النهار

عشيّة العيد... ليبيّون يبحثون عن ثياب رخيصة وتجّار يخشون الكساد
القاهرة-أحمد علي حسن
المصدر: النهار العربي
أمام وضع اقتصادي متدهور قلص تجار الملابس في ليبيا معروضاتهم المستوردة أو تلك المصنوعة من خامات ومشغولات عالية الجودة ومرتفعة الثمن، في حين لجأ بعض متاجر الملابس إلى البيع بالتقسيط.
عشيّة العيد... ليبيّون يبحثون عن ثياب رخيصة وتجّار يخشون الكساد
أطفال ليبيون بثياب العيد. (أرشيف)
A+   A-
مع دخول شهر رمضان أيامه الأخيرة، دخل تجار الملابس في سوق "الرباع"، في المدينة القديمة للعاصمة طرابلس، في سباق مع الزمن لبيع أكبر كمية من معروضاتهم تعويضاً عن ركود ضرب الأسواق وطال أمده. لكن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالقدرة الشرائية لليبيين تحد من طموحات التجار في تعويض خسائرهم وتحقيق مكاسب.
 
سوق "الرباع" القديم أو كما يُعرف بـ"سوق العرب"، يضم عدداً من الأسواق الفرعية والمحال التجارية وسط المباني الأثرية والتاريخية التي يعود معظمها إلى الفترة العثمانية، ويضج بالحركة، كعادته في مثل هذه الأيام، في مشهد يعكس صمود الشعب في وجه الأزمات المتلاحقة التي أرهقته.
 
 
يصطحب رجال ونساء أطفالهم لشراء ملابس العيد، يفتشون عن أسعار تُناسب ما في جيوبهم، وفي أحيان كثيرة ينهر الأب صغيره لإفلات قطعة غالية الثمن، فيما يتبادل العمال الأدوار، بعضهم ينادي على الزبائن ويعدهم بعروض على الملابس الجديدة وتخفيضات في الأسعار، فيما آخرون يساعدون الراغبين في الشراء على اختيار المقاس المناسب لأبنائهم، وتستمر هذه الحال حتى الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر.
 
 
 
تعويل على العيد
عبد العزيز الحبيشي صاحب أحد متاجر الملابس، يقول إن الأيام الماضية "لا تُبشر بأن ينتقل التكدس أمام المتاجر إلى ازدهار في حركة البيع"، معولاً على الساعات الأخيرة قبل صلاة العيد. ويشير لـ"النهار العربي" إلى أن "عدداً لا بأس به من الزبائن يزور السوق بشكل شبه يومي، يفتشون بين المعروض ويسألون عن الأسعار قبل أن يغادروا... هؤلاء يتحينون فرصة اقتناص تخفيض في الأسعار"، مضيفاً: "وهناك أيضاً قطاعات تنتظر صرف منح وعدت بها الحكومة لمناسبة العيد". ويوضح الحبيشي أن "هذه الأيام تشهد صراعاً بين البائع والمشتري: الأول يسعى إلى انتهاز مناسبة العيد لبيع أكبر كمية من معروضاته، فيما يسعى الأخير إلى الحصول على خصم أو عرض بثمن زهيد".
 
 وأمام وضع اقتصادي متدهور قلص تجار الملابس في ليبيا معروضاتهم المستوردة أو تلك المصنوعة من خامات ومشغولات عالية الجودة ومرتفعة الثمن، فيما لجأ بعض متاجر الملابس إلى البيع بالتقسيط، وفقاً للحبيشي الذي يلفت إلى أن استمرار حالة الركود "سيدفع التجار إلى تقليص أعداد العمالة وربما تضطر بعض المتاجر الصغيرة إلى الإغلاق".
 
خاسرون ورابحون
ومثلما ثمة خاسرون بفعل الأزمة الاقتصادية التي تضرب ليبيا منذ شهور، ثمة رابحون، فقد أدى ارتفاع أسعار الملابس المستوردة إلى ارتفاع مواز في مستوى الطلب على الملابس المصنوعة محلياً، خصوصاً اللباس التقليدي المعروف بـ"الزبون"، وفقاً لمعتوق الحضيري، وهو صاحب مصنع حياكة صغير في مدينة بنغازي (شرق ليبيا). ويشير في حديث لـ"النهار العربي" إلى ارتفاع الطلب على الملابس التقليدية التي ينتجها مصنعه خلال الأسابيع الأخيرة، كما لاحظ أن طلبات الشراء لا تقتصر فقط على المتاجر التي يتعامل معها في العادة، بل اتجهت العائلات إلى الشراء مباشرة من مصنعه للحصول على أسعار الجملة الأقل من أسعار المتاجر. 
 
ويقول الحضيري الذي ورث مصنعه الصغير من والده: "العائلات تجمع حاجات أبنائها من الملابس الجديدة وتطلبها من المصنع دفعة واحدة"، لافتاً إلى إقبال الشباب أيضاً على شراء "الزبون" المحلي الصنع، خصوصاً في مناسبات الأعياد باعتبارها عادة يرثها الأبناء من آبائهم. 
 
زي "الزبون" التقليدي
 
و"الزبون" أشهر الأزياء الشعبية للرجال في ليبيا، يتكون من 3 قطع هي "السروال" و"الفرملة" (الصدرية) و"الكاط" (الجاكيت)، وكلها تحتوي على مشغولات وتشكل لوحة فنية تمزج التراث وتحافظ على تواصل الحاضر بالماضي. وثمة تحذيرات من أن هذا الزي التقليدي أصبح يواجه خطر الاندثار، إذ أصبح ارتداؤه يقتصر على الأعياد أو المناسبات الاجتماعية.
 
لكن الحضيري يلفت إلى بدء المصانع المحلية في تطريزه يدوياً خلال الآونة الأخيرة بدلاً من الاعتماد على الاستيراد في السابق، الأمر الذي سيُشجع الناس على ارتدائه بدلاً من الملابس المستوردة الغالية الثمن. ويوضح أن اللباس التقليدي الذي يُصنع محلياً بالكامل تبلغ تكلفته 300 دينار، فيما المستورد قد تصل تكلفته إلى 2000 دينار وفقاً لخاماته وتطريزه، وهو سعر بات بعيداً من قدرة غالبية الطبقات المجتمعية في ليبيا.
 
ويطالب السلطات بتسهيل استيراد ماكينات الحياكة والتطريز من الخارج، الأمر الذي سيُشجع مصانع الملابس على زيادة منتجاتها، مشيراً إلى أن المصانع المحلية تسعى إلى "تطوير خطوط الزبون وألوانه لتتماشى مع العصر". 
 

اقرأ في النهار Premium