النهار

ترتيبات بدعم خارجي لضبط الأمن في العاصمة الليبية... ما دور الميليشيات؟
القاهرة-أحمد علي حسن
المصدر: النهار العربي
أصدر "تجمع قوى وشباب سوق الجمعة" بياناً قال فيه انه بالنظر إلى الاخطار المحدقة بطرابلس عامة ومن منطلق الشعور بالمسؤولية اجتمع ابناء سوق الجمعة للم الشمل ورأب الصدع والعمل المشترك من أجل منطقتهم، التي وصفها البيان بـ "قلب الثورة وحصن العاصمة".
ترتيبات بدعم خارجي لضبط الأمن في العاصمة الليبية... ما دور الميليشيات؟
اجتماع لأعيان وشباب "سوق الجمعة" في طرابلس بحضور محمود حمزة.
A+   A-
سلط الوضع الأمني المتردي في العاصمة الليبية وتصاعد احتمالات اشتعال حرب مفتوحة بين ميليشياتها المتصارعة على النفوذ، الضوء على "سوق الجمعة" وعلاقات أعيانه وكبار شيوخه بالقوى المتحكمة في السلطة.
 
و"سوق الجمعة" هو أكبر أحياء العاصمة مساحة، وأبرز مراكزها التجارية، سُمي كذلك نسبة إلى السوق الشعبي الذي يُقام كل يوم جمعة عبر السنين. يقع الحي شرق طرابلس (غرب ليبيا)، يحده من الغرب مناطق: زاوية الدهماني وشهداء الشط والنوفليين، ومن الجنوب عين زارة ومن الشرق تاجوراء ومن الشمال طريق الشط الساحلي. 
 
سباق بين التهدئة والانهيار
وتعيش طرابلس خلال الأسابيع الأخيرة على وقع سباق محموم بين محاولات التهدئة، وتصاعد فرص الصدام المسلح، في ظل احتدام التوتر بين ميليشيات العاصمة، وخصوصاً بين أكبر فصيلين من حيث العدد والعتاد: جهاز "دعم الاستقرار" وجهاز "الردع"، فيما كان "سوق الجمعة" وأعيانه محور سلسلة اجتماعات حضر بعضها زعماء المجموعات المسلحة لمحاولة لجم انحدار الوضع إلى صراع مسلح.
 
وأصدر "تجمع قوى وشباب سوق الجمعة" بياناً ورد فيه إنه "بالنظر إلى الأخطار المحدقة بطرابلس عامة ومن منطلق الشعور بالمسؤولية، اجتمع أبناء سوق الجمعة للمّ الشمل ورأب الصدع والعمل المشترك من أجل منطقتهم"، التي وصفها البيان بـ"قلب الثورة وحصن العاصمة". 
 
وطالب التجمع بـ"رأب الصدع وإصلاح ذات البين وطيّ صفحة الماضي وإعادة المهجرين وإطلاق سراح المسجونين المظلومين من دون أي قيد أو شرط"، من دون أن يوضح هوية هؤلاء السجناء وما إن كانوا من المدنيين أو يتبعون فصيلاً مسلحاً. 
 
وأشار إلى أن "هذه القوى من أبناء سوق الجمعة ستعمل على حل الخلافات بالحق والعدل والأخذ على يد الظالم وإنصاف المظلوم"، مؤكداً أن "المجتمعين ليسوا تبعاً لأي جهة أمنية أو عسكرية داخل سوق الجمعة أو خارجه، بل اجتمعوا لوحدة الصف ورأب الصدع وإصلاح الخلل". 
 
وحض التجمع على "التزام العمل المؤسسي وإنهاء المظاهر المسلحة كافة التي تُزعزع الأمن وتهدد السلم، مع التزام كل جهاز أو إدارة باختصاصها الأمني والعمل بمقتضى أحكام النيابات والقضاء الليبي المشهود له بالنزاهة"، داعياً إلى "الاحتكام إلى صوت العقل والحكمة ونبذ الفرقة". 
 
ترتيبات بدعم أميركي - تركي؟
ويتزامن هذا التطور مع معلومات عن ترتيبات أمنية جديدة يجري التباحث بشأنها بين المسؤولين الليبيين وقيادات أمنية أميركية وتركية، محورها توسيع نفوذ جهاز "دعم الاستقرار" بقيادة عبد الغني الككلي الملقب "غنيوة"، و"اللواء 444" بقيادة محمود حمزة على حساب تقليص باقي المجموعات المسلحة تمهيداً لدمج عناصرها، وسط غياب أي مؤشرات إلى تنفيذ تعهدات وزير الداخلية عماد الطرابلسي إخلاء العاصمة الليبية من الميليشيات بعد انتهاء شهر رمضان الماضي، قبل أن يعود ليكرر التعهد نفسه أواخر الشهر الماضي بحضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.
 
ويملك جهاز "دعم الاستقرار" علاقات قوية بدوائر صنع القرار في أنقرة أتاحت له حيازة طائرات مسيرة "درونز" تركية الصنع، بل التلويح باستخدامها في مواجهة خصومه، فيما نجح محمود حمزة، خلال الآونة الأخيرة، في كسب ثقة المسؤولين الأميركيين، لجهة حضوره أخيراً، ممثلاً عن ليبيا، اجتماعات أمنية عالية المستوى. 
 
 
ومن المقرر أن تستضيف العاصمة الفرنسية باريس اجتماعاً رباعياً يجمع ممثلين عن وزارات الخارجية والدفاع في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا، سيركز على بحث حلحلة الملف الأمني الشائك في ليبيا، وخصوصاً برامج نزع السلاح دمج الجماعات المسلحة الليبية.
 
أولوية الملف الأمني
المحلل السياسي أحمد مهداوي أكد أن "أي تدخل دولي لحلحلة الأزمة السياسية لن يُجدي نفعاً من دون وضع الملف الأمني أولوية والعمل على إنهاء مظاهر الفوضي الأمنية التي تعيشها العاصمة طرابلس، فكل المبادرات الدولية التي أطلقت خلال نحو عقد لم تنجح لأنها لم تضع تشخيصاً صحيحاً للحالة الليبية وركزت فقط على شقها السياسي". 
 
وإذ شدد مهداوي لـ"النهار العربي" على أن "ثمة ضرورة ملحة لوضع حد لاستمرار الصراعات المسلحة بين ميليشيات العاصمة والتي تنسف أي حلول سياسية تظهر في الأفق"، رأى أن التحركات الأميركية المكثفة خلال الآونة الأخيرة، وخصوصاً على الصعيد الأمني، "لا تهدف بالأساس إلى مصلحة ليبيا ووضع حد لمعاناة شعبها بل لمواجهة توسع النفوذ الروسي في القارة الأفريقية"، لافتاً إلى أن تضارب مصالح الدول الكبرى انعكس على "اشتعال الحرب بالوكالة في الساحة الليبية".
 
ويتفق المحلل السياسي إبراهيم القاسم مع مهداوي في شأن ارتباط الملفين السياسي بالأمني في ليبيا، "فلا استقرار سياسياً إلا عندما يكون هناك استقرار أمني والعكس صحيح". لكنه لفت إلى أن حكومة الوحدة الوطنية "تمكنت بالفعل خلال العام الأخير من إخراج المجموعات المسلحة التي لا تتبع لها أو إلى المجلس الرئاسي، وبات هناك نوع من التناغم بين المجموعات المسلحة التي بقيت داخل العاصمة الليبية، ما نتج منه ضبط للوضع الأمني، لكن خلال الفترة الأخيرة حدثت انقسامات داخل تلك المجموعات التي أصبحت متنافسة بسبب تقاطع مصالحها وارتباطها بمراكز القوى والنفوذ في طرابلس".
 
 
وأضاف لـ"النهار العربي": "هناك علاقة وتشابك واضحان بين صراعات النفوذ المحتدمة بين مؤسسات العاصمة والتوتر الحاصل بين المجموعات المسلحة التي تدين بالولاء إلى من يموّلها، فجهاز الردع مثلاً لن يتخلى عن تأمين مقر مصرف ليبيا المركزي... وإذا استمر الصراع بين حكومة الدبيبة ومحافظ المصرف المركزي ستفقد الأولى قدرتها المالية على تطويع مجموعاتها الأمنية"، مؤكداً أن ميليشيات العاصمة "تستغل الوضعين، السياسي المحتقن محلياً، والمشتعل في دول الجوار المحيطة لتثبيت مناطق نفوذها في الداخل انتظاراً لما سيؤول إليه مستقبل العملية السياسية". 
 

اقرأ في النهار Premium