النهار

نشاط "فاغنر" في أفريقيا... "خلاف صامت" بين الجزائر وروسيا
الجزائر-نهال دويب
المصدر: النهار العربي
في سابقة هي الأولى من نوعها، أعلن وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف فتح بلاده رسمياً ملف وجود قوات "فاغنر" بالقرب من الحدود البرية الجنوبية للبلاد، والتي تتقاسمها مع مالي والنيجر.
نشاط "فاغنر" في أفريقيا... "خلاف صامت" بين الجزائر وروسيا
تعاون جزائري - أفريقي في الملف الأمني. (أرشيف)
A+   A-

في سابقة هي الأولى من نوعها، أعلن وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف فتح بلاده رسمياً ملف وجود قوات "فاغنر" بالقرب من الحدود البرية الجنوبية للبلاد، والتي تتقاسمها مع مالي والنيجر.

وأعلن رئيس الدبلوماسية الجزائرية "إنشاء آلية مشتركة" مع روسيا "تضم دبلوماسيين وأمنيين، برئاسة الأمين العام لوزارة الخارجية لوناس مقرمان، عن الجانب الجزائري، وميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية والمبعوث الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين عن الطرف الروسي".
 
وبحسب عطاف، فإن "اللجنة الثنائية المكلفة بمتابعة قوات فاغنر في الإقليم ستجتمع مرة أخرى في المستقبل القريب".
 
رغبة في تسوية الملف
وفي السياقات السياسية والأمنية، تطرح تصريحات عطاف أسئلة واستفسارات عدة بشأن خلفية هذه التحركات التي تعتبر الأولى من نوعها في موقف الجزائر من الوجود الروسي في منطقة الساحل والصحراء.
 
ويقرأ الأستاذ المحاضر في كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الجزائر 3 لونيس فارس في هذه التصريحات "رغبة جزائرية واضحة في تسوية ملف الوجود العسكري الأجنبي في شمال مالي والنيجر ومنطقة الساحل عامة"، وخصوصاً بعدما سبق لجهات عدة أن اتهمت الجزائر بدعم وجود "فاغنر" في أفريقيا وتسهيل انتشارها. ويقول في حديث لـ"النهار العربي": "يعتبر فتح الجزائر لملف وجود قوات فاغنر من وراء الحدود أمراً في غاية الأهمية ويعبر عن موقف سيادي، وخصوصاً أن هذا الوجود يشمل معظم دول الساحل الأفريقي المتاخمة للحدود الجزائرية، وهذا الرفض هو استمرار لمواقف الجزائر ومبادئها في سياستها الخارجية الرافضة لكل أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولا سيما الشأن العسكري، ويشمل طبعاً الوجود الروسي، سواء عن طريق قوات فاغنر أو غيره".
 
ولوحظ في الفترة الأخيرة اتساع رقعة الانتشار الروسي في أفريقيا وتحديداً نحو الشمال، وبالتحديد في بوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا، حيث بدأ العمل على تشكيل فيلق جديد يحل محل قوات "فاغنر". وحسب معلومات نقلتها صحيفة "فيدوموستي" الروسية سيكون جاهزاً بحلول صيف 2024، على أن يضم من 40 ألف مقاتل إلى 45 ألفاً.
 
لقطة من فيديو نشرته "فاغنر" ويعتقد أنه عند الحدود بين مالي وموريتانيا.

الأمن القومي أولاً
ووفق فارس، فإنه "على رغم اعتبار روسيا حليفاً استراتيجياً للجزائر، تبقى بعض المواقف والقضايا غير متوافق عليها بين الطرفين، كما هي الحال بالنسبة إلى مسألة التدخل في مالي والوجود في منطقة الساحل، ما قد يقودنا إلى تقاطع في المواقف. فروسيا قد تتمسك بمصالحها ولو على حساب المصلحة المشتركة مع الجزائر، وهو الأمر الذي قد ترفضه الدولة الجزائرية".

ويلفت المتحدث إلى أن "زيارة الرئيس عبد المجيد تبون لروسيا العام الماضي هدفت إلى تأكيد رغبة الجزائر في بناء علاقات استراتيجية معمقة، غير أنه مرر مجموعة من الرسائل أهمها أن الجزائريين أحرار وسيبقون كذلك، مؤكداً عدم الانحياز، والعمل من أجل بناء عالم عادل تسوده قيم العيش والسلم والاستقرار".
 
 
وعن طريقة تعاطي موسكو مع التحفظ الجزائري عن انتشار قوات "فاغنر" الروسية في الساحل الأفريقي، أجاب فارس: "فتح الملف مع الطرف الروسي يستوجب يقينه بعدم قبول الجزائر بهذا الوجود وبأي تهديد لمصالحها وأمنها القومي، ما يجعلها تعيد التفكير في أولوية العلاقات الاستراتيجية بينهما".
 
ويلفت إلى أن "أولى القضايا التي تلقي بظلالها على واقع هذه العلاقات ومستقبلها، تلك التي تتوقف على تهديد استقرار دول الجوار الساحلي بما قد ينعكس سلباً على أمن الجزائر، والتي تعتبر الحليف الأكثر تعاوناً مع روسيا في أفريقيا، وإحدى أكثر الدول قبولاً لدى مختلف القوى الغربية والدولية من أجل إقامة علاقات معها وتمتينها (...)، ما يؤهلها لتغيير خريطة تحالفاتها في أي لحظة تشعر فيها بتهديد أمنها من جراء وجود فاغنر في المنطقة، وهو ما يعتبر خسارة كبيرة لروسيا في حال عدم القبول بالمقترح".
 
لماذا البقاء رغم الانسحاب الفرنسي؟
ويرى الباحث الجزائري في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية عدنان محتالي أن "الجزائر ليست دولة توسعية، ولذلك فإن هدف جهودها الدولية صون مصالحها لا غير". وتطرق للحديث عن أسباب انتشار مجموعة "فاغنر" في منطقة الساحل، قائلاً إن "نشاط المجموعة كان موجهاً في البداية ضد الوجود الفرنسي، لكن فرنسا أعلنت عن انسحابها من النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وهو ما يثير تساؤلات عن أسباب بقاء فاعنر في المنطقة، بل إنها تستعد للتوسع".
 
ويبدو أن مقاتلي المجموعة باتوا يشكلون خطراً على استقرار أفريقيا لأسباب عدة، يذكر منها محتالي "الأساليب الدموية والانتقائية التي أصبحوا يتعاملون بها مع سكان شمال غرب مالي، وكذلك سكان المناطق الحدودية مع الجزائر وموريتانيا".
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium