أتت حرائق هائلة مساء أمس الأربعاء على مساحات كبيرة من غابات النخيل في مناطق متفرقة من محافظة ورقلة جنوب شرقي الجزائر. واشتعلت بعض الواحات في أحياء الشط وعجاجة في بلدية عين البيضاء غير بعيد عن وسط المدينة.
وساهمت الرياح القوية التي تشهدها المنطقة هذه الأيام في توسع رقعة الحرائق لتمتد إلى الأحياء المجاورة مثل القارة وسيدي بن ساسي، مقتربة من الأحياء السكنية وسط مدينة ورقلة. وقضى سكان هذه المناطق ليلة بيضاء، وخرجوا عن بكرة أبيهم للمساهمة في إخماد الحرائق ومحاولة إنقاذ المواشي.
واستمرت الحرائق طوال الليل، وبذل رجال الدفاع المدني وعناصر الجيش جهوداً كبيرة لإهمادها بعدما التهمت مساحات شاسعة من أشجار النخيل، في وقت فتحت الشرطة تحقيقاً لمعرفة أسبابها الغامضة، بخاصة أن معدلات درجات الحرارة لم تتعد الـ26، وهو ما ينفي عامل الحرارة المتسبب في الكثير من الأحيان في اشتعال المساحات الغابية.
عصابات الفحم...
وفي حين رجحت بعض المصادر لـ"النهار العربي" تسبب العامل البشري باشتعال النيران مع سرعة الرياح، استبعد الإعلامي علي بن جدو خليف ذلك، مؤكداً أن العوامل المناخية، بخاصة الحرارة، ساهمت مباشرةً في اندلاع النيران، وزاد في توسعها هبوب الرياح وسرعتها.
وأكد خليف لـ"النهار العربي" أن "التحقيقات الأمنية هي الكفيلة بتحديد الأسباب الحقيقية لاشتعال الحرائق بهذا الشكل المريب والذي لم تشهده واحات النخيل في محافظة ورقلة من قبل".
وعن حديث البعض عن عصابات الفحم التي تتسبب في الحرائق للاستفادة من تجارته مع اقتراب عيد الأضحى، لاحظ خليف أنه "كلما اقترب عيد الأضحى زادت حدة هذه الأحاديث، غير أن الأمر مستبعد"، مفضلاً ترك الأمر للتحقيقات الأمنية للتوصل إلى الفاعل.
وأعادت حرائق ورقلة إلى الأذهان سيناريوهات حرائق الغابات التي تشهدها الجزائر كل صيف، إذ أتت حرائق الغابات خلال السنوات الماضية، بخاصة في محافظات تيزي وزو وبجابة وسكيكدة، على مساحات واسعة من الغابات وتسببت بوفاة عشرات الأشخاص وإصابة المئات، فضلاً عن تدمير قرى بكاملها.
ورغم تعدد العوامل المتسببة في نشوب الحرائق، ومنها تأثير التغيّر المناخي الذي يؤدي إلى موجات حر شديدة وصلت فيها درجات الحرارة في شمال البلاد خلال شهر تموز (يوليو) 2023، إلى 44 درجة مئوية، أوقف الأمن الجزائري عدداً من الأشخاص المتسببين، بشكل أو بآخر، في نشوب الحرائق، وزج بهم بعد محاكمتهم في السجن. وتؤكد إحصائيات رسمية أن 90 في المئة من حرائق الغابات أسبابها بشرية، كالتصرفات غير المسؤولة لبعض الأشخاص ورمي النفايات، وإشعال النار في الغابات ورمي الزجاج وغير ذلك.
الاستعدادات الحكومية
وأطلقت الحكومة حملة توعية مبكرة هذا العام للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها، انطلقت في أول أيار (مايو) وتستمر إلى 31 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
وأوضح وزير الزراعة يوسف شرفة، في تصريح سابق، أن الهدف من الإطلاق المبكر لحملات الوقاية من الحرائق، هو التصدي الأكبر للمخاطر والخسائر المترتبة عن النيران.
وأعلنت الحكومة، بداية العام الجاري، اقتناءها أسطولاً يضم عدداً من الطائرات المخصصة لإخماد الحرائق في إطار خطة استباقية.