يجتمع اليوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون برؤساء الأحزاب السياسية في المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة، في لقاء هو الأول من نوعه قبل أقل من شهر من توقيع مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية المقررة في 7 أيلول (سبتمبر) المقبل.
وحسبما ورد في نص الدعوة الرئاسية للقاء، فإن جدول الأعمال يتضمن عرضاً لأبرز القضايا ذات الصلة بالشأن العام الوطني على ضوء الانتخابات الرئاسية المبكرة، إضافة إلى أبرز الملفات الإقليمية والدولية.
وأبقت رئاسة الجمهورية على جدول الأعمال "مفتوحاً" ترقباً لاقتراحات قادة الأحزاب المشاركة، وأًدرج اللقاء في إطار "التكريس المتجدد لهذا النهج القائم على قاعدة الحوار والتشاور".
الأول من نوعه
ويعتبر اللقاء الموسع سابقة، فالرئيس ومنذ تسلمه السلطة في كانون الأول (ديسمبر) 2019 اعتاد على استقبال كل رئيس حزب سياسي على حدى، إذ أجرى أكثر من 30 لقاء إضافة إلى لقاءات أخرى شملت شخصيات سياسية ونقابية مستقلة، ومن الذين قادة أحزاب معارضة على غرار جبهة القوى الاشتراكية، وأخرى اتخذت موقفاً سلبياً من الانتخابات على غرار الأمينة العامة لحزب العمال التي رفضت الإقرار بشرعية الانتخابات الرئاسية السابقة.
المحلل السياسي أحسن خلاص يعلق على اللقاء بالقول إنه "لقاء تشاوري، ولا ينتظر منه أي توصيات أو قرارات، فالرئاسة تريد أن تستطلع آراء الأحزاب السياسية بشأن قضايا وطنية وإقليمية، وتطلعها على بعض المعطيات التي قد تخفى عليها بهدف توحيد الخطاب السياسي بشأن الجزائر من القضايا الدولية، أما في ما يخص الشأن الداخلي فسيكون اللقاء فرصة للاستماع للأحزاب".
وأبدى تبون في الفترة الأخيرة اهتماماً لافتاً بالانفتاح على قادة الأحزاب السياسية من الموالاة أو المعارضة، واستقبلهم بشكل متعاقب ودون انقطاع في إطار النقاش والحوار السياسي، بعدما كان الاهتمام منصباً في البداية على مكونات المرصد الوطني للمجتمع المدني.
ووفق خلاص فإن "تجربة الاعتماد على المجتمع المدني وحده خلال العهدة الرئاسية أظهرت محدوديتها، وظهر أنه لا يمكن الاستغناء عن الأحزاب السياسية كشريك سياسي بالرغم من ضعف الأحزاب بعد الحراك الشعبي، فقد أظهرت الانتخابات البرلمانية والمحلية الماضية تراجعاً ملحوظاً في عدد أصواتها، فضلاً عن تراجع تأثيرها في المجتمع".
لقاء سابق لقادة أحزاب جزائرية.
عدم احتكار القرار السياسي
ووفق متابعة "النهار العربي" يشارك في اللقاء كل من "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" و"حركة البناء الوطني" و"جبهة المستقبل"، ويرجح أيضاً مشاركة المرشح للانتخابات بلقاسم ساحلي، وهو رئيس التحالف الوطني الجمهوري، بينما لم يتضح بعد موقف "جبهة القوى الاشتراكية" و"حركة مجتمع السلم" (أكبر حزب إسلامي في البلاد).
وتطالب معظم الأحزاب السياسية بتعديل قانون الانتخابات، لأن المادة 253 منه تشكل عائقاً كبيراً أمام المرشحين وكانت السبب وراء إقصاء العديد منهم، إذ تشترط جمع 600 توقيع فردي لأعضاء منتخبين في مجالس بلدية أو ولائية، أو برلمانية، بحيث تكون موزعة على 29 ولاية على الأقل.
وتقترح المادة أيضاً جمع 50 ألف توقيع فردي على الأقل لناخبين مسجلين في لائحة انتخابية، كما يجب أن تجمع عبر 29 محافظة، على أن لا يقل عدد التوقيعات المطلوبة في كل ولاية عن 1200 توقيع.
ويقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عمار سيغة لـ"النهار العربي" إن "هذا اللقاء يأتي تتمة للقاءات الرئيس تبون الانفرادية مع قادة الأحزاب السياسية، وسيسعى الرئيس من خلاله إلى توجيه رسائل للجزائريين وللنخب ولكل من يتابع اضطلاعه برئاسة البلاد من مراقبين سياسيين في الداخل والخارج، أهمها توحيد الصف داخلياً لأنه كفيل بمواجهة الخطر الخارجي وأيضاً دمقرطة الحياة السياسية وتوسيع الاستشارات وعدم احتكار القرار السياسي في البلاد".
رسالة أخرى يمكن استخلاصها من اللقاء، وفق سيغة، وهي "تكريس مبدأ الديموقراطية التشاركية، وهذا مؤشر إيجابي إلى الوضع الصحي للنظام السياسي للبلاد وتعافيه، بعد ما تعرضت له الطبقة السياسية من تصحير خلال العقدين الماضيين".