تزايدت المؤشرات إلى اختراق دبلوماسي قريب بين واشنطن والرياض يتعلق باتفاق أمني بين الجانبين يشمل الدفاع وبرنامجاً نووياً مدنياً، في وقت لا تزال "صفقة كبرى" تشمل إسرائيل مرهونة بمسار جدي نحو إنشاء دولة فلسطينية.
وشكلت الصيغة شبه النهائية لمجموعة من مشاريع الاتفاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والسعودية محوراً رئيسياً في المحادثات بين مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض، ومع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وشملت المحادثات في الرياض الجهود المشتركة بين الجانبين في الشأن الفلسطيني "لإيجاد مسار ذي صدقية نحو حل الدولتين بما يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة"، فضلاً عن المستجدات الإقليمية بما في ذلك الأوضاع في غزة وضرورة وقف الحرب فيها، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.
ويقول مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق ميك ميلروي لـ"النهار" إن واشنطن تعتقد أن التطبيع بين إسرائيل والسعودية يمكن أن يؤدي إلى تحالف ضد جهود إيران المزعزعة للاستقرار، كما يمكن أن يسهل التقريب بين إسرائيل والشعب الفلسطيني لبدء محادثات حقيقية تؤدي إلى حل الدولتين.
وكان دبلوماسيون أجانب في الخليج، ومصادر أميركية قد رجحوا أن يتعلق الجزء الأميركي - السعودي من الخطة بضمانات أميركية رسمية للدفاع عن المملكة، بالإضافة إلى حصول السعودية على أسلحة أميركية أكثر تقدماً، مقابل وقف مشتريات الأسلحة الصينية.
ولفتت مصادر مطلعة إلى أن الاتفاق الأمني الأميركي – السعودي المزمع، يمكن أن يتضمن "تبادل التقنيات الحديثة مع الرياض، بما في ذلك المتعلقة بالذكاء الاصطناعي".
وكان المفاوض الأميركي السابق آرون ديفيد ميلر قد أبلغ إلى "النهار" أن ميثاقاً أمنياً يتألف من ميثاق دفاع مشترك، ودعم المفاعل النووي السعودي الناشئ بات "قريباً جداً". إلا أنه لفت إلى أن "معاهدة دفاعية ستكون صعبة من دون وقف النار في غزة والتزامات كبيرة من جانب هذه الحكومة الإسرائيلية تجاه دولة فلسطينية. ونحن بعيدون جداً حتى عن إمكانية حدوث ذلك".
ويكتسب الاتفاق الأمني المحتمل أهمية كبيرة في إطار العلاقات الثنائية بين واشنطن والرياض بعد فترات من التوتر.
عموماً، يوفر ميثاق أمني أميركي - سعودي مزايا عدة في مجال الطاقة النووية المدنية. فباعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، لا تبدو السعودية للوهلة الأولى مرشحاً بارزاً لإبرام اتفاق نووي عادة ما يهدف إلى بناء محطات الطاقة لتوليد الكهرباء.
لكن بموجب رؤية السعودية 2030 الطموحة التي أطلقها ولي العهد، تسعى المملكة إلى توليد طاقة متجددة كبيرة وخفض الانبعاثات. ومن المتوقع أن تشارك الطاقة النووية في جزء من ذلك على الأقل.
ومن القضايا التي كانت عالقة في هذا المجال ما إذا كانت واشنطن ستوافق على بناء منشأة لتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، ومتى يمكنها أن تفعل ذلك، وما إذا كان يمكن لموظفين سعوديين دخولها، أم أنها ستدار من موظفين أميركيين فقط في سياق ترتيب يتيح سيطرة أميركية حصرية على المشروع.
والمسألة الأخرى هي ما إذا كانت الرياض ستوافق على القيام باستثمار سعودي في محطة لتخصيب اليورانيوم مقرها الولايات المتحدة، تكون مملوكة لواشنطن، أو ما إذا كانت ستوافق على الاستعانة بشركات أميركية لبناء مفاعلات نووية سعودية.
وتعد النقاشات جزءاً من الجهود الأميركية لتأمين صفقة كبيرة تشمل تطبيع المملكة العربية السعودية وإسرائيل لعلاقاتهما الدبلوماسية، ولكنها تعتمد على استعداد إسرائيل لمنح تنازلات للفلسطينيين.
وقال مسؤولون ومحللون أميركيون إن الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر بين إسرائيل وحركة "حماس" في غزة يجب أن تنتهي قبل التوصل إلى اتفاق ثلاثي نهائي.
ونسبت صحيفة "الفايننشال تايمز" إلى مسؤول أميركي قوله: "لدينا مجموعة شبه نهائية من الترتيبات ستكون العناصر الثنائية لهذه الصفقة، ونعتقد حقاً أن الصفقة السعودية موجودة إلى حد كبير"، ولكن "هناك عناصر منها، بما في ذلك مسار موثوق للفلسطينيين وأيضاً بعض العناصر الأخرى، لا يزال يتعين استكمالها"، مؤكداً أن الأزمة "بحاجة إلى الانحسار لفتح المجال لذلك".
في البداية، بدا أن "الصفقة الكبرى" بين الدول الثلاث محكوم عليها بالفشل بعد هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر)، والحرب الإسرائيلية على غزة التي بددت الآمال بإحراز تقدم في إقامة الدولة الفلسطينية، أحد مكونات الصفقة الثلاثية.