النهار

الأردن... حكومة جديدة أمام ملفّات سياسيّة واقتصاديّة ثقيلة
عمّان - محمد الرنتيسي
المصدر: النهار العربي
تجد الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة الدكتور جعفر حسان نفسها أمام ملفات سياسية واقتصادية معقدة، وسط اشتداد الأزمات التي تواجهها المملكة جراء الصراعات التي تحيط بها، لا سيما في ما يتعلق بالحرب في غزة.
الأردن... حكومة جديدة أمام ملفّات سياسيّة واقتصاديّة ثقيلة
الهم المعيشي بالنسبة إلى الأردنيين يتصدّر كل الملفات
A+   A-
تجد الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة الدكتور جعفر حسان نفسها أمام ملفات سياسية واقتصادية معقدة، وسط اشتداد الأزمات التي تواجهها المملكة جراء الصراعات التي تحيط بها، لا سيما في ما يتعلق بالحرب في غزة.

وتواجه الحكومة أيضاً ذروة تحول في المشهد الإصلاحي السياسي الداخلي، بعد الانتخابات البرلمانية في العاشر من الشهر الجاري، ذلك أن الرئيس الجديد وفريقه الذي لم يتم اختياره بعد، سيكونون أمام مجلس نواب مختلف عن سابقيه، كونه يحمل طابعاً حزبياً، ويمثل فيه حزب "جبهة العمل الإسلامي" المعارض القوة الأكبر من بين الأحزاب الفائزة.

إلا أن الهم المعيشي بالنسبة إلى الأردنيين، هو الذي يتصدر كل الملفات ويعد الأكثر أهمية، في ظل تعاظم تحديات الفقر والبطالة، وتجاوز الدين العام في البلاد حاجز الـ50 مليار دولار، واعتماد المملكة على القروض والمساعدات الخارجية.

ورحلت حكومة الرئيس السابق الدكتور بشر الخصاونة بعد 4 سنوات على تشكيلها بانتقادات ظل معظمها يتعلق بالملف الاقتصادي، وأثار القرار الأخير لها رفع أسعار منتجات التدخين والسيارات الكهربائية بنسب عالية موجة استياء كبيرة.    


"الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص"
ووفق ما يقول لـ"النهار العربي" الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت، فإن "حكومة الخصاونة، رغم جهدها وإخلاصها، واجهت تحديات واضحة في البداية، فقد تبين أنها لم تكن متجانسة تماماً وافتقرت إلى خطط وحلول واضحة في مجال الاقتصاد، بالإضافة إلى ذلك، لم تكن هناك شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، رغم توجيهات الملك في هذا الصدد، فالقطاع الخاص، باعتباره على دراية عميقة بأمور الاقتصاد، لم يُستشر بالشكل المطلوب في العديد من القرارات المهمة".

وفي ما يخص النمو الاقتصادي، يؤكد الساكت أن الحكومة لم تنجح في تحفيز القطاعات الاقتصادية مثل الصادرات، بل شهدت تلك القطاعات تراجعاً، ورغم انخفاض معدلات البطالة إلى 9%، إلا أن هذا الرقم لا يزال مرتفعاً ولم تُتخذ خطوات فعالة لمعالجته، كما أن الاستثمارات لم تزد، ولم تُحقق الاستثمارات الحالية أهدافها بشكل صحيح. إضافة إلى ذلك، غابت الاستفادة من رؤية التحديث الاقتصادي التي أُصدرت معها خطة تنفيذية لكنها كانت قاصرة في تنفيذها.

ويلفت الساكت إلى أن "الأرقام المتعلقة بالناتج المحلي والرقم القياسي للإنتاج الصناعي تراجعت خلال السنوات الثلاث الماضية، ما يدل إلى أن الحكومة لم تنجح في تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي أو تنشيط القطاعات الاقتصادية ومعالجة قضايا الفقر والبطالة، كما أن أزمة باب المندب أثرت سلباً على القطاعات الإنتاجية وتأخرت الحكومة في إيجاد حلول مناسبة لهذه المشكلة". 

ولعل المضي في رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقت عام 2022، وتحقيق نتائج وإنجازات يلمس أثرها الأردنيون، ستكون المهمة الأبرز للحكومة لإثبات أن الخطط والاستراتيجات التي تروجها الدولة ليست حبراً على ورق. 

ومن بين أبرز ما تركز عليه تلك الرؤية، هو مضاعفة الاستثمار وكذلك فرص العمل، وتحسين معدل النمو الاقتصادي والنهوض بنوعية الحياة.

"الحكومة ستواجه مهمة معقدة"
سياسياً، يقول الناشط الحزبي محمد أمين إن "الحكومة ستواجه مهمة معقدة في إدارة المشهد السياسي الجديد في البلاد، خصوصاً في ما يخص العلاقة مع مجلس النواب والأحزاب، باعتبار أن المجلس الجديد سيكسر الصورة النمطية بشأن أداء النواب، وسيكون برلماناً سياسياً تقوده الأحزاب، بدلاً من القوى التقليدية التي حولته إلى مجلس خدمات".

ويضيف أمين أن "المضي في منظومة التحديث السياسي التي تشهدها المملكة، تتطلب حكومة بعقلية منفتحة تكون قادرة على إحداث توازنات في علاقاتها مع مختلف القوى الحزبية والتيارات السياسية، خصوصاً المعارضة منها".

وعلى صعيد السياسة الخارجية، يتوقع الناشط الحزبي، أن "يركز الخطاب الحكومي على ضرورة تمتين الجبهة الداخلية أكثر فأكثر، في ظل التهديدات والتحديات التي تلقي بظلالها على أمن الأردن واستقراره"، لافتاً إلى أن "ملف السياسة الخارجية بالأساس هو ملف سيادي تقوده مراكز صنع القرار العليا في الدولة لا الحكومة المطلوب منها بالأصل أن تدير المشهد الداخلي".

تفاؤل شعبي بالرئيس الجديد
وأبدى الأردنيون في أعقاب الإعلان عن اسم رئيس الوزراء الجديد البالغ من العمر 56 عاماً، تفاؤلهم به، لا سيما أن سيرته الذاتية تعج بالخبرات الاقتصادية، وهو مؤلف كتاب "الاقتصاد السياسي الأردني: بناء في رحم الأزمات".

ويحمل حسان درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والاقتصاد الدولي من جامعة جنيف، وماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد، وماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بوسطن، وبكالوريوس في العلاقات الدولية من الجامعة الأميركية في باريس، وسبق أن شغل منصب مدير مكتب الملك، ومستشار الملك للسياسات، ومستشاره أيضاً للاتصال والتنسيق، كما شغل منصب وزير التخطيط، ونائب رئيس الوزراء ووزير دولة للشؤون الاقتصادية، بالإضافة إلى مناصب دبلوماسية، إذ كان قائماً بالأعمال ونائباً للسفير الأردني في واشنطن.

 
 

اقرأ في النهار Premium