النهار

قمة ثلاثية غداً في تونس... "تعاون مشترك" أم نهاية اتحاد المغرب العربي؟
تونس-كريمة دغراش
المصدر: النهار العربي
يعقد رؤساء تونس والجزائر وليبيا غداً الاثنين قمة ثلاثية في تونس هي الأولى من نوعها ضمن سلسلة من اللقاءات تم الاتفاق بين قادة الدول الثلاث على عقدها بشكل دوري للبحث في القضايا المشتركة.
قمة ثلاثية غداً في تونس... "تعاون مشترك" أم نهاية اتحاد المغرب العربي؟
الرئيس الجزائري تبون يتوسط نظيره التونسي سعيد (يمين) ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي على هامش قمة الغاز في الجزائر الشهر الماضي.
A+   A-

يعقد رؤساء تونس والجزائر وليبيا غداً الاثنين قمة ثلاثية في تونس هي الأولى من نوعها ضمن سلسلة من اللقاءات تم الاتفاق بين قادة الدول الثلاث على عقدها بشكل دوري للبحث في القضايا المشتركة.

وأعلنت الرئاسة التونسية السبت في بيان عن استضافة تونس لكل من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المفتي.

وكانت الدول الثلاث اتفقت خلال قمة الغاز في الجزائر الشهر الماضي على عقد سلسلة من اللقاءات الثلاثية بشكل دوري.

وتعقد هذه القمة الثلاثية في وقت تختلف الآراء بشأن الهدف من تنظيمها، بين من يعتبر أنها محاولة لإنهاء الاتحاد المغاربي بإقصاء المغرب منها، ومن يرى أن أهدافها اقتصادية لا غير.

ما تفرضه الجغرافيا
ويقول المحلل السياسي مهدي المناعي إن هذه القمة تهدف لتنسيق المواقف بين الدول الثلاث من قضايا وملفات عديدة أبرزها الهجرة وحماية الحدود، إضافة إلى المسائل الاقتصادية المشتركة.

ويرى أن تونس والجزائر وليبيا هي أكثر دول معنية في شمال أفريقيا بملف الهجرة غير النظامية الذي تحاول أوروبا الضغط من أجل ترحيل أزمته من سواحلها نحو سواحل الضفة الأخرى من المتوسط.

ويتابع مؤكداً أن ثمة وعياً كبيراً لدى كل من تونس والجزائر وليبيا بأهمية توحيد المواقف بخصوص هذا الملف "حتى لا يترك كل بلد وحيداً في مواجهة الضغط الأوروبي الكبير، الذي يحاول أن يحل ملف الهجرة غير النظامية عبر اتفاقيات تأتي منفردة قد تكون على حساب مصالح دول شمال إفريقيا".

المناعي يرى أن تداعيات الأزمة في ليبيا لا تقف عند الحدود الليبية بل تتجاوزها إلى كل من تونس والجزائر، وسيكون ذلك من أبرز الملفات التي ستطرح في هذه القمة "خصوصاً مع التطورات الأخيرة المتسارعة التي تعيشها ليبيا".
 

بدوره يعتبر الكاتب والمحلل الجزائري عثمان لحياني أن قمة تونس الثلاثية التي سيشارك فيها رؤساء وقادة تونس والجزائر وليبيا عنوانها اقتصادي بامتياز، وتهدف لتباحث المسائل المشتركة بين البلدان الثلاثة مرجحاً أن تتبعها اجتماعات وزارية قطاعية لتدارس ملفات تتعلق بالطاقة والتجارة البينية ومناطق التبادل التجاري الحر وتعزيز النقل.

ويرى المحلل الجزائري أن هذه القمة فرضتها ظروف ومعطيات مرتبطة بالتطورات الإقليمية في المنطقة والمشكلات القائمة فيها، والتي وفق تقديره "يتشابه جزء منها في الدول الثلاث في علاقة بمشكلة الحدود والإرهاب والتوتر في منطقة الساحل والهجرة".

ويزيد أن "هذه القمة فرضها التطور الإيجابي على صعيد العلاقات البينية بين البلدان الثلاثة إضافة إلى ضرورات اقتصادية تفرض إيجاد تقاطعات لمواجهة المشكلات الاقتصادية المشتركة"، لافتاً إلى "توجه جزائري في هذا الشأن نحو تفعيل العلاقات مع دول الطوق".

تحالف بديل؟
ويقول مراقبون إن هذا التحالف الجديد بين تونس والجزائر والمغرب هو محاولة جزائرية أساساً لإيجاد بديل عن اتحاد المغرب العربي، الذي لا تخفي السلطات الجزائرية تبرمها منه، وتأسيس تحالف جديد في شمال أفريقيا لن تكون المغرب وموريتانيا جزءاً منه، مع حديث عن اعتذار موريتانيا عن عدم المشاركة "نأياً بنفسها عن أي تأويل لا يخدم مصالحها كدولة مجاورة للمغرب".

وكان الرئيس تبون تحدث في حوار صحافي صراحة قبل أسبوعين عن انشاء تحالف جديد في المنطقة، لكنه استدرك مؤكداً أن مبادرة اللقاءات الثلاثية هدفها "مناقشة الأمور التي تهمنا ومشكلاتنا التي تشبه بعضها البعض، ليست موجهة ضد أي دولة من دول المغرب العربي أو أي دولة أخرى"، مضيفاً أن "الباب مفتوح لجيراننا في الغرب (يقصد المغرب) لتوحيد الكلمة".
 
 
يأتي ذلك فيما كان عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية والتعاون الدولي المفوض في حكومة الشرق الليبية برئاسة أسامة حماد، قال في تصريحات للإعلام المغربي إن بلاده التي ترأس حالياً اتحاد المغرب العربي تتمسك بهذا الاتحاد بصيغته الحالية الخماسية كهيكل جامع لكل دول المنطقة.

وفي السياق يعلق المناعي مؤكداً أن مصالح تونس الاقتصادية المباشرة مرتبطة بالجزائر التي تمدها بالكهرباء والطاقة، موضحاً أنه "في السنوات الأخيرة كانت الجزائر في صدارة الدول التي وقفت إلى جانب تونس في أزمتها سواء من خلال الودائع أو المساعدات المباشرة، ومن الطبيعي أن يكون التقارب بين البلدين أكبر نظراً لطبيعة العلاقات التي تفرضها الجغرافيا".

ويعتبر المناعي أن اتحاد المغاربي بشكله الحالي "انتهى وليس له أي دور، ومن المنطقي أن تفكر الدول التي لها مصالح مشتركة في تكوين تحالف يخدم مصالح شعوبها".

في المقابل استبعد لحياني أن تكون هذه المبادرة خطوة نحو اعلان نهاية اتحاد المغرب العربي أو إيجاد بديل له، مؤكداً أنها تختلف من حيث الشكل والأهداف عن الهيكل المغاربي.

وفي تقديره تسعى هذه القمة لـ"تأسيس تحالف لا هيكل" لأن "تأسيس هيكل ما يتطلب أرضية سياسية وإعلانَ تأسيس وغير ذلك من الإجراءات المتعارف عليها"، وفق تعبيره.

ويرى أن هذا التحالف الجديد ليس الهدف منه قبر اتحاد المغرب العربي كما يُروج لذلك، مؤكداً أن الرئيس تبون أرسل إشارات إيجابية وعبر عن ترحيبه بانضمام بقية دول المنطقة إليه.

ويختم مشدداً على أن اتحاد المغرب العربي "مبادرة سياسية"، في حين أن هذه القمة اقتصادية تسعى لجعل الاقتصاد في مقدمة العلاقات بين الدول المشاركة فيها، بعدما ثبت فشل تقديم المسائل السياسية كأولوية.


اقرأ في النهار Premium