ينطلق قطار الجزائر - تونس نهاية شهر تموز (يوليو) المقبل، بعد توقف دام قرابة ثلاثة عقود. ويربط القطار مدن الجزائر الوسطى والشرقيّة على امتداد أكثر من 800 كيلومتر، ليواصل سيره إلى داخل الأراضي التونسية حتى العاصمة تونس.
وكانت اللجنة الثنائية للتنمية في المناطق الحدودية الجزائرية - التونسية، قد وقعت في شهر شباط (فبراير) الماضي، عدداً من الاتفاقات المتعلقة بإطلاق مشاريع عدة، بينها إعادة بعث مشروع القطار، وهو المشروع الذي أجريت الاختبارات الأولية المتعلقة به في شهر أيار (مايو) الماضي، لينطلق رسمياً في نهاية تموز المقبل.
وبحسب تأكيدات المسؤولين عن المشروع في الجزائر، فإن أول رحلة ستنطلق من محطة عنابة (شرق الجزائر) نحو العاصمة التونسية.
أما في ما يتعلّق بالإجراءات الجمركية على مستوى نقاط العبور بين البلدين، فقد كشف المراقب العام في إدارة الجمارك الجزائرية، أن التحضير المسبق يتم على كل المستويات وبالتنسيق مع مختلف المعنيين من مصالح شرطة الحدود وشركة النقل بالسكك الحديدية، ضماناً لتوفير الظروف الملائمة لعبور المسافرين على مستوى محطة سوق أهراس الدولية المعتمدة للمعالجة الجمركية لحركة المسافرين المتوجهين إلى تونس.
أبعادٌ اقتصادية
يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عيّة إن القطار سيعزز التعاون المثمر بين البلدين في كل المجالات، بخاصة التجارية منها، مشيراً إلى أن القطار الذي توقف نشاطه منذ عام 1996 سيرفع حجم التبادل التجاري بين الجزائر وتونس إلى حدود 1,5 مليار دولار، في وقت سجل 1.2 مليار دولار في عام 2021، بالإضافة إلى ارتفاع مبلغ الصادرات الجزائرية إلى تونس إلى أكثر من 950 مليون دولار.
ويلفت عية إلى إمكان تعزيز التبادل في المجال السياحي أيضاً، وسينقل القطار 300 مسافر في الرحلة الواحدة وبمعدل رحلة واحدة كل يومين.
ويتحدث عية لـ"النهار العربي" عن الفوائد التنموية لهذا القطار على المناطق الحدودية خاصة، إذ "سيفكّ العزلة عن عدد من البلديات والمحاور الريفية والمناطق الواقعة على الشريط الحدودي بخاصة، وعلى جلّ المناطق التي سيعبرها"، وهو ما سيساهم في رفع معدلات التنمية في هذه المناطق الداخلية وذلك من خلال الأنشطة التجارية والاقتصادية وإطلاق مشاريع البنى التحتية، مؤكداً أن هذه الفوائد ستعود على المناطق المعزولة في البلدين.
تسهيل السفر نحو تونس
ويقول مراقبون إن الحكومة الجزائرية تسعى إلى تسهيل تنقل مواطنيها المسافرين نحو الأراضي التونسية، وفك الخناق عن المعابر الحدودية البرية التي تشهد زِحاماً كثيفاً، بخاصة خلال أيام فصل الصيف، كما أن القطار الذي لن تتجاوز أسعاره الـ20 دولاراً للرحلة الواحدة، سيمكّن الكثير من المسافرين نحو تونس من اختصار المسافة البرية التي كانوا يقطعونها من الجزائر.
ويدخل المشروع أيضاً، ضمن مسار تجسيد مشروع استراتيجي لتوسيع شبكة سكة الحديد أطلقته السلطات الحكومية ويمتد على طول 5650 كيلومتراً. كما سيتم ربط العديد من محافظات الجزائر بعضها ببعض، بخاصة ما تعلق منها بمحافظات الجنوب الشرقي على غرار بسكرة أدرار والوادي، وكذا المشروع الاستراتيجي القائم على مدّ خط السكة الحديدية من الجزائر العاصمة شمالاً نحو تمنغست في أقصى جنوب البلاد وذلك في آفاق 2026.
ويرى آخرون أن مشروع القطار يدخل ضمن التنسيق الجزئي بين دول المغرب العربي الثلاث: الجزائر وتونس وليبيا، في إطار ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع الثلاثي الذي جمع قادة الدول الثلاث في العاصمة التونسية؛ وبالتالي تعزيز التعاون البيني على عدد من المستويات الاقتصادية والأمنية.
وتسيير القطار هو خطوة نحو إحياء مجالات التعاون بين دول المغرب العربي المعطّلة منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، بفعل الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والرباط، كما يؤكد محللون.