الرباط: كريم السعدي
طالب حزب العدالة والتنمية المغربي المعارض رئيس الحكومة عزيز أخنوش بـ"الاعتذار الفوري" عن تصريح أدلى به الاثنين الماضي خلال الجلسة الشهرية للسياسات العامة بمجلس النواب، خصص موضوعها للاستثمار والتشغيل، وذلك في سياق تفاعله مع تعقيبات الفرق النيابية والمجموعة النيابية للحزب، إذ خاطبهم قائلاً إنه "لا يهمه ما يقولونه له هم، وما يهمه هو رأي المواطنين الذين أتوا به للمسؤولية".
ووصفت الأمانة العامة للحزب تصريح أخنوش، في بيان توج اجتماعها الاستثنائي، الخميس، بالرباط، بـ"الفظيع"، ويمثل "إهانة للبرلمان بأجمعه ولعموم المواطنين".
وقال الحزب إن تصريح رئيس الحكومة يعتبر "جهلاً سياسياً مروعاً وتحقيراً للدستور وللبرلمان، وهو المؤسسة الدستورية التي لا يحصل رئيس الحكومة على التنصيب إلا بعد مثوله أمامها ونيله ثقتها، وهي التي أناط بها الدستور وظيفة التشريع ومراقبة عمل الحكومة ورئيسها وفرض عليه المثول للمساءلة أمام البرلمان مرة كل شهر، وفرض عليه أيضاً تقديم حصيلة عمل الحكومة أمامه، فضلاً عن كون الدستور قد خوّله إمكانية حجب الثقة عن الحكومة".
وذكّر الحزب بأن "رئيس الحكومة، بمقتضى الدستور والمسؤولية السياسية، ليس رئيس حكومة للمواطنين الذين جاؤوا به للمسؤولية، كما ورد في تصريحه، بل هو رئيس حكومة في خدمة كل المواطنين والمواطنات من دون استثناء".
وشدد الحزب أيضاً على أن "ما يقوم به البرلمان، والمعارضة بالخصوص، والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بخاصة، يدخل في صميم العمل البرلماني، ويعتبر من الأدوار السياسية الوطنية التي تساهم في تصويب عمل الحكومة وتنبيهها ونقل صوت المواطنين والمواطنات ومعاناتهم وترشيد الاحتجاجات والدفاع عن حقوقهم المشروعة في إطار المؤسسات".
ونبه الحزب، في هذا السياق، إلى "خطورة الاستعلاء والاعتداد بالنفس والمال والسلطة التي أصبحت تطبع خرجات رئيس الحكومة وتفاعله مع المعارضة، والحساسية المفرطة التي يواجه بها كل صوت معارض أو منتقد، حيث لا يطيق سماع إلا الأصوات الممجدة التي تزين له الصورة وتحجب عنه حقيقة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي للمواطنين والمواطنات".
ورأى الحزب أن "هذا ما يشكل خطراً كبيراً على الوضع السياسي والاستقرار الاجتماعي" بالبلاد، و"يفقدها صمام الأمان الذي تمثله حيوية وفعالية المؤسسات وحماسة النقاش العمومي، والوساطة المؤسساتية والنصح النافع الذي تقدمه الأحزاب والأصوات المعارضة والمنتقدة".
وفي ما يخص الاستثمار والتشغيل، نبه الحزب رئيس الحكومة إلى "العجز والنقص" المسجل في مجال الاستثمار والتشغيل، وقال إن المؤشرات الرسمية تؤكده، كـ"ضعف معدل النمو، وتفاقم معدل البطالة الذي وصل 13,7 بالمئة، وهي نسبة لم يسجلها المغرب منذ 2000، وتسجيل مليون و645 ألف عاطل من العمل، وعجز الحكومة عن الوفاء بإحداث مليون منصب شغل صاف على الأقل خلال ولايتها، وتراجع نسبة مساهمة النساء في سوق الشغل إلى أقل من 19 بالمئة مقابل تعهد الحكومة برفعه إلى أكثر من 30 بالمئة، وتراجع تدفقات الاستثمارات الخارجية بـ53 بالمئة بين 2022 و2023، وتزايد عدد الشركات المفلسة التي بلغت 12397 سنة 2022 و14245 سنة 2023، ومن المتوقع أن تبلغ أزيد من 14600 سنة 2024".
واعتبر الحزب أن هذه النتائج "المخيبة والمقلقة" هي "نتائج طبيعية لتفشي آفة الريع والاحتكار والجمع بين المال والسلطة وما ينجم عن كل هذا من استئثار بفرص الإنتاج والاستثمار والصفقات والمشاريع الكبرى على حساب باقي المقاولات، ولا سيما المقاولات الصغرى والمتوسطة"، وهو ما يؤدي إلى "تبديد الثقة وخلق أجواء من الانتظارية والإحجام والإحباط لدى الفاعلين الاقتصاديين والمقاولين"، كما أنه "نتيجة طبيعية لسياسة الحكومة الحالية المعاكسة للاستثمار وللنمو وللتشغيل، ولضعف استباقيتها وتأخرها الكبير في إرساء "التعاقد الوطني للاستثمار"، الذي نادى به الملك محمد السادس منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2022، وفي تفعيل نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة، ونظام الدعم الخاص بتشجيع وجود المقاولات المغربية على الصعيد الدولي.
في سياق ذلك، نبه الحزب إلى "الارتباك الكبير والارتجالية في تدبير ملف الاستثمار من خلال التعديلات المتتالية والمتعددة وغير المتناسقة على القوانين المرتبطة بالاستثمار والمراكز الجهوية للاستثمار التي ركزت القرار الاستثماري، وعقدت المساطر عوض أن تبسطها، وضببت الرؤية لدى المستثمرين وعطلت التعاون المطلوب والمنتج في هذا الملف بين السلطات المركزية والترابية، باعتبار أن الفعل الاستثماري له ارتباط وأساس ترابي".
وتبعاً لهذه "النتائج المخيبة"، و"خطورة تفاقم البطالة، لا سيما في صفوف الشباب عامة والشباب حاملي الشهادات بصفة أخص"، و"غياب الرؤية لدى الحكومة وتأخرها في معالجة هذا الملف بالرغم من تعهدها بجعله أولوية الأولويات، ولجوئها إلى مكاتب دراسات خارجية لبلورة سياسة عمومية وطنية واستراتيجية تهم مستقبل المغرب ومستقبل شبابه"، دعا الحزب إلى "عمل وطني تشاركي وعميق" من خلال تنظيم مناظرة وطنية حول الاستثمار والتشغيل، برعاية ملكية، وبإشراك كل الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأكاديمية والمدنية والكفاءات الإدارية والمؤسسات الدستورية المعنية، تتوج بقانون إطار يشكل ميثاقاً وطنياً للتشغيل وينزل في إطار استراتيجية وطنية للتشغيل.