أغضب القميص الذي ارتداه مارك زوكربيرغ مؤسس موقع" فايسبوك" خلال احتفاله بعيد مولده الأربعين التونسيين.
وظهر رائد مواقع التواصل الاجتماعي في العالم وهو يرتدي قميصاً أسودَ عليه عبارة أثارت استياء التونسيين وتحولت لموضوع جدال واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وحتى وسائل الإعلام في البلد.
"يجب أن تدمر قرطاج"
وارتدى زوكربيرغ قميصاً كتب فيه باللون الأبيض باللّاتينية "كارثاجو ديليندا إست" وهي عبارة تشير إلى تدمير قرطاج، وترجمتها "يجب أن تُدمّر قرطاجنة"، وصرح بها ماركوس بورسيوس كاتو أو كاتو الأكبر، وهو سياسي بارز في الجمهورية الرومانية.
ونشأت هذه العبارة من المناقشات التي دارت في مجلس الشيوخ الروماني قبل الحرب البونية الثالثة (149-146 ق.م) بين روما وقرطاج، حيث كان يستخدمها كاتو خاتمة لكل خطبه من أجل الدفع للحرب، إذ كثيرا ما صرخ في مجلس الشيوخ الروماني: ''يجب تدميرُ قرطاجنة... ينبغي عدم التصالح مع الحضارة الأخرى".
ويقول مؤرخون إنّ هذه الجملة كانت بمثابة إعلان عن نهاية الإمبراطورية القرطاجية.
سجال واسع
وطرحت العبارة أسئلة كثيرة من رواد السوشيل ميديا في تونس بين من رأى أنها تحمل دلالات وتلميحات تاريخية لإسقاطها على الواقع، وبين من قال إنها موقف سياسي متعمد، وثمة من دعا للاستفادة من الجدال للترويج لتونس، وذهب الأمر بالبعض من المعلقين للمطالبة بتحرك من وزارة الخارجية للرد على مؤسس "فايسبوك".
وتتالت التعليقات على صور زوكربيرغ في صفحته، وتحول قميصه لوسم علق عبره التونسيون على هذه العبارة.
وفي السياق كتب الصحافي لطفي المسعودي: "جرّب أن تنشر صور مظاهرة مساندة للقضية الفلسطينية، وسيسارع فايسبوك بتحذيرك من أنّك تنشر مضمونا لا يتلاءم مع لوائحه!!! أمّا أن يظهر مؤسّس فايسبوك مارك زوكربيرغ في عيد ميلاده بتيشيرت كتبت عليه عبارة تذكّر بإحدى الفظاعات والجرائم الكبرى التي ارتكبت بحقّ الإنسانيّة، ألا وهي جريمة إحراق قرطاج وإبادة أهلها على يد الرّومان، ففي الأمر رسالة خطيرة المضامين في السياق الحالي الذي تمرّ به منطقة الشّرق الأوسط".
وتابع "قرطاج هي عاصمة الإمبراطورية الفينيقيّة، والفينيقيون ليسوا سكّان تونس فقط، بل سكّان شمال إفريقيا وفلسطين ولبنان وسوريا… هل كان (السيناتور الجمهوري الأميركي) ليندسي غراهام يهذي حين تحدث عن سيناريو الحسم النووي في غزّة، أم أنّ الأوامر السريّة قد صدرت بالفعل!!! لا أتصوّر البتّة أنّ مارك زوكربيرغ يجهل معنى العبارة".
في المقابل استهزأ جزء من المعلقين بالتنديد الواسع بـ"تيشيرت" زوكربيرغ، وقال بعضهم إن هذا القميص يباع في أغلب الأسواق في العالم بمبلغ لا يتجاوز 35 دولاراً، وإن "هذه العبارة متداولة في الغرب وتقال في العادة لتكسير الخصم".
وعلق أحد التونسيين قائلاً: "تسارعت الاحتمالات، البعض يرون في ذلك إشارة إلى الصراع التاريخي بين روما وقرطاج، رمزا لمشاكل الاستعمار والصراع. بينما يرى آخرون فيه انتقادا ضمنيا للقوة الشاسعة لعمالقة التكنولوجيا، تجسدها فايسبوك وزوكربيرغ نفسه. ويعتقد البعض حتى أنها كانت مزحة بسيطة أو حيلة تسويقية ماهرة".
وتابع: "للأسف، لم يوضح زوكربيرغ نيته، مما يترك الغموض يسيطر. ومع ذلك، هناك شيء واحد مؤكد: إن هذا الفعل أعاد إلى الواجهة النقاش حول السلطة والتاريخ وتأثير التكنولوجيا في مجتمعنا الحديث".
وختم: "بالإضافة إلى جانبه السياسي، يثير أسئلة هامة حول حرية التعبير ومسؤولية الشخصيات العامة. هل لدى زوكربيرغ، كشخصية مؤثرة، الحق في الترويج لرسائل مثيرة للجدل؟ هل يجب عليه أن يهتم بالتأثيرات الناتجة عن أفعاله على الرأي العام؟".