النهار

"رسوم الخضار" تعزّز العلاقات الموريتانية - المغربية... ردّ على "التحالف الثلاثي"؟
روعة قاسم
المصدر: النهار العربي
ألغت الحكومة الموريتانية مؤخّراً الزيادة التي كانت أقرّتها مطلع العام الجاري على واردات الخضار من المملكة المغربية التي تُعتبر من أهم مصدّري المنتوجات الزراعية إلى بلد المليون شاعر.
"رسوم الخضار" تعزّز العلاقات الموريتانية - المغربية... ردّ على "التحالف الثلاثي"؟
خضار مغربية قبل تصديرها إلى موريتانيا.
A+   A-
ألغت الحكومة الموريتانية أخيراً الزيادة التي كانت أقرّتها مطلع العام الجاري على واردات الخضار من المملكة المغربية التي تُعتبر من أهم مصدّري المنتجات الزراعية إليها. وقد أصبح هذا القرار ساري المفعول ابتداء من مطلع شهر أيار (مايو) الجاري، بعدما انتهت الفترة التي حدّدها المرسوم الذي أُقرّت بموجبه موريتانيا زيادات في التعرفات الجمركية المفروضة على بعض المنتجات المغربية بنسبة فاقت المئة في المئة.
 
 انعكس القرار الموريتاني ارتياحاً لدى المصدّرين المغاربة وكذلك عند الفلاحين الذين ينشطون في مجال الزراعات السقوية على وجه الخصوص وغيرهم من الوسطاء والمضاربين، إضافة إلى مستوردي المنتجات الزراعية المغربية، خصوصاً الخضار، في نواكشوط. فهذا القرار سيزيد الطلب لاستيراد المزيد من الكميات من الخضار المغربية، باعتبار أن الأسعار الجديدة الناتجة من إلغاء الضريبة الجمركية ستجعل المنتجات المستوردة قادرة على المنافسة في الأسواق أمام منتجات بلدان أخرى ومنها الجزائر.
 
ضغوط المستوردين لا "التحالف الثلاثي"؟
يرى خبراء أنّ الخطوة الموريتانية تأتي في إطار الردّ على الجزائر التي استثنت نواكشوط من التحالف المغاربي الجديد الذي يضمّ كلاً من تونس وليبيا والجزائر، وكان أعلن عن قيامه في وقت سابق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وعقد الرئيس التونسي قيس سعيّد أول اجتماع له في تونس بعد دعوة كل من تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي. فالجزائر هي أيضاً من مصدّري الخضار إلى موريتانيا، وتسعى جاهدة منذ سنوات إلى ولوج الأسواق الموريتانية من خلال منتجات عديدة، وبالتالي فإنّ هذه الخطوة، وبحسب محللين، ستجعل خضروات المغرب أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الموريتانية من الخضروات الجزائرية.
 
وفي المقابل، ثمة من يرى أنّ الخطوة الموريتانية لا علاقة لها بالتحالف المغاربي الجديد، الذي استثنى نواكشوط والرباط، وليست ردّ فعل انتقامياً من استثناء موريتانيا، وإنما هي استجابة لضغوط المستوردين الموريتانيين الذين دعوا عند إقرارها السلطات في نواكشوط إلى التراجع عن هذا القرار. ففي ذلك الوقت، اعتبر منتدى المستهلك الموريتاني، على سبيل المثال، الخطوة التي أقدمت عليها حكومة نواكشوط خطأ كبيراً، وضغط على الطرفين، أي نواكشوط والرباط، من أجل التفاوض لإيجاد حل جذري يحمي المستهلكين سواءً في موريتانيا أو في المغرب.
 
 
وعُقدت في هذا الصدد اجتماعات عديدة بين الحكومة الموريتانية من جهة، والمستوردين، من جهة أخرى، ضغط من خلالها هؤلاء على حكومتهم للتراجع عن قرارها، ما أدّى إلى إلغاء هذه الزيادات التي أثارت ضجّة واسعة في البلدين. ولولا هذه الاجتماعات المشار إليها وضغط المجتمع المدني من خلال البيانات والدعوات، ما كانت الحكومة الموريتانية لترفع هذا الحاجز الجمركي بوجه الخضار المغربية، والتي استنتج مراقبون أنّ وراءها لوبي مغربياً قوياً في نواكشوط يدافع بشراسة عن مصالح المغرب.
 
"لا يمكن عزله"
يرى الباحث في المركز المغاربي للبحوث والدراسات والتوثيق مروان سراي في حديث لـ"النهار العربي"، أن الخطوة التي قامت بها موريتانيا باتجاه المغرب، والمتمثلة في إلغاء قرار يقضي بإلغاء الزيادة التي كانت أقرّتها مطلع العام الجاري على واردات الخضار من المملكة المغربية، "وإن جاء نتيجة لضغوط داخلية موريتانية ومفاوضات بين حكومة نواكشوط ومتضررين من هذا القرار، إلّا أنّه لا يمكن عزله عمّا يحدث من تحالفات جديدة في المنطقة المغاربية. فعدم وجود موريتانيا في التحالف الثلاثي الجديد بين تونس والجزائر وليبيا ليس عابراً وعادياً أو يمكن المرور عليه مرور الكرام، فإما أن نواكشوط اختارت طوعاً عدم الإصطفاف مع هذا التحالف تضامناً مع المغرب، أو أنّه تمّ تجاهل موريتانيا من قبل الثلاثي ولم تتمّ دعوتها إلى هذا الحلف الجديد الذي يبدو أنّه سيقوم مقام اتحاد المغرب العربي المجمّد واقعياً".
 
ويضيف السراي: "في الحالتين، فإنّ ما يبدو هو أنّ العلاقات الموريتانية - المغربية باتت على أحسن ما يرام، وتشهد ربيعاً لم تعرفه في السابق، باعتبار أن المغرب تأخر في الاعتراف باستقلال موريتانيا وكان يعتبرها جزءاً من مملكته، واتخذ موقفاً معادياً من الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة حين كان أول من اعترف باستقلال موريتانيا سنة 1960 وسعى إلى نيلها لعضويتها في جامعة الدول العربية. وهذا الموقف كان يزعج كثيراً الموريتانيين الذين من بينهم أيضاً فريق لا يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، منتصراً للإتنية الحسانية التي ينتمي إليها العدد الأهم من الموريتانيين وسكان الصحراء الغربية".
 
ويتابع: "إذا فرضنا أنّ موريتانيا هي من رفضت الانضمام إلى التحالف الثلاثي، في الكواليس، فذلك سيذيب جليداً كثيراً بينها وبين المغرب، وسيجعل الرباط تقدم على خطوات باتجاهها عرفاناً منها بالجميل على موقفها، وأيضاً لفك عزلة الرباط مغاربياً. وقد يفرز هذا الود بين الطرفين إجراءات حسن نية من هذا الجانب أو ذاك. وإذا فرضنا أنه تمّ استثناء موريتانيا من التحالف الثلاثي، ولم تتمّ دعوتها إلى الانضمام، فإنّ نواكشوط يرجح أنّها ستتخذ خطوات للتقارب مع المغرب الذي سيصبح أقرب الجيران المغاربيين إليها، ولا يُستغرب أن تقوم بمبادرات ومنها إلغاء التعرفات الجمركية على الخضار المغربية".
 

اقرأ في النهار Premium