أعلن المغرب حالة التأهب القصوى تحسباً لحرائق الغابات المحتملة بسبب الجفاف وموجات الحرارة الطويلة المسجلة، وخصص لذلك 153 مليون درهم، مع رفع عدد طائراته من نوع "كنادير" إلى سبع، والاستعانة بالذكاء الاصطناعي، و"الدرونات"، والأقمار الصناعية الأميركية استعداداً لصيف 2024.
ويبدو أن المغرب استخلص دروساً مهمة من مآسي حرائق الغابات في السنوات الأخيرة التي أجهزت على آلاف الهكتارات من الغابات، آخرها حرائق الغابات الموسم الماضي التي بلغت 466 حريقاً أتت على مساحة تقدر بـ6426 هكتاراً من الغابات والمساحات العشبية والموسمية.
وعلى رغم اعتبار الوكالة الوطنية للمياه والغابات (حكومية)، أن حصيلة الصيف الماضي "جيدة" مقارنة بسنة 2022 التي تم فيها تسجيل مساحة محروقة تقدر بـ22760 هكتاراً أي بمعدل انخفاض يقدر بـ70% رغم تسجيل الظروف المناخية الصعبة نفسها، إلا أنها قررت اتخاذ جملة من التدابير الاستباقية تجنباً لحدوث مآسي غابات جديدة.
تدابير استباقية شاملة
وبناءً عليه، أكدت الوكالة أنها خصصت للوقاية من الحرائق مبلغاً يقدر بـ153 مليون درهم، كما اتخذت كل التدابير الاستباقية مع الشركاء المعنيين لمواصلة الجهود الرامية إلى تثمين سياسات الوقاية ومكافحة حرائق الغابات، خصوصاً مع ارتفاع توقعات الوكالة بأن يتزايد خطر نشوب حرائق الغابات هذه السنة بسبب أزمة الجفاف الحاد وموجات الحرارة الطويلة المسجلة في مختلف ربوع المملكة.
ومن المرتقب أن يوظف هذا المبلغ المالي لتوفير التجهيزات والوسائل الكفيلة بالحد من اندلاع الحرائق، وذلك من خلال تعزيز دوريات المراقبة للرصد والإنذار المبكر، وفتح المسالك ومصدات النار في الغابات، وتهيئة نقاط الماء مع صيانة أبراج المراقبة، وتوسيع الحراجة الغابوية، بالإضافة إلى شراء سيارات مجهزة جديدة للتدخل الأولي.
ولا ينوي المغرب الاكتفاء بهذا القدر من التحضيرات الاستباقية لموسم صيفي قد يكون ساخناً، إذ تسلّمت القوات المسلحة المغربية طائرة "كنادير" جديدة ستكون السابعة في الأسطول المغربي المتخصص في مكافحة حرائق الغابات، وفق ما أكدته مصادر حكومية لـ"النهار العربي"، وشدّدت على أن البلاد "تحاول ما أمكن ألا تصادف مفاجآت سيئة".
طائرة متخصصة بمكافحة الحرائق
وأوضحت المصادر ذاتها أن الطائرة الجديدة التي تسلّمها المغرب، هي من طراز “Canadair CL-215T”، وتحمل الرمز المغربي “CN-ATT”، وقد عبرت المحيط الأطلسي لتتوقف في مطار في جزر الأزور في البرتغال قبل وصولها إلى القاعدة الجوية الثالثة للقوات الجوية الملكية في مدينة القنيطرة لتعزيز الأسطول الجوي للمملكة، والذي عادة ما يتم توجيهه أيضاً لخدمة البلدان الصديقة والحليفة التي تواجه هذا النوع من الكوارث، باعتبار هذا النوع من الطائرات هو الأحدث من نوعه في هذا المجال.
وتعتبر هذه الطائرة الثانية من ثلاث طائرات "كنادير" طلبها المغرب أخيراً، لتضاف إلى الخمس التي كان يملكها من طراز “Canadair CL-415” خلال سنة 2022.
وقال المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات عبد الرحيم هومي لـ"النهار العربي" إن المغرب، ككل سنة، يضع خطة استباقية لاحتواء المخاطر المحدقة بالنسيج الغابوي، من خلال توفير كل التدابير والإمكانات والتجهيزات، فضلاً عن جميع الشركاء والمساهمين الذين أعلنوا جاهزيتهم التامة لأي خطر محتمل، مشيراً إلى أنه تم الوقوف على التحسينات والتعديلات التي تم إدخالها في مناهج طريقة العمل، وكذلك الاطلاع على التقنيات التكنولوجية الجديدة لمحاربة الحرائق وأبرزها الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لرصد نقط سوداء.
وأشار إلى أن تخصيص مبلغ 153 مليون درهم سيشمل كل ما يتعلق بمواكبة الغابات بالكاميرات المراقبة وتنقية "مصدات النار وأبراج المراقبة والصيانة والتدخل السريع لطائرات الكنادير التي تلعب درواً مهماً في التدخل لإخماد الحرائق".
ويضم أسطول المغرب طائرة "درون" واحدة فقط لمواجهة خطر حرائق الغابات، وفق ما أكده المسؤول الذي أعلن نية المملكة اقتناء سبع طائرات أخرى جديدة منها في السنوات المقبلة.
وأوضح الهومي أن "الدرون" تتمتع بخصائص متقدّمة جداً في مواجهة خطر نشوب الحرائق، إذ تمكِّن المعنيين من تحديد المناطق حيث كثافة النيران، ليكون بذلك تدخلهم دقيقاً، وهي التجربة التي دفعت البلاد إلى التفاوض على اقتناء سبع جديدة مستقبلاً، حتى تتم تغطية كل جهات المملكة.
الذكاء الاصطناعي على الخط
ويستخدم المغرب أيضاً الأقمار الصناعية في حربه ضد الحرائق، وذلك بشراكة بين الوكالة والمركز الملكي للاستشعار عن بعد. ويستعين بأقمار صناعية صغيرة أميركية تنتشر بكثافة، وتعطي صوراً ومعلومات على مدار الساعة.
كما يستعين المغرب بتكنولوجيا أميركية متطورة جداً بحسب ما أكده مدير تدبير المخاطر المناخية الغابوية والبيئية والتشجير في الوكالة الوطنية للمياه والغابات فؤاد عسالي، من خلال تعزيز دور الذكاء الاصطناعي عبر نظام معلوماتي يتعلق بتحسين خرائط انتشار الحرائق.
وطور فريق مغربي نظاماً معلوماتياً على مدار السنوات الخمس الماضية، تمت تجريبه أخيراً في حريق الناظور، وأعطى نتائج جيدة، إذ تصل نجاعته إلى 75 في المئة، وفق إيضاحات عسالي الذي أشار إلى أن هذا النظام سيخضع لمزيد من التطوير، وهو يمتاز بالاستباق، ويسهل العمل أمام الفرق الميدانية، كما سيتم تعزيز فرق التدخل الأولي هذا الموسم لتصل إلى 350 وحدة مجهزة، ستكون مهمتها التدخل الأولي حتى تصل فرق التدخل البري والجوي.