شرعت مالي في اتخاذ الإجراءات العملية للانسحاب من اتفاق السلام والمصالحة مع جماعات الطوارق والعرب المتمردة التي تسعى لإقامة دولة مستقلة في شمال البلاد، والذي ترعاه الجزائر منذ 2015. وتتهم باماكو الجزائر بالتورط في أعمال عدائية ودعم "الإرهاب".
ورغم أن قرار الانسحاب من اتفاق الجزائر سبق أن اتخذه المجلس العسكري الحاكم في مالي قبل شهرين، إلا أن الجديد في الأمر هو أن الحكومة قررت حل كل الهيئات التي شكلت بموجب هذا الاتفاق. وطلب وزير الداخلية المالي في بيان رسمي الثلثاء من بعض الشخصيات التخلي عن كل الامتيازات التي حصلت عليها بموجب الاتفاق من سيارات ومعدات خلال أسبوعين.
أزمة دبلوماسية
ويأتي هذا التطور في ظل تدهور غير مسبوق في علاقات بلدين تربطهما حدود تمتد لأكثر من 1359 كيلومترًا. غير أن حكومة مالي بررت قرارها بأن السلطات الجزائرية "تتصرف بشكل عدائي، وحاولت التلاعب بالاتفاق".
وأضافت الحكومة المالية أن السلطات الجزائرية "سمحت لبعض المجموعات الإرهابية بفتح ممثليات لها فوق الأراضي الجزائرية" في إشارة إلى جماعات متمردة ترتبط بعلاقات مشبوهة بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وتعتقدُ باماكو أنها موجودة في الجزائر.
وبهذه الاتهامات يعيد الماليون إلى الأذهان "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي كانت تنشط في الجزائر خلال عقد التسعينات من القرن الماضي، قبل أن تتجه نحو الصحراء في الجنوب، لتستقر في شمال مالي ويصبح اسمها "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".
ولم تكتف حكومة مالي بذلك، بل إنها ذهبت إلى التأكيد أنها تملك معلومات تثبت أن "المسؤولين الجزائريين عملوا بشكل نشط في كواليس الأمم المتحدة من أجل الإبقاء على العقوبات ضد مالي".
ووصلت العلاقة بين البلدين إلى ما يشبه القطيعة، بعد استدعاء السفيرين والاحتجاج المتبادل، فيما علقت السلطات الجزائرية على قرار حكومة مالي إنهاء اتفاق السلام في كانون الثاني (يناير) الماضي، بأنه "قرار مؤسف وغير مرحب به".
وذهبت الجزائر إلى التحذير من تداعيات الانسحاب من اتفاق السلام "على دولة مالي نفسها، وعلى المنطقة برمتها التي تتطلع إلى السلام والأمن، وعلى المجتمع الدولي"، بل إن سلطات الجزائر قالت إن القرار "يحمل في طياته بذور حرب أهـلية في مالي".