في ما يبدو مؤشراً على عودة الدفء إلى العلاقات المغربية – الفرنسية، بعد أزمة دبلوماسية حادة، ظفرت شركة Bouygues الفرنسية للبناء، الرائدة في مجال البناء المستدام، بعقد تشييد مستشفى محمد السادس الجامعي الدولي في العاصمة المغربية الرباط وفق مواصفات دولية عالية، والذي يعدّ الأحدث مغربياً والأضخم أفريقياً.
450 مليون يورو
العقد المبرم بين الحكومة المغربية والشركة الفرنسية ضخم، قيمته 450 مليون يورو، وينص على تسليم المستشفى جاهزاً للتشغيل في أيلول (سبتمبر) 2025، وهذا المرفق الصحي المتطور "سيعزز المشهد الاستشفائي المغربي، ويقوّي الاستجابة للاحتياجات المستقبلية في الرعاية الصحية العالية الجودة في العاصمة المغربية والمدن المحيطة بها".
وهذا ليس أول عقد تفوز به هذه الشركة الفرنسية، المتخصصة في تصميم البنى التحتية والمباني الأساسية وبنائها وإعادة تأهيلها، بل هو الثالث الذي تنفّذه من خلال شركة BYMARO، وكيلتها في المغرب. فقد نفذت الشركة مشروع المستشفى الجامعي محمد السادس ببوسكورة وسلّمته في عام 2019، ومدينة الرعاية الصحية الذكية ببن جرير التي لا تزال أشغالها قائمة حتى الآن، "وهذا يعني أن السلطات المغربية تثق في خبرة هذه الشركة الفرنسية لإنجاز البنى التحتية للمصحات الاستشفائية في المملكة".
تقدّم شركة Bouygues خدماتها للعموم، في تصميم المباني والأحياء وبنائها وإعادة تأهيلها في قطاعات مختلفة، كالصحة والتعليم والعمل والسياحة والترفيه، إضافة إلى مرافق القطاع العام. يقدر حجم مشروعاتها بنحو 9,8 مليارات يورو في عام 2023، في أكثر من 60 دولة حول العالم.
تصميم وتنفيذ فرنسي
يضم هذا المستشفى الجامعي، بحسب تصميمه النهائي، أربعة مبانٍ ويتألف كل مبنى من ستة طوابق، إضافة إلى برج في 25 طابقاً، على مساحة إجمالية تزيد على 275000 متر مربع. تولت شركةAIA Architectes المعمارية الفرنسية تصميم هذا المجمع الاستشفائي، مركزةً على التكامل المتناغم بين ثلاثة هياكل: البرج الذي سيخصص للعيادات الاستشارية والمكاتب الإدارية للمستشفى والجامعة، إضافة إلى غرف مخصصة للتدريس؛ والمستشفى بمرافقه المختلفة من استشفاء وطوارئ وتصوير تشخيصي وعناية مركزة وأجنحة المرضى؛ والجامعة التي ستضم جميع قاعات المحاضرات.
يدمج هذا المستشفى الجامعي أحدث البنى التحتية الرائدة في مجالي الرعاية الصحية والتعليم، فيضم 553 سريراً، و20 غرفة مجهزة بأحدث التقنيات الطبية للعمليات الجراحية، وقطباً طبياً مخصصاً للعصبة الوطنية لمقاومة أمراض القلب والشرايين، ووحدات للعناية المركزة، ووحدات للاستشفاء وإعادة التأهيل، وأخرى للإنعاش، إضافة إلى وحدة لعلاج الحروق الكبرى، وأخرى لعلاج أمراض الجهاز التنفسي الحادة، ومركز لمعالجة القصور الكلوي. أما الجامعة فتضم 15 قاعة محاضرات، و72 غرفة تدريس، و217 غرفة عمل، ومركزاً للمؤتمرات وآخر للتكوين والتدريب، وكلها مجهزة بأحدث التقنيات السمعية والبصرية. وبحسب الشركة المعمارية الفرنسية، يصبو هذا التصميم إلى تحسين وصول المرضى والموظفين إلى مختلف الخدمات الصحية والتعليمية والإدارية والتدريب.
يطمح القائمون على مشروع المستشفى الجديد أن يُحدث فرص عمل مغربية كثيرة، إذ يحتاج إلى تعبئة 3500 عامل، خصوصاً أن جميع المقاولين الذين سيتولون تنفيذ التصاميم الفرنسية مغاربة.
التزام بيئي
كذلك، سيسعى القائمون على هذا المستشفى الجامعي إلى الحصول على شهادة بيئية استثنائية، من خلال استخدام حلول مستدامة، كتركيب 8800 متر مربع من الألواح الكهروضوئية بقدرة 2 ميغاوات، تغطي أكثر من 10 في المئة من إجمالي احتياجات المستشفى من الطاقة، ما يعني أن هذا التصميم سيسمح بتخفيض انبعاثات الكربون بنسبة تزيد على 40 في المئة، مواكبةً لمقاربة تنموية مستدامة تحث الحكومة المغربية على انتهاجها في عمليات الإنشاء والتشييد، انسجاماً مع توجهات المملكة المغربية والتزاماتها البيئية.
لا يهدف هذا الصرح الطبي إلى توفير رعاية طبية عالية الجودة فحسب، بل يسعى إلى أن يكون مرجعاً للمرافق الاستشفائية الجامعية المستقبلية في المغرب، بدمج مجموعة واسعة من الخدمات، وأن يكون أيضاً ركيزة أساسية في استراتيجية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في مسيرتها لتقديم أجود رعاية صحية في المغرب.