النهار

تونس تسعى لملء سدودها الفارغة بمياه "الاستمطار" الإندونيسي
روعة قاسم
المصدر: النهار العربي
عمليات الاستمطار ستتم فوق السدود الكبرى على غرار سد سيدي سالم في ولاية باجة وسد بني مطير في ولاية جندوبة وسد ملاق في ولاية الكاف وسد سيدي سعد في ولاية القيروان وغيرها من السدود. وبالتالي فإن الغاية من اعتماد تقنية الإستمطار هي ملء هذه الخزانات الكبرى من المياه لا غيرز
تونس تسعى لملء سدودها الفارغة بمياه "الاستمطار" الإندونيسي
طائرة مخصصة لعمليات الاستمطار الاصطناعي
A+   A-
تسعى تونس لإيجاد حلول لأزمة الجفاف التي ضربت البلاد خلال السنوات الماضية التي تراجعت فيها كمية المتساقطات بتأثير التغيرات المناخية الناتجة من ظاهرة الاحتباس الحراري، وهي أزمة أضرت كثيراً بالقطاع الزراعي وبمخزون البلاد من المياه الجوفية والسطحية. ولتعويض النقص لجأت الدولة إلى تقنية تحلية مياه البحر وأنجزت محطات للتحلية، فيما لا تزال أخرى في طور الإنجاز، وثالثة مبرمجة للسنوات المقبلة، كما تم اللجوء إلى معالجة المياه المستعملة لاستغلالها في ري الحدائق العمومية والملاعب وغيرها.
 
تعاون دولي
وأُعلن أخيراً عن استعمال تقنية جديدة وهي تقنية الاستمطار التي تعتمد على تلقيح السحب عن طريق إضافة مكونات من الأملاح تختلف باختلاف نوعية السحب، سواء أكانت باردة أم دافئة. ويتم إنجاز هذه العملية باستخدام طائرات عادية أو مسيرة، وقد أعطت أُكلها في أكثر من بلد حول العالم، ومن ذلك إندونيسيا التي كانت تحصد الأرز مرة واحدة سنوياً فأصبحت تحصده ثلاث مرات.
 
ولذلك، فإن هذا الخيار التونسي الجديد سيتم بالتعاون مع إندونيسيا تحديداً التي سيزور فريق من خبرائها تونس بين شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) لإجراء التجارب الأولى مع فريق من التونسيين. وتأمل تونس الاستفادة من هذه التجارب الناجحة وتحقيق السيادة الغذائية أسوة بإندونيسيا وبغيرها من دول العالم شرقاً وغرباً، بخاصة أن إندونيسيا تعتبر أيضاً من أهم الدول التي تستورد الفوسفات التونسي وأثبتت التجارب نجاح كل أشكال التعاون معها.
 
فوق السدود الكبرى
وبحسب تأكيدات خبراء، فإن عمليات الاستمطار ستتم فوق السدود الكبرى على غرار سد سيدي سالم في ولاية باجة وسد بني مطير في ولاية جندوبة وسد ملاق في ولاية الكاف وسد سيدي سعد في ولاية القيروان وغيرها من السدود. وبالتالي فإن الغاية من اعتماد تقنية الاستمطار هي ملء هذه الخزانات الكبرى من المياه لا غير، والحفاظ على مياه هذه السحب الاصطناعية لاستغلالها في الشرب وفي ري المناطق الفلاحية في الشمال والوسط بالأساس.
 
يعتبر الخبير الزراعي التونسي فالح الشواشي في حديث إلى "النهار العربي" أن الاستمطار هو أحد الحلول المهمة التي ستساهم في حل مشكلة شح المياه التي برزت في السنوات الأخيرة وهددت القطاع الزراعي والغطاء النباتي الغابي. ولم يكن ممكناً، بحسب الشواشي، أن تبقى تونس مكتوفة الأيدي، وهي الخضراء، من دون أن تجد الحلول لهذه الأزمة التي أصابت الجميع بالحيرة والخوف في وقت ما، فتم اللجوء إلى تقنيات عديدة، منها تحلية مياه البحر وإعادة تدوير المياه المستعملة من خلال إنشاء محطات لهذا الغرض وذاك، وأخيراً برز مشروع الاستمطار بالتعاون مع إندونيسيا إلى السطح.
 
حلول مهمة لحاجة ضرورية
ويضيف الشواشي أن الحاجة والضرورة فرضا على التونسيين اعتماد هذه التقنيات للتأقلم مع الطبيعة وقساوتها ومجابهة الجفاف من أجل استمرار الحياة. ورغم أن الاستمطار مكلف من الناحية المادية باعتبار غلاء الكبسولات الحاملة للأملاح وغلاء الوقود بالنسبة إلى الطائرات التي ستلقح السحب، إلا أنه ضروري لإنقاذ الزراعة في تونس ولضمان استقرار التونسيين في أراضيهم.
 
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، بحسب الشواشي هو "لماذا لا يتم استغلال حوض غدامس الواقع بين كل من تونس وليبيا والجزائر، فهو حوض مائي ضخم في الطبقات السفلى من الأرض ويكفي لآلاف السنين وبإمكانه تحويل الجنوب التونسي إلى جنة أرضية. فالجزائر تستغله الاستغلال الأمثل وحولت بموجبه مناطق صحراوية عديدة إلى حقول وبساتين، فيما يبدو أن تونس تستغني عن حصتها التي تحددها القوانين والاتفاقيات الدولية، وذلك رغم البوادر عن بداية استغلال هذا الحوض باحتشام في الآونة الأخيرة". 
 
غير مضرة بالبيئة 
ويرى الناشط في المجتمع المدني في المجالين الزراعي والبيئي وليد الزيناوي، في حديث إلى "النهار العربي"، أن الاستمطار بهدف تسريع هطول الأمطار أو زيادة كمياتها عند الهطول هو تقنية تعتمدها البلدان المتقدمة وحتى بعض البلدان التي هي في طور النمو، ولن تكون تونس الأولى التي تعتمد هذه التقنية ولا حتى الأخيرة.
 
ومن الناحية البيئية لم يثبت، بحسب الزيناوي، أن هذه العملية مضرة بالبيئة والمحيط، "بل على العكس من ذلك تماماً فإن وجود كميات مهمة من الماء لسقي المزروعات والغطاء النباتي الغابي نتيجة لهذه التقنية هو الذي سينقذ البيئة ويساهم في مجابهة الجفاف وزحف رمال الصحراء ونقاوة الهواء".
 
لكن الزيناوي بستدرك بالقول: "هناك حديث، لم يتم التأكد من صحته، مفاده أن الاستمطار قد يتسبب في فيضانات عارمة إذا تم حقن السحب بكميات زائدة عن اللزوم، فقد حصلت فيضانات في بعض البلدان التي اعتمدت هذه التقنية. لكن لم تثبت بعد العلاقة السببية بين الاستمطار والفيضان الذي غمر شوارع هذا البلد أو ذاك".
 

اقرأ في النهار Premium