يوم 28 آب (أغسطس) من كل عام هو يوم المرأة الإماراتية، أطلقته الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات" عام 2015، ليعكس التزام الإمارات المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، وترسيخ دورها في المجتمع، حتى صار هذا اليوم احتفاءً بما أنجزته المرأة الإماراتية، وبدورها المحوري في تشكيل مستقبل الوطن.
روضة المنصوري، سحر الرستي وإيمان الهاشمي، ثلاثة نماذج لنساء إماراتيات حقّقن ذواتهن كل واحدة في مجالها، في الرياضة والموسيقى وقيادة السفن، بدعم من حكومة بلادهن الرشيدة.
أول حكم كروي إماراتية
طرقت روضة المنصوري باب التحكيم في كرة القدم في عام 2021، لتقود مباريات المنتخبات العربية المشاركة في بطولات كرة القدم، للذكور والإناث. إنها أول إماراتية تتولى مهمات تحكيمية في هذه اللعبة، تقول لـ"النهار": "كانت بداياتي في التحكيم للمراحل السنّية التي تعلمت منها الكثير، وشاركت في العديد من الورش التعليمية والاجتماعات الأسبوعية التي صقلت معرفتي بقوانين كرة القدم".
وتضيف المنصوري: "يتمثل دعم الحكومة للرياضيات في دعم المؤسسات والاتحادات المتخصصة لاستقطاب السيدات في كل مجالات الرياضة، سواء كلاعبات أم حكمات أم مدرّبات، ويعود الفضل في وصولي لمراحل عليا في التحكيم إلى دعم اتحاد الإمارات لكرة القدم، ممثلاً بمعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان، رئيس الاتحاد، وجميع أعضاء مجلس الإدارة، إضافة إلى لجنة الحكّام المعنية بتطوير المواهب التحكيمية وتدريبها وتعليمها الحكام حيثيات التحكيم وقوانين لعبة كرة القدم، إلى جانب مدربي اللياقة الذين يولون تطوير لياقة الحكام البدنية اهتماماً كبيراً. وبفضل هذا الدعم، تمكنت من إدارة نهائي كأس رئيس الدولة كحكم رابع، وإدارة مباراتين في دوري المحترفين، ومباراة في دوري الدرجة الأولى كحكم ساحة".
السيدة القبطان
مهما كان الموج عالياً، تمكنت سحر الرستي من التغلّب عليه، لتثبت لأهلها ومحيطها أنها تستطيع خوض مجال بقي حكراً على الرجال، حتى في الغرب، وهو الملاحة البحرية وقيادة السفن.
وتقول الرستي لـ"النهار": "لم يتقبّل الأهل فكرة خوضي هذا المجال، فنحن نعيش في مجتمع محافظ، تهيمن عليه المخاوف. تسلّحت بالإصرار، تحدّيت الصعوبات، وحصلت على دبلوم في إداره الأعمال، وشهادة الجدارة كقبطان للسفن التجارية حتى 24 متراً، ثم درست الملاحة البحرية وقيادة السفن".
تعبّر الرستي عن سعادتها بتبدّل نظرة أهلها إليها "بعدما أبحرت قائدةً لأول سفينة بنجاح، وأصبحوا أول الداعمين لي، ولا أنسى فضل الشيخة فاطمة بنت مبارك التي كانت دائماً مصدر إلهام ودعم للمرأة الإماراتية في كل المجالات، وكان دورها حاسماً في تمكيني، وتمكين كل امرأة، لتثبت نفسها وقدراتها في مجالات جديدة".
وبحسبها، فإنّ القيادة الرشيدة في دولة الإمارات "تؤمن إيماناً عميقاً بأن للمرأة دوراً كبيراً في مسيرة الازدهار والتنمية والابتكار في البلاد، وهي جزء أساسي في المجتمع"، مهما واجهت من صعوبات، مضيفةً: "أصعب ما في الأمر هو الموازنة بين المهني والشخصي، إذ يتطلب عملي مني سفراً طويلاً وعملاً لساعات ممتدة، كما أن بيئة العمل نفسها ليست سهلة، فهي تحتاج إلى تركيز مستمر وثبات في الظروف الصعبة، إضافة إلى الصبر والإصرار على تحقيق الأهداف".
وفي لحنها طربٌ
ربما يكون اسم إيمان الهاشمي مألوفاً بين محبي الموسيقى والفنّ في الخليج العربي. فهي أول ملحّنة ومؤلّفة نوتة وموزّعة موسيقية ومؤلفة موسيقى تصويرية للأعمال الدرامية العربية، كما تخوض مجال الكتابة.
تقول الهاشمي لـ"النهار": "بدأت العزف صدفة، تلبية لهبة ربانية، إذ كنت في سن الخامسة حين اشترى لي والدي لعبة بيانو صغيرة حمراء اللون، فكانت البداية، ولا أزال مستمرة في العزف منذ ذاك الوقت"، معيدة الفضل في ذلك إلى تشجيع أهلها وأصدقائها المقربين. وتضيف: "عزفت ألحاني في المجمع الثقافي في أبو ظبي بين عامي 1996 و2000، ثم بدأت انطلاقتي النوعية من خلال بريد إلكتروني تلقيته في تاريخ 4 كانون الأول (ديسمبر) 2000، وصلني من ’هاوس أوف تالِنت‘، تضمن دعوتي للمشاركة في حفل موسيقي... وكرّت سبّحة الدعوات والحفلات بعدها، وأتت المشاركات العالمية المهمة، فكنت أول ملحنة إماراتية تشارك في أول احتضان ليوم الموسيقى العالمي في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2000، وكنت أيضاً أول ممثلة لدولة الإمارات في التلحين الموسيقي والتوزيع والتأليف في محافل عدة، أهمها ’إكسبو ميلان 2015‘ في إيطاليا، ومثّلت بلدي بدعوة من وزارة الخارجية في فعالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفتي أول ملحنة إماراتية في عام 2018، وفي سجلي أكثر من 45 مشاركة لي، كانت الأولى من نوعها في الدولة".
إنجازات الهاشمي في مجال الموسيقى والتأليف لا يمكن حصرها في تقرير، خصوصاً أنها شاركت في أضخم المهرجانات المحلية والعربية والدولية. إلى ذلك، إنها أول موسيقية تُعرض لوحاتها الفنية في معرض للفنون بقصر الإمارات في 8 شباط (فبراير) 2019.
وتختم الهاشمي: "لولا دولة الإمارات لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، فالدعم الذي تلقيته، والفرص التي أتيحت لي، تركت تأثيراً عميقاً في مسيرتي الفنية. وأنا فخورة بأن أكون جزءاً من هذا المجتمع الذي يحتفي بالمواهب ويعزز دور المرأة في كل المجالات... فقد خطت دولتنا خطوات ملموسة لتعزيز حضور المرأة وتمكينها في المجال الموسيقي كإتاحة الفرصة لها للمشاركة في المهرجانات والحفلات، إضافة إلى إطلاق برامج دعم ورعاية للمواهب الموسيقية النسائية".