النهار

تونس... السّباق نحو قصر قرطاج يشتعل مبكراً ومرشّحان من السّجن
تونس-كريمة دغراش
المصدر: النهار العربي
أشعل اعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اعتزامها تعديل شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة جدالاً سياسيًا وقانونيَا واسعًا الأسبوع الماضي.
تونس... السّباق نحو قصر قرطاج يشتعل مبكراً ومرشّحان من السّجن
عبير موسي
A+   A-
مع أن موعدها لم يحدد بعد، فإن الأجواء الانتخابية في تونس بدأت تسخن مع توالي إعلانات الترشح لرئاسيات الخريف المقبل، وظهور الجدال في شروط الترشح لها، والمنتظر إعلانها في غضون الأيام القليلة المقبلة من جانب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
 
وقبل أيام أعلن "الحزب الدستوري الحر" ترشح رئيسته عبير موسي من سجنها لتكون بذلك الإسم الثاني الذي يعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة في تونس من السجن، بعد رئيس "حزب الجمهوري" عصام الشابي الموقوف أيضاً على ذمة مجموعة من القضايا، من بينها ما يتعلق بشبهات التآمر على أمن الدولة.
 
وتعتبر موسي من بين أبرز الشخصيات السياسية المعارضة التي تملك حظوظاً وافرة للمنافسة على الاستحقاق الرئاسي، ودائماً ما كانت استطلاعات الرأي تضعها في صدارة الأسماء التي يفكر التونسيون في منحها أصواتهم.
 
وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تم توقيف موسي عندما كانت تقود احتجاجاً أمام قصر الرئاسة في قرطاج.
 
وقبل الشابي وموسي أعلن وزير نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي منذر الزنايدي المقيم في الخارج نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، فيما ينتظر الجميع الإعلان الرسمي للرئيس قيس سعيّد الذي وإن ألمح إلى ذلك في أكثر من مناسبة، إلا أنه لم يصدر إعلاناً حاسماً برغبته في الترشح لولاية ثانية، وهو أبرز المرشحين للفوز بهذه الانتخابات. 
 
وسيكون الصحافي والنائب السابق صافي سعيد من بين الأسماء الوازنة التي ستعلن ترشحها وفق مصادر لـ"النهار العربي"، باعتبار أنه الإسم الذي يظهر دائماً ثانياً في استطلاعات الرأي خلف الرئيس سعيد. 
 
وبداية الشهر الجاري أعلن الأمين العام لحزب "الاتحاد الشعبي الجمهوري" لطفي المرايحي، في فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي اعتزامه الترشح أيضاً. وسبق للمرايحي خوض سباق الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 وحصل على نسبة 6.6 في المئة من الأصوات.
 
أما المعارضة فلم تحسم بعد موقفها من الترشح لهذه الانتخابات من عدمه، ولا تزال المواقف متباينة داخلها بين من يدعم فكرة المقاطعة رفضاً لكل المسار السياسي الذي أسفرت عنه أحداث تموز (يوليو) 2021، وتكريساً لفكرة عدم الاعتراف بشرعيته، وبين من يدفع نحو توحيد الصفوف وترك الخلافات جانباً ودعم مرشح موحد في مواجهة سعيد.
 
تعديل شروط الترشح
وأشعل إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اعتزامها تعديل شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة جدالاً سياسياً وقانونياً واسعاً الأسبوع الماضي. 
 
 
وكشفت الهيئة قبل أيام عن شروعها في الإعداد للاستحقاق الانتخابي الرئاسي المفترض أنه سينظم الخريف المقبل، وفي الصدد ستقوم بحسب ما كشف عدد من أعضائها بتحديد الجدول الزمني للانتخابات بالتنسيق مع رئيس البلاد وتنقيح القرار الترتيبي المتعلق بشروط الترشح بإضافة 3 شروط جديدة.
 
وقالت عضو الهيئة نجلاء العبروقي في تصريحات إعلامية إن مجلس الهيئة سيجتمع قريباً للنظر في تعديل القرار الترتيبي لسنة 2014 المتعلق بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية "حتى يكون متطابقاً مع ما جاء به دستور 2022".
 
ويتعارض القانون الانتخابي لسنة 2014 مع دستور 2022 على مستوى 3 نقاط تتعلق بالسن والجنسية والتزكيات.
 
ووفق العبروقي تشمل الشروط الجديدة سن المرشح التي يجب ألا تقل عن 40 سنة وشرط الجنسية التي يجب أن تكون تونسية فقط أباً عن جد، أما الشرط الثالث فهو التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية.
 
جدال قانوني وسياسي
وتقول المعارضة إن تعديل شروط الترشح للانتخابات الرئاسية يهدف إلى حرمان مرشحين جديين من التقدم بترشحاتهم لهذا الاستحقاق، وتتهم سعيد بالسعي عبرها لإقصاء خصومه، رافضة ما تعتبره "تغييراً لقواعد اللعبة".
 
ويقول رئيس "ائتلاف صمود" حسام الحامي إن هيئة الانتخابات تعهدت سابقاً عدم المساس بالقانون الانتخابي خلال السنة الانتخابية، موضحاً في تصريح لـ"النهار العربي" أن تغيير شروط الترشح عدا الشرطين المتعلقين بالسن والجنسية خطوة مرفوضة، لأنها ستمس من نزاهة الانتخابات وشرعية السلطة التي ستفرزها.
 
وعلق أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي على هذه الخطوة وكتب عبر وسائل التواصل: "لا يجوز لهيئة الانتخابات إضافة شروط جديدة للترشح للانتخابات الرئاسية" المقبلة.
 
وأوضح أن المجال الانتخابي لا يزال محمياً بالقانون ولا يمكن لهيئة الانتخابات أن تأتي بشروط جديدة إقصائية وخارجة عن الدستور.
 
وكان الرئيس التونسي قد قال قبل أيام حين كان يشارك في إحياء ذكرى وفاة الرئيس السابق الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير إنه "لا يمكن القبول بالرجوع إلى الوراء، أو أن يتم ترشّح مجموعات ترتمي في أحضان الخارج". وأضاف أن المرشّح "يجب أن يكون مُزكى من التونسيين ومنتخباً من قبلهم وحدهم وليس من قبل أي جهة أخرى".
 
 
وانتقد الحامي تصريحات سعيد، مؤكداً أنه "بدا كأنه أصبح وصياً على المسار الانتخابي، فيا هو جزء منه"،مؤكداً أن "ما قاله خطير لأن فيه وصماً وتخويناً للمعارضين".
 
في المقابل، يقول المحلل السياسي خليل الرقيق لـ"النهار العربي" إن الرئيس سعيد لم ينكر حق أي معارض في الترشح للانتخابات المقبلة مثلما يحاول البعض التسويق، إذ إنه "ذكر بما جاء في الدستور الجديد الذي ينص خصوصاً على أنه لا ترشح لمن يحمل جنسية مزدوجة ولا من يستغل منصات خارجية لتقديم ترشحه"، مشيراً إلى أن ذلك من الثوابت السيادية التي تقطع الطريق أمام كل من يحاول التسلل من جديد عبر طرق ملتوية متكلاً على دعم الخارج.
 
ويرى الرقيق أن الانتخابات المقبلة ستكون انتخابات مصيرية لأنها تتجاوز، وفق تقديره، الاختيار بين أسماء كتبت على بطاقات الترشح إلى الاختيار بين منظومتين خبرهما التونسيون وعرفوا تفاصيلهما. 
 

اقرأ في النهار Premium