النهار

ارتفاع غير مسبوق لمعدّل البطالة في المغرب يُربك خطط الحكومة
الرباط- خولة اجعيفري
المصدر: النهار العربي
أفادت إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة دستورية)، بأن معدل البطالة ارتفع إلى 13.7% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي مقابل 12.9 خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وذلك في ظل تداعيات أسوأ موجة جفاف يشهدها البلد منذ أكثر من أربعة عقود.
ارتفاع غير مسبوق لمعدّل البطالة في المغرب يُربك خطط الحكومة
أزمة البطالة تتفاقم في المغرب.
A+   A-
أظهرت بيانات رسمية أخيراً أن معدل البطالة في المغرب ارتفع إلى 13.7% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، فيما تقلص العجز التجاري بنسبة 14.6% إلى 6.15 مليارات دولار، ما يعتبره مراقبون وخبراء اقتصاديون دليلاً آخر على "تواضع" حصيلة الحكومة في منتصف ولايتها.
 
ويعتبر خبراء أن ذلك يعدّ فشلاً للحكومة التي يقودها الملياردير المغربي عزيز أخنوش في معالجة الأزمات وتثبيت الإصلاحات اللازمة لإعادة المغاربة إلى اقتصاد يتناسب مع طموحاتهم في النهوض بالبلاد وبأوضاعهم الاجتماعية، فضلاً عن تحقيق التعهد الذي أعلنه في وقت سابق بتوفير مليون فرصة عمل.
 
أرقام مقلقة
وفي التفاصيل أفادت إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة دستورية)، بأن معدل البطالة ارتفع إلى 13.7% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي مقابل 12.9 خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وذلك في ظل تداعيات أسوأ موجة جفاف يشهدها البلد منذ أكثر من أربعة عقود. وأظهرت أن وضعية سوق العمل لا تزال تعاني آثار الجفاف، إذ فقدت 159 ألف فرصة عمل في الوسط القروي، فيما تم استحداث 78 ألف وظيفة في الوسط الحضري ليتراجع الحجم الإجمالي للعمل 80 ألف منصب. 
 
وأظهرت الإحصاءات التي حصل عليها "النهار العربي" أن "قطاع الزراعة والغابة والصيد فقد 206 آلاف منصب"، كما ارتفع عدد العاطلين من العمل ما بين الربع الأول من 2023 وحتى الربع الأول من 2024 بواقع 96 ألف شخص، 59 ألفاً في الوسط الحضري و38 ألفاً في الوسط القروي، ليبلغ مليوناً و645 ألفاً على المستوى الوطني.
 
وزاد معدل البطالة في المغرب من 17.1% في الوسط الحضري إلى 17.6% بزيادة 0.5%، ومن 5.7% إلى 6.8% في الوسط القروي بزيادة 1.1%. وارتفعت البطالة في المغرب ضمن الفئة العمرية بين 15 و24 عاماً إلى 35.9%، ووصلت بين الأشخاص الحاصلين على شهادة إلى 20.3% وبين النساء إلى نحو 20%.
 
وفي مؤشر آخر، قال مكتب الصرف المغربي (مؤسسة رسمية) إن العجز التجاري للمغرب انكمش بنسبة 14.6% إلى 61.9 مليار درهم (6.15 مليارات دولار) في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، بفضل انخفاض واردات الطاقة وزيادة صادرات قطاع السيارات. 
 
تراجع الواردات
وأورد المصدر ذاته أن الواردات انخفضت 4% مقارنة بالعام الماضي إلى 175.4 مليار درهم، بينما زادت الصادرات 3% إلى 113.5 مليار درهم. وانخفضت واردات المغرب من الطاقة 13.6% إلى 28 مليار درهم بعد انخفاض الأسعار في السوق الدولية. وبلغت واردات القمح 5.6 مليارات درهم مسجلة ارتفاعاً بنسبة 10 %، فيما تراجعت واردات الأمونيا، وهي عنصر أساسي في إنتاج الأسمدة 22% إلى 2.2 مليار درهم.
 
 
وفي قراءة لهذه المؤشرات الاقتصادية، أفاد محمد جدري رئيس "مرصد العمل الحكومي" - وهو آلية مدنية لتتبع السياسات الحكومية - لـ"النهار العربي"، بأن تواضع التدابير التي اتخذتها الحكومة المغربية، أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في نسبة البطالة، وذلك في ظل التداعيات القوية للأزمات الاقتصادية التي واجهتها، وفي مقدمها فقدان أكثر من 420 ألف منصب شغل خلال جائحة كورونا، إذ أسهم هذا الوضع في بلوغ نسبة البطالة 13 في المئة سنة 2023.
 
"ظروف طارئة" وبرامج حكومية
وذكّر الخبير الاقتصادي المتخصص في السياسات العمومية بالظروف التي صاحبت أداء الحكومة مهمتها وحالت دون تحقق جملة من الأهداف التي أعلنتها مع بداية تشكيلها، في مقدمها الأزمات الجيوسياسية وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية، وارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية، إلى جانب ما تتكبّده المملكة على مستوى مختلف القطاعات المدرّة والإنتاجية على غرار الفلاحة والاقتصاد والسياحة بسبب آفة الجفاف المتعاظمة وغير المسبوقة منذ عقود.
 
وذكر جدري أيضاً أن الحكومة وضعت برنامج "أوراش" وهدفت من خلاله إلى "خلق 250 ألف منصب شغل ما بين سنتي 2022 و2023، عبر عقود موقتة ودائمة، ورصدت له موازنة سنوية بـ2،25 مليار درهم، وتمكنت الحكومة من خلاله من خلق أكثر من 200 ألف منصب شغل، كما أنها وضعت برنامج "فرصة" الذي استهدف دعم وتشجيع ابتكار المشاريع عبر قروض ميسرة تصل قيمتها إلى 100 ألف درهم مع فترة سداد تصل إلى 10 سنوات، بموازنة تصل إلى 1،25 مليار درهم سنوياً، لكنها تمكنت من تمويل 20 ألف حامل مشروع فقط حتى الآن".
 
"فشل حكومي"
واعتبر الخبير الاقتصادي المتخصص في المالية العمومية حميد رمزي الإحصاءات الجديدة "دليلاً آخر على فشل الحكومة المغربية الحالية في معالجة الأزمات التي يتكبّدها البلد، واكتفائها بالتبجح بالظروف الدولية والجفاف، من دون أن تقدم سياسات عمومية حقيقية".
 
 
وقال رمزي لـ"النهار العربي" إن "البرامج التي وضعتها الحكومة المغربية على غرار "فرصة" و"أوراش"، والتي رُصدت لها أموال ضخمة هي مبادرات معدودة ومحدودة وغير منتجة لفرص الشغل التي ستوظف آلاف العاطلين، خصوصاًَ في صفوف الشباب، إذ كشفت عن فشل تام في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، وهو ما تؤكده المعطيات الرسمية وغير الرسمية، بما فيها التوقعات الصادرة عن بنك المغرب في ما يخص المنحى التراجعي للموسم الفلاحي الحالي وتأثيره المباشر على مناصب الشغل في العالم القروي، وخصوصاً أن حصيلة الموسم لن تتجاوز سقف 25 مليون قنطار، مع معدل تضخم مرتقب في حدود 2.2 في المئة".
 
وفي وقت يُشدّد الفاعلون السياسيون والاقتصاديون في المغرب على ضرورة تحرّك الحكومة وتكثيف جهودها للتكيف مع التحولات البيئية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، تعهد أخنوش بأن يولي في ما تبقى من ولايته أهمية خاصة ل‏تعزيز دينامية الاقتصاد والتشغيل، مشدداً على أن الرهانات ‏المقبلة تطبعها تحديات كبرى ميزتها اللايقين، ومرتبطة بمنظومة دولية تسعى إلى تدارك مخلفات ‏الجائحة والنزاعات الإقليمية والدولية.
 
وقال إن "المرحلة المقبلة تفرض علينا تحقيق النمو الاقتصادي ‏والاجتماعي المنشود كما يريده الملك محمد السادس، لأبناء شعبه الوفي. كما أن من ‏المفروض أن نضاعف الجهود لتوفير مزيد من فرص الشغل اللائق التي تضمن الكرامة ‏الإنسانية للمغاربة"، مؤكداً أن رؤية حكومته "تقتضي جعل التشغيل أولوية قصوى، في النصف ‏الثاني من هذه الولاية".
 
 

اقرأ في النهار Premium