النهار

مصافحة نجل حفتر قيادياً إخوانياً تخلط الأوراق... والدبيبة يتحدى "حكم العسكر"
القاهرة-أحمد علي حسن
المصدر: النهار العربي
علم "النهار العربي" بأن اجتماعا جديدا يجري التحضير له يجمع 130 عضواً في مجلسي النواب والأعلى للدولة يُشكلون ما يعرف بـ "كتلة التوافق"، هو الثاني من نوعه بعد الاجتماع الاول الذي عُقد مطلع الشهر الماضي في تونس، ويركز الاجتماع الثاني على البحث في وضع خريطة طريق لتشكيل حكومة موحدة والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية.
مصافحة نجل حفتر قيادياً إخوانياً تخلط الأوراق... والدبيبة يتحدى "حكم العسكر"
المصافحة بين بلقاسم حفتر والقيادي "الإخواني" منصور الحصادي.
A+   A-
شهدت الساحة الليبية خلال الآونة الأخيرة تطورات سياسية وأمنية فاقمت من تعقيدات الأزمة، وسط محاولات لتنشيط دور الموفد الأممي عبد الله باثيلي ومبادرته للحل المدعومة دولياً، قبل إحاطة يقدمها أمام مجلس الأمن الدولي اليوم الثلثاء، هي السادسة منذ توليه المسؤولية أواخر عام 2022.
 
كواليس لمبادرات جديدة
وعلى وقع توتر أمني حاد تعيشه العاصمة الليبية خلال الأيام الأخيرة، يعكس حجم التعقيدات التي يواجهها ملف إخلائها من الميليشيات المسلحة، وفقاً لما تعهده وزير الداخلية عماد الطرابلسي بعد شهر رمضان، واعتبار البعثة الأممية أن "حالة انعدام الأمن المزمن ليست إلا نتيجة لاستمرار الأزمة السياسية ولتآكل الشرعية المؤسسية"، يبدو أن ثمة ترتيبات تجري في الكواليس تتجاوز المبادرة التي كان طرحها باثيلي نهاية العام الماضي لجمع الأطراف كافة إلى طاولة مفاوضات لكنها تعثرت. 
 
وعلم "النهار العربي" أن اجتماعاً جديداً يجري التحضير له يجمع 130 عضواً في مجلسي النواب والأعلى للدولة، يشكلون ما يعرف بـ"كتلة التوافق"، هو الثاني من نوعه بعد الاجتماع الأول الذي عقد مطلع الشهر الماضي في تونس. ويركز الاجتماع المزمع على البحث في وضع خريطة طريق لتشكيل حكومة موحدة والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية. 
 
وأوضحت مصادر متطابقة من المجلسين لـ"النهار العربي" أن الترتيب يجري بعد إجازة عيد الفطر لتحديد موعد الاجتماع الثاني للكتلة، ومكان انعقاده، وستتم دعوة الموفد الأممي إلى حضوره. 
 
وبالتزامن يجري الترتيب لجمع الرئاسات الثلاث: المجلس الرئاسي محمد المنفي ومجلس النواب عقيلة صالح والأعلى للدولة محمد تكالة إلى طاولة مفاوضات هي الثانية من نوعها بعد اجتماع رعته جامعة الدول العربية الشهر الماضي.
 
الإفطار الجدلي
ويأتي ذلك بعد أيام قليلة من لقاء عقد إلى مائدة إفطار نظمها في نهاية شهر رمضان مدير صندوق إعادة الإعمار بلقاسم حفتر، نجل قائد "الجيش الوطني" الليبي خليفة حفتر، وحضرها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وأعضاء من المجلس الأعلى للدولة، كان من بينهم القيادي في "إخوان" ليبيا منصور الحصادي، فيما أثارت المصافحة الأولى من نوعها بين نجل حفتر والحصادي جدلاً واسعاً في الأوساط الليبية وعُدّت تغيّراً في موازين التحالفات.
 
 
وغداة اللقاء شن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة هجوماً عنيفاً على الزعيم الراحل معمر القذافي وحفتر. وقال خلال زيارته لمدينة مصراتة: "حكم العسكر استمر 40 سنة والآن يريد العودة مجدداً"، متهماً الطرفين بـ"نهب المصارف". وأضاف: "سياسة كسر الأنوف أو الحكم بالسيف على الآخرين لن تحكم ليبيا بعد 40 سنة من حكم العسكر والفرد الواحد... هؤلاء يريدون خداعكم ووضعكم تحت الأرض ليسرقوا أموالكم وليفرضوا سيطرتهم".
 
لكن المحلل السياسي أحمد التهامي أيد فتح حوار بين القيادة العامة لـ"الجيش الوطني" الليبي وحزبي "الوطن" بزعامة عبد الحكيم بلحاج، و"العدالة والبناء" بزعامة عماد البناني، المقربين من جماعة "الإخوان المسلمين" في ليبيا، "المتحكمين في صنع القرار في العاصمة طرابلس"، مشدداً على أن المشكلة الليبية "تحتاج إلى اتفاق سياسي موسع يبدأ بتوافق بين الأطراف السياسية والعسكرية الرئيسية في جبهتي الشرق والغرب". 
 
وبخصوص تكثيف باثيلي نشاطه قبل إحاطته المرتقبة، ولقائه نخباً سياسية كان من بينها رئيس الحكومة الموازية في الشرق أسامة حماد، بعد فترة من القطيعة، بالإضافة إلى نشطاء في المجتمع المدني وأعيان وشيوخ قبائل، قلل التهامي من نتائج تحركات باثيلي، بل ذهب إلى الجزم بأنه "لا حل للأزمة الليبية من دون اتفاق الدول الإقليمية والغربية النافذة، وهو ما لم نشهده حتى الآن، بل على العكس نلحظ تفضيلاً لتثبيت حالة التوازن التي تعيشها الساحة الليبية المنقسمة وبقاء الوضع على ما هو عليه".
 
"تفتّت القوى"
ولفت التهامي إلى ما وصفه بـ"تفتت في القوى المتحكمة بالمشهد الليبي، لذلك فإن مجلسي النواب والأعلى للدولة لا يعبران عن كل القوى السياسية وغير قادرين على فرض تنفيذ أي توافقات، وهناك بعض الأطراف لا تعترف بوجودهما". 
 
أما السياسي الليبي سليمان الفورتية فاستنكر "استمرار تخبط الأمم المتحدة وبعثتها إلى ليبيا، وسط استمرار تعثر الوصول إلى حل، ما يفاقم الصعوبات المعيشية، حتى وصلنا إلى أن 40 في المئة من الشعب الليبي تحت خط الفقر"، متوقعاً في حديث لـ"النهار العربي" رحيل باثيلي خلال الفترة القليلة المقبلة "بعد الفشل في مهمته"، لتحل بدلاً منه نائبته الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري.
 
تكثيف الجهود الأميركية
ويلاحظ الفورتية تكثيف النشاط الأميركي في الساحة الليبية خلال الآونة الأخيرة، مرجحاً "تعزيز هذا الدور عقب الانتخابات الأميركية وتولي خوري المسؤولية، والتي ربما تأتي وفي جعبتها حل سياسي يمكن فرضه على الأطراف المتصارعة".
 
وقال: "لا يمكن التعويل على باثيلي في ظل ارتباك تحركاته وتقديم مبادرات غير مدروسة"، كما أظهر تشاؤماً حيال التوصل إلى حل تشارك فيه المؤسسات المتمسكة بالسلطة والنفوذ. واتفق الفورتية مع التهامي على "غياب الجدية الدولية لحل الأزمة الليبية".
 
وفي الإطار نفسه، دعت تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية الليبية، في بيان لها، مجلس الأمن والبعثة الأممية، إلى "تحمل المسؤولية ومنع أعمال العنف والصراع المسلح بين الأطراف الحاكمة في العاصمة طرابلس، وخروج القوات الأجنبية من ليبيا". واعتبرت أن "استمرار الأوضاع السياسية الراهنة، وانتشار التشكيلات المسلحة، يوفران المناخ لصراع مسلح يهدد أمن المواطنين وسلامتهم". 
 
وفي غضون ذلك، قررت قاضية المحكمة الفيدرالية في فرجينيا ليونا بيرنكما، عدم استمرار النظر في القضايا المرفوعة ضد المشير حفتر، وهي القضية التي كانت جماعة "الإخوان" في ليبيا تعوّل عليها لمنع حفتر من الترشح للانتخابات الرئاسية الليبية. وأوضح رئيس "التحالف الليبي – الأميركي" عصام عميش، الذي تبنى القضية، أن بيرنكما أصدرت قراراً غير متوقع ومفاجئاً، الجمعة الماضي، خلال جلسة الاستماع الخاصة بقضية أسر الضحايا الليبيين بـ"رفض الاستمرار في نظر القضايا المرفوعة تحت طائلة قانون حماية ضحايا التعذيب". وأرجعت القاضية الأميركية قرارها إلى أن "القانون وهذه القضايا لا تدخل بدقة ضمن إطار تخصص المحكمة الفيدرالية لشرق فرجينيا".
 
وأوضح عميش أن جلسة الجمعة كانت "مخصصة للاستماع إلى آخر المداولات بين فريق محامي الضحايا الليبيين، وفريق محامي حفتر بعد مساعٍ قضائية تجاوزت 4 سنوات ونصف سنة، تخللتها أكثر من 278 مراسلة وجلسات استماع، بشأن تهم القتل والتعذيب وجرائم ضد حقوق الإنسان وجرائم حرب ارتكبها خلال حروبه في بنغازي ومحاولات الاعتداء على العاصمة طرابلس خلال العشر سنوات الأخيرة". وأضاف أنه "سيقدم طلباً للاستئناف خلال 30 يوماً، وعرض القضية على المحكمة الفيدرالية للاستئناف التابعة للدائرة الرابعة المشرفة على عمل المحكمة الفيدرالية للمقاطعة الشرقية لولاية فرجينيا".
 

اقرأ في النهار Premium