النهار

معبر رأس أجدير يفجّر الصّراع بين حكومة الدّبيبة وأمازيغ ليبيا
القاهرة- أحمد مصطفى
المصدر: النهار العربي
تشهد مدينة زوارة التي تُسيطر عليها غالبية أمازيغية، منذ أواخر الأسبوع الماضي، احتجاجات شعبية واسعة تمددت إلى مدن الجميل ورقدالين والجديدة والعجيلات وصبراتة المتاخمة للحدود مع تونس. وقد تصاعد الغصب إلى حد إغلاق مداخل المدن وطرق رئيسية بما في ذلك محيط معبر رأس اجدير الاستراتيجي.
معبر رأس أجدير يفجّر الصّراع بين حكومة الدّبيبة وأمازيغ ليبيا
معبر رأس إجدير. (أرشيفية)
A+   A-
اشتعل الصراع مجدداً بين أمازيغ ليبيا والحكومة المسيطرة على غرب ليبيا، وسط احتجاجات واعتصامات واسعة في المدن التي تسيطر عليها تلك الأقلية أقصى شمال غربي البلاد، ما أدى إلى تعطيل إعادة افتتاح معبر رأس أجدير الحدودي مع تونس، للمرة الثالثة، أمام حركة عبور المسافرين ونقل البضائع.
 
وتشهد مدينة زوارة التي تسيطر عليها غالبية أمازيغية، منذ أواخر الأسبوع الماضي، احتجاجات شعبية واسعة تمددت إلى مدن الجميل ورقدالين والجديدة والعجيلات وصبراتة المتاخمة للحدود مع تونس. وقد تصاعد الغصب إلى حد إغلاق مداخل المدن وطرق رئيسية، بما في ذلك محيط معبر رأس أجدير الاستراتيجي، على خلفية تفاقم مشكلات حياتية، بالإضافة إلى إبعاد وزير الداخية عماد الطرابلسي موظفين في المعبر الحدودي مع تونس، ينتمون إلى الأقلية الأمازيغية. 
 
وفي بيان شديد اللهجة، هدد المعتصمون بإلغاء الاعتراف بحكومة عبد الحميد الدبيبة، متهمين إياها بـ"العنصرية والحقد العرقي والطائفي" ضدهم، بعدما أعلنوا "الدخول في اعتصام مفتوح وإغلاق كل مداخل البلدية، بما في ذلك معبر رأس أجدير، والطريق الساحلي". وطالبوا حكومة الدبيبة التي عدوها "منتهية الولاية" بالعدول عن قرارتها "الظالمة بتهميش ونقل أبنائنا الضباط والعسكريين فقط لأنهم من خلفية عرقية أمازيغية"، معتبرين أن قرارات وزير الداخلية "شملت توجهاً عرقياً وعنصرياً ضد أمازيغ ليبيا، ينبع عن حقد عرقي وطائفي وقبلي لا يخفى على أحد". كما اشتكوا من "تهميش متعمد من الحكومة شمل عدم صرف الميزانيات لمرافق مدننا لحساب مشاريع أخرى وهمية. نواجه مشكلات في المياه والكهرباء والرواتب، والتمييز العرقي العنصري، وأيضاً التحريض المذهبي والعرقي". وشددوا على عدم التراجع عن المطالب "تحت أي ظرف من الظروف، ولن يكتب علينا التاريخ انكساراً أو تراجعاً أو تواطؤاً أو جبناً". 
 
وتسببت الاحتجاجات وتوسع نطاقها، بإرجاء افتتاح معبر رأس أجدير أمام حركة المرور، بعدما كان مقرراً له الاثنين، بل إن الطرابلسي دعا وسائل الإعلام إلى حضور المناسبة عبر منشور على صفحات الوزارة الرسمية، قبل أن يُحذف، فيما سارع رئيس حكومة الوحدة الوطنية إلى التدخل لمحاولة تهدئة الغضب، فعقد اجتماعاً في مكتبه مع وفد من المجلس البلدي وعدد من أعضاء مجلس الأعيان والحكماء في بلدية زوارة، خُصص لمناقشة عدد من القضايا الخدمية، وأوضاع المعبر الحدودي، وفق بيان حكومي، أشار إلى أن الدبيبة أصدر تعليماته إلى الشركة العامة للكهرباء، بتوفير المحولات اللازمة لاستقرار الشبكة العامة في بلديات الساحل الغربي، كما أعطى تعليماته إلى جهاز النهر الصناعي، بالسير في مشروعين متوازيين لتوفير مياه الشرب.
 
أما في خصوص معبر رأس أجدير فاكتفى البيان بالإشارة إلى أن الدبيبة "أصدر تعليماته بضرورة فتح الطريق الساحلي واستكمال إجراءات افتتاح المعبر الحدودي، وفق خطة الحكومة التنظيمية، وتنفيذ الاتفاق الموقع بين وزيري الداخلية الليبي والتونسي"، مؤكداً أن "تنظيم معبر رأس أجدير خطوة ضرورية ليقدم خدماته لكل الليبيين، بعد استكمال أعمال الصيانة والتطوير التي قامت بها الحكومة".
 
الناشط الأمازيغي في مدينة زوارة عبد الرحمن المنصوري الذي وصف اللقاء مع الدبيبة بـ"الناجح حيث تم بحث عدد من الملفات الخدمية، خصوصاً نقص المياة وانقطاع الكهرباء، وتلقينا وعداً بحل الإشكاليات، كما تطرق الاجتماع إلى مسألة إدارة معبر رأس أجدير، وتلقينا وعداً من الدبيبة بالتنسيق مع وزير داخليته لحل الأزمة"، لكنه أكد لـ"النهار العربي" أن الاحتجاجات "مستمرة حتى تنفيذ مطالبنا نظراً إلى فقدان الثقة بتنفيذ الوعود الحكومية، نحن مع الدولة وسلطاتها لكن مع الأخذ في الاعتبار معالجة المظالم التي نعانيها"، مشدداً على ضرورة أن يكون للمناطق الحدودية "خصوصيتها وأن يُشارك سكانها في إدارتها".
 
ورأى أن الاعتصامات والاحتجاجات في المدن التي تُسيطر عليها غالبية أمازيغية "حق تكفله المواثيق والقوانين المحلية والدولية للتعبير عن الاحتجاج والظلم"، مشدداً على أن الحراك الأمازيغي "مدني لم تتدخل فيه القوى المسلحة".
 
وإذ أكد المحلل السياسي الليبي محمد هنجاري أن الاحتجاجات الشعبية "مشروعة للضغط على السلطة لتنفيذ مطالب حياتية"، لفت لـ"النهار العربي" إلى أن "جزءاً كبيراً من عوائد المرور عبر منفذ رأس أجدير كان يذهب إلى البلديات المحيطة بالمعبر، فلماذا لم يوجه نحو تقديم الخدمات إلى المواطنين ومعالجة الإشكاليات الملحة هناك؟".
 
ورأى أن الاحتجاجات التي أدت إلى إغلاق المعبر الحدودي مع تونس "تُغذيها عصابات التهريب التي نشطت خلال السنوات الماضية في ظل غياب سلطة الدولة، والمعضلة متشابكة وتحتاج إلى معالجة جذرية مع تأكيد عودة الدولة لتفرض سلطتها على المنطقة"، مشيراً إلى أنه "في كل دول العالم الدولة هي التي تسيطر على منافذها الحدودية وتحتكر السلاح وسلطة القانون، ويجب عدم التسامح مع أن تُسيطر قبيلة أو أقلية عرقية على منطقة وتفرض سلطتها وقوانينها".
 

اقرأ في النهار Premium