تستعد تونس لإصدار قانون يهدف إلى تنظيم عطلة الأمومة والأبوة في القطاعين العام والخاص يتضمن 22 فصلاً، وذلك لتدعيم منظومة حقوق المرأة وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل، وأيضاً لمواكبة المتغيرات في المجتمع والعالم، وللاقتراب من المعايير الدولية الخاصة بحماية الأمومة.
ويسود اقتناع لدى التونسيين بأن القانونين القديمين جائران بحق المرأة ومتخلفان وبحاجة إلى تنقيح، إذ يعودان إلى عام 1983 بالنسبة إلى القطاع العام، وإلى 1974 بالنسبة إلى القطاع الخاص، ولا يتلاءمان مع المستجدات المجتمعية الحالية.
تمديد العطلة
ومن أهم ما يتضمنه مشروع القانون الجديد تمتع المرأة في القطاعين بعطلة أمومة لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع قبل الولادة، وعن اثني عشر أسبوعاً بعد الولادة. كما انتفاع المرأة بكامل راتبها طيلة خمسة عشر أسبوعاً في القطاع العام، واستحقاقها ثُلثي الأجر اليومي الاعتيادي المصرح به بالنسبة في القطاع الخاص.
كما يتضمن المشروع إمكان تمديد إجازة الأمومة شهراً إضافياً لتصل إلى 12 أسبوعاً، مع إمكان منح راحة لمدة 16 أسبوعاً عند ولادة توأمين أو طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى انتفاع الأم براحة رضاعة تدوم ساعة وتكون في بداية حصة العمل أو في نهايتها بحسب اختيار الأم على ألا تقلّ مدة حصة العمل عن أربع ساعات، وتُمنح راحة الرضاعة لمدة ستة أشهر ابتداءً من تاريخ نهاية عطلة الأمومة. وحدد المشروع الجديد أقصى مدة لإجازة الأمومة وجعلها عشرين أسبوعاً بدءاً من عطلة ما قبل الولادة.
إجازة أبوية
ومن بنود مشروع القانون تمديد عطلة الأبوة لتصل إلى 10 أيام من دون المساس بالأجر شرط أن يقدم الأب طالب العطلة شهادة طبية تُثبت ولادة زوجته. ويتضمن المشروع أيضاً إمكان تمتع أحد الوالدين بـ"عطلة والدية" تراوح مدتها بين 4 أسابيع و16 أسبوعاً مع نيل نصف الراتب بالنسبة إلى القطاع العام، ونيل منحة بثلث الأجر اليومي الاعتيادي بالنسبة إلى القطاع الخاص.
يشار إلى أن الأب، بحسب التشريع الحالي، يتمتع بعطلة يومين في القطاع العام ويوم واحد فقط في القطاع الخاص. وتتمتع الأم بعطلة أمومة شهرين إذا كانت عاملةً في القطاع العام، وشهراً لا غير قابلاً للتمديد مرتين بعد إظهار شهادة طبية إذا كانت عاملة في القطاع الخاص.
توافق مع الدستور
ويرى أستاذ القانون والمحامي التونسي صبري الثابتي في حديث إلى "النهار العربي" أن مشروع القانون الجديد "مهم جداً لأنه جاء متلائماً مع الفصلين 12 و23 من الدستور التونسي ليحمي الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، وليكرّس المساواة بين الجنسين، والمساواة بين القطاع العام والقطاع الخاص. ولعل مشاركة المجتمع المدني وخبراء القانون في صوغ هذا المشروع يجعله يتمتع بالمصداقية والجدية والقبول من عموم المواطنين، وهذا مهم ووجب توفره في كل تشريع جديد".
ويقول الثابتي: "كما تكمن أهمية هذا القانون في دعمه دور الوالدين في رعاية الأبناء وحمايتهم وعدم اقتصار تربية الأبناء على الأم وحدها، مثلما يحصل في البلدان المتقدمة التي نجحت في هذا الإطار. كما أن حماية الحقوق المكتسبة للمرأة التونسية ودعمها وتطويرها كانت أيضاً هدف المشرع التونسي من إعداد هذه المبادرة التشريعية التي ستصبح قانوناً نافذاً خلال الأسابيع المقبلة".
نقائص كثيرة
في المقابل، يرى الكاتب والباحث التونسي في علم الاجتماع هشام الحاجي في حديث إلى "النهار العربي" أن هذا المشروع "لم يُناقش كما يجب من جانب أهم منظمات المجتمع المدني، والمنظمات التي استُشيرت قليلة ولا تمثل التونسيين على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم. فقانون مثل هذا سيعوض قانونين مضى عليهما وقت طويل وتسببا في كوارث للعائلة التونسية وللمسار المهني لكثير من النساء". وكان من المفروض، بحسب الحاجي، أن تتوسع أكثر الاستشارات بشأنه لتشمل أهم المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة وأيضاً المركزية النقابية و"منظمة الأعراف" وغيرها.
ويؤكد الحاجي أن "تمديد عطلة الأمومة غير كاف ولا يتطابق مع الاتفاقيات الدولية التي توصي بمنح النساء راحة مدفوعة الأجر ما بعد الإنجاب لمدة لا تقل عن 6 أشهر. كما أن منح الأب عطلة بدا للبعض خياراً غير مدروس ولم يأخذ في الاعتبار الوضع الاستثنائي الذي تمر به تونس من الناحية الاقتصادية والمالية".