلتين، للوصول إلى برلمان قائم على العمل الجماعي والبرامجي، وصولاً إلى تشكيل حكومات برلمانية تقودها الأحزاب.

وتتجه الأنظار إلى انطلاق أعمال البرلمان، وسط تحالفات مرتقبة بين الأحزاب والتيارات الفاعلة فيه، لمعرفة ما إذا كان حزب "جبهة العمل الإسلامي" سيتمكن من توسيع دائرة نفوذه بتحالفات تمكنه من تشكيل القوة الغالبة في إدارة المشهد، أو أن الأحزاب الأخرى والقوى التقليدية ستتمكن من إنشاء تحالف يحد من سطوة الحزب الإسلامي الذي فاز بـ31 مقعداً، بينها 17 من أصل 41 مقعداً مخصصة للتنافس الحزبي، وبفارق كبير عن بقية الأحزاب.

"تغير جوهري في العقل الرسمي"
يقول الكتاب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات إن الشكوك "لطالما حامت حول نزاهة العمليات الانتخابية في الأردن، وعززتها اعترافات مسؤولين سابقين بتدخلهم الصريح والمباشر في الانتخابات ولمرات متعددة، وهذا السلوك أضعف الثقة بالعملية الانتخابية واعتبرها الكثيرون مجرد أداة في يد الحكومات تستخدمها لصناعة النخب وتعزيز تضامناتها الاجتماعية والقوى الداعمة للحكم، ما رسّخ القناعة لدى الكثير بأن إصلاح الحال من المُحال".

ويوضح الحوارات في حديث إلى "النهار العربي" أن "المعطيات كانت تشير إلى أن الصندوق الانتخابي كان مكبلاً بقيود لا يمكن الانفكاك منها، وأن هذه القناعة أضعفت الثقة بالدولة وأجهزتها ورسخت القناعة بأنها تدار من قبل مجموعة صغيرة تستثمر كل شيء لمصلحتها الخاصة، كل ذلك أفرغ مخزون الثقة بها وبأجهزتها وأدواتها إلى الحد الذي بات أي فعل يقوم به أي مسؤول موضع شك وريبة وتساؤل". 

لكن ومع ظهور نتائج الانتخابات، يستدرك الحوارات أن "ثمة تغيراً جوهرياً طرأ على العقل الرسمي وعلى مستويات عدة، فشفافية التصويت ومصداقية النتائج ونزاهتها، تشير إلى أن الدولة وأجهزتها جادة في تطبيق الوعود السابقة التي رافقت عملية التحديث وتلتها، وهذا أعطى شعوراً بالارتياح العام بأن الدولة بدأت تتغلب على مخاوفها وترددها من أن الانفتاح قد يقود إلى أخطار لا تُحمد عقباها، وكانت تستشهد بما حصل في العديد من الدول المجاورة من اضطرابات".

ويرى أن "الخيارات كانت محدودة أمام مستويات صنع القرار في مواجهة واقع معقد من كل النواحي الخارجية منها والداخلية، فكان إشراك المجتمع في صناعة القرار أو على الأقل اطلاعه مباشرة على آليات صنعه، قراراً موفقاً وحكيماً، ذلك أن نزاهة العملية برمّتها ستضع المواطن من جديد في مواجهة قراءة جديدة وتقييم جديد للدولة وأجهزتها، وهذا قد يعيد ترميم الثقة المفقود والمواطنة الهلامية والهشة".

ويخلص الحوارات إلى القول: "إذا ما أردنا توصيف المشهد كما يفعل الفرنسيون عندما يغيّرون نصاً مؤسساً في الدستور أو يغيرون شيئاً جوهرياً في آلية الحكم، يطلقون رقماً جديداً على تسمية الجمهورية مثل الجمهورية الثانية أو الثالثة وهكذا"، متسائلاً بهذا الخصوص "ما إذا كان يمكن بناءً على هذا التصنيف الفرنسي، إطلاق لقب المملكة الثانية على الأردن بسبب ما يحصل من تغيرات جوهرية". 

"البرلمان بانتظار صراع التحالفات"
بالنسبة إلى المرشح الذي لم يحالفه الحظ أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر الحديد، فإن "الأردن استطاع رغم اشتعال المنطقة من حوله، أن يجري انتخابات أجمع الكل على نزاهتها وشفافية إجراءاتها، ولم تظهر أي اتهامات بالتزوير أو بالتدخلات الرسمية، كما كان يظهر سابقاً".

ويعتبر الحديد في حديث إلى "النهار العربي" أن "الاكتساح الذي حققه حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض، يعد أيضاً أحد الأدلة إلى نزاهة الانتخابات".

وفي رده على سؤال "ماذا بعد الانتخابات؟" يؤكد الحديد أن "أعضاء مجلس النواب المقبل، سواء من يمثلون الأحزاب أم العشائر أم المستقلون وغيرهم، الجميع يجب أن يكونوا معنيين باستمرار نجاح تحديث المنظومة السياسية، وتقديم أداء يقلب تماماً صورة أداء برلمانات سابقة"، متوقعاً أن "يشهد البرلمان صراعات ديموقراطية ساخنة تتعلق بعقد التحالفات وبسط النفوذ".

ولا يرجح الحديد أن "يتمكن الإسلاميون من توسيع نفوذهم في البرلمان، في ظل قوى أخرى عديدة تحت القبة ستعمل على سحب البساط من تحت أقدامهم"، مستدركاً أن "ذلك يظل مرهوناً بمدى القدرة على تشكيل تحالف كبير في مواجهتهم".

 
 

اقرأ في النهار Premium