النهار

حملات انتخابية تتلطى خلف الرموز العشائرية والدينية في إقليم كردستان
رستم محمود
المصدر: النهار العربي
إلى جانب الخطابات السياسية والوعود الخدمية والاقتصادية، فإن مختلف الأحزاب والقوائم الانتخابية تنزع لاستخدام واسترضاء زعماء العشائر والوجهاء المحليين، إلى جانب شيوخ وقادة الطرق الدينية.
حملات انتخابية تتلطى خلف الرموز العشائرية والدينية في إقليم كردستان
ملصقات انتخابية في كردستان العراق.
A+   A-
تستمر حملة الانتخابات البرلمانية في مختلف مُدن ومناطق إقليم كردستان العراق، على وقع منافسة سياسية شديدة بين الأقطاب الثلاث في العملية السياسية: الحزبان الرئيسيان وهما الاتحاد الوطني والديموقراطي الكردستاني، وفي مقابلهما الأحزاب المعارضة لهما جذرياً.
 
تركز الحملة الانتخابية للحزب الديموقراطي الكردستاني على الإنجازات الاقتصادية والتنموية التي حققتها الحكومة المحلية بقيادته خلال السنوات الست الماضية، مؤكدة أن الديموقراطي الكردستاني بقي محافظاً على المصالح العليا لإقليم كردستان خلال هذه الفترة، في مواجهة مساعي القوى السياسية المركزية والحكومة الاتحادية تقويض سلطات الإقليم الفدرالية، وعدم تطبيق المواد الدستورية العالقة بين الطرفين. 
 
على النقيض من ذلك تماماً، تتصرف حملة الاتحاد الوطني الكردستاني الانتخابية، على الرغم من مشاركته في الحكومة الإقليمية، وكأنه حزب سياسي معارض في إقليم كردستان، فمجموع الشعارات والبرامج الانتخابية التي يطلقها تتمحور حول "التغيير" و"استرداد السلطة" و"القطيعة مع المرحلة الماضية"، مصوباً نحو شريكه في الحكم منذ ثلاثة عقود، الحزب الديموقراطي الكردستاني.
 
ثلاث معارضات
أحزاب المعارضة في إقليم كردستان مصنفة إلى ثلاثة مستويات: المعارضة الرسمية التي تمثلها حركة التغيير الكردية "كوران"، والتي تعاني ضعفاً وتفككاً شديداً بسبب الصراعات الداخلية بين أقطابها، منذ انعقاد المؤتمر الأخير للحركة قبل عام؛ وإلى جانبها الحزبان الإسلاميان الرئيسيان، الاتحاد الإسلامي الكردستاني الذي يمثل حركة "الإخوان المسلمين"، وحركة العدل الكردستانية، من التيار السلفي الإسلامي، والتي تعتمد حملتها على القضايا الثقافية والأيديولوجية. 
 
لكن، إلى جانب كل هؤلاء، ثمة ثلاثة تيارات شعبوية تقود حملات مركزة ضد السلطة الحاكمة في إقليم كردستان، فحراك "الجيل الجديد" برئاسة رجل الأعمال شاصوار عبد الواحد، والذي يملك 12 مقعداً في البرلمان الحالي، يتوعد الحزبين الرئيسيين بإزالتهما من السلطة ومحاكمة قادتهما، مخاطباً أيضاً الطبقات الاجتماعية الأكثر فقراً في الإقليم. لكن حملتي الحزبين الرئيسيين تقولان إن حراك "الجيل الجديد" مدعوم من القوى المركزية في العراق، لإضعافهما وإضعاف إقليم كردستان. 
 
مثل الحراك، يقود السياسي الشاب علي حمه صالح، المنشق عن حركة التغيير الكردية المعارضة "كوران"، لائحة انتخابية خاصة في محافظة السليمانية، مستمداً كل الشعارات التي كانت للحركة سابقاً، قبل مشاركتها في الحكومة الحالية. كذلك، يقود الزعيم المشترك السابق للاتحاد الوطني الكردستاني لاهور شيخ جنكي قائمة انتخابية خاصة، مناهضة تماماً للزعيم الحالي للاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، معتمداً ومتأملاً الحصول على الأصوات الانتخابية المناهضة لطالباني ضمن تنظيمات الاتحاد الوطني. 
 
استرضاء العشائر
إلى جانب الخطابات السياسية والوعود الخدمية والاقتصادية، فإن مختلف الأحزاب والقوائم الانتخابية تنزع لاستخدام واسترضاء زعماء العشائر والوجهاء المحليين، إلى جانب شيوخ وقادة الطرق الدينية، إذ ثمة نسبة عالية من أبناء هؤلاء القادة الأهليين وأقاربهم. ولوحظ حرص جميع المرشحين على إظهار خلفياتهم العشائرية والدينية، فإلى أسمائهم الرسمية، يضيفون أنسابهم العشائرية أو روابطهم العائلية مع تيار ديني أو آخر. كذلك، نقلت الحملات الانتخابية لمختلف المرشحين مقاطع مصورة لمشاركة المرشحين في المناسبات الدينية والعشائرية. 
 
أشار المراقبون إلى أن الأحزاب السياسية في الإقليم لم تعد تعتمد على تقديم منح مالية للزعماء المحليين، فهي متأكدة من أن مثل تلك المنح لا تؤثر في القواعد الناخبة التي تتأثر بالأساس بمصالحها وخدماتها المباشرة، المستمدة منها بالذات، مثل الرواتب والكهرباء والصحة والتعليم، فأغلبية واضحة من سكان إقليم كردستان صارت من سكان المدن. 
 
يقول الباحث والكاتب السياسي ولات جمآني، لـ"النهار العربي"، إن ثمة فضاءين للمنافسة السياسية في إقليم كردستان، متأتيين من التاريخ السياسي لما عاشه الإقليم خلال العقود الماضية، مضيفاً: "في المحصلة، يشغل الحزبان الرئيسيان موقعاً خاصاً في الحياة السياسية لكردستان، فلكل منهما عشرات الآلاف من الضحايا الذين يشكلون مع عائلاتهم نسبة سكانية واضحة. كذلك فإن الحزبين يقومان على بنية تنظيمية ضخمة للغاية، تبلغ مئات الآلاف من المنظمين، وهؤلاء هم في رأس الهرم البيروقراطي والاقتصادي والخدمي والتعليمي في الإقليم، ومثلهم ثمة مئات الآلاف من المناصرين الأيديولوجيين، فالحزبان قادا حركة التحرر القومية الكردية".
 
تتقلص أو تكبر
بحسبه، يؤدي ذلك كله إلى أن يكون لهما كتلة برلمانية مقطوعة في كل انتخابات جرت من قبل، لم تقل في أي وقت عن 70% من مجموع المقاعد. يقول: "تتنافس باقي الأحزاب والقوائم الانتخابية على الكتلة المتبقية التي تتقلص وتكبر بحسب الأزمات السياسية والاقتصادية في إقليم كردستان، لكنها لا تشكل أبداً بديلاً من الحزبين الرئيسيين، ولأجل ذلك يبقى السؤال الجوهري عن إمكانية توصل الحزبين إلى ائتلاف حكومي. وبحسب ذلك،  يتضح إن كان إقليم كردستان سيواجه أزمة سياسية في كردستان أم لا".
 
تجري الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان في 20 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وتشرف عليها المفوضية العراقية المستقلة للانتخابات لأول مرة، ويشارك فيها 1190 شخصاً، ضمن 136 قائمة انتخابية. 
 
وكان رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني قد دعا إلى "إجراء حملة انتخابية هادئة وحضارية"، وحث التيارات المتنافسة على "تقديم برامج انتخابية تكون محل ثقة المواطنين في إقليم كردستان... وينبغي أن تكون الحملة الانتخابية خالية من التوترات بين الجهات السياسية، وألا تؤدي إلى تقسيم المجتمع، وتعكس ثقافة وتراث التنوع في المجتمع ومكوناته".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium