النهار

"البطاقة عدد 3" تقلق الراغبين بالترشح للرئاسة التونسية... استهداف للمعارضين؟
تونس-كريمة دغراش
المصدر: النهار العربي
ومع ترقب موعد الإعلان عن التاريخ المحدد لها تفجر جدل بشأن الشروط الجديدة للترشح للانتخابات الرئاسية التي قالت هيئة الانتخابات إنها ستعتمدها لقبول ملفات المرشحين، وفيها ما يفسّره حقوقيون بأنه محاولات إقصاء لمرشحين بعينهم.
"البطاقة عدد 3" تقلق الراغبين بالترشح للرئاسة التونسية... استهداف للمعارضين؟
مؤيدون للرئيس قيس سعيد خلال تظاهرة في تونس. (أ ف ب)
A+   A-

أيام قليلة تفصل التونسيين عن معرفة موعد الانتخابات الرئاسية المؤكد تنظيمها الخريف المقبل.

ومع ترقب موعد الإعلان عن التاريخ المحدد لها تفجر جدل بشأن الشروط الجديدة للترشح للانتخابات الرئاسية التي قالت هيئة الانتخابات إنها ستعتمدها لقبول ملفات المرشحين، وفيها ما يفسّره حقوقيون بأنه محاولات إقصاء لمرشحين بعينهم.

ولم يصدر الرئيس التونسي قيس سعيد بعد أمر دعوة الناخبين الذي يحدد يوم الانتخابات، لكنه شدد في أكثر من مناسبة على أنها ستجرى في ميعادها.

وكانت عضو هيئة الانتخابات نجلاء العبروقي أكدت في تصريحات صحافية أنه لا يمكن تجاوز تاريخ 23 تشرين الأول (أكتوبر) كحد أقصى لإجراء الانتخابات الرئاسية وفق ما تنص عليه الآجال الدستورية، متوقعة أن يعلن موعدها قبل يوم 20 يوليو (تموز) الجاري.

شروط جديدة
لكن التطمينات بشأن موعد الانتخابات لم تخف جدلاً آخر تفجر مع إعلان هيئة الانتخابات عن شروط جديدة للترشح سيكون من بينها نقاوة السجل العدلي وعدد التزكيات.

وقالت العبروقي إنّ مجلس الهيئة أجمع على اعتماد بطاقة السجل العدلي وتعرف في تونس باسم "البطاقة عدد 3" كشرط من شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

وأوضحت أن الغاية من ذلك هو التأكد من أن المرشح يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية وأنه لم يتورط في إحدى الجرائم الانتخابية المنصوص عليها في القانون الانتخابي، والتي قد تكون عقوبة بعضها السجن، مثل أن يكون قد تعمد عرقلة الناخبين عن ممارسة حقهم الانتخابي أو أن يكون قد حصل على تمويل أجنبي.

وبخصوص شرط التزكيات قالت العبروقي إن مجلس الهيئة أجمع كذلك على "اعتماد شرط جمع التزكيات من 10 دوائر على ألا يقل عدد التزكيات بكل دائرة عن 500"، مضيفة بخصوص التزكيات النيابية أنه تم الاتفاق على "الاكتفاء بـ 10 تزكيات من أعضاء مجلس نواب الشعب أو 10 تزكيات من أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أو 40 تزكية عن بقية المجالس المنتخبة ".

إقصاء للمنافسين
ويأتي الإعلان عن الشروط الجديدة في وقت يواجه عدد من المرشحين المحتملين ملاحقات قضائية، ما أثار جدلاً قانونياً وسياسياً بشأن الغاية من هذه الشروط.

وتتهم المعارضة سعيد بمحاولة اقصاء خصومه عبر استبعادهم من السباق الرئاسي من خلال الملاحقات القضائية التي ستنتهي بحرمانهم من الترشح بسبب عدم نقاوة سجلهم العدلي، فيما يؤكد أنصاره أنه من الضروري توافر هذه الشروط في أي مرشح للرئاسة.

وقبل أيام أصدر القضاء حكماً غيابياً بالسجن ضد المرشح الرئاسي المحتمل الصافي سعيد لمدة 4 أشهر، بتهم متعلقة بتزوير تزكيات خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2014. وكان الصافي سعيد، وهو نائب سابق وصحافي وكاتب، أعلن ترشحه للرئاسة وكشف عن برنامجه الانتخابي.

وفيما ينتظر المرشح المحتمل رئيس حزب الجمهوري عصام الشابي الموقوف على ذمة التحقيق نتائج التحقيقات معه، رفعت محكمة الاستئناف من العقوبة المالية على عبير موسي المرشحة المحتملة عن حزب الدستوري الحر للرئاسةو التي تقبع بدورها في السجن.

ويقول عضو حزبها ومحاميها كريم كريفة لـ"النهار" إنها مهددة بالسجن لمدة 10 سنوات بسبب قضية رفعتها ضدها هيئة الانتخابات، ويضيف: "تلاحقها تهم الإساءة وبث أخبار زائفة والإضرار بالأمن العام، في حين أن ما قامت به هو ابداء رأي سياسي لحزبها المعارض بوصفها رئيسته".

ويؤكد أن التسريع بإصدار حكم الاستئناف ضد موكلته غايته حرمانها من حقها في الترشح، معتبراً أن التنصيص من قبل هيئة الانتخابات على شرط "البطاقة عدد 3" غير دستوري.

في الصدد أيضاً تقول المعارضة إن شرط التزكيات تعجيزي، باعتبار أنها غير ممثلة في مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم والمجالس المحلية، وهي مجالس تم استحداثها بمقتضى الدستور الجديد لتشكل الغرفة التشريعية الثانية.

وكانت المعارضة قاطعت كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة التي أقرها دستور 2022 لكنها لم تحسم بعد موقفها من الانتخابات الرئاسية المقبلة.

شروط ضرورية
ويقول منتقدو هذا التوجه إن تعديل شروط الترشح للرئاسة خلال السنة الانتخابية غير قانوني، مؤكدين أن هيئة الانتخابات لا يمكنها إضافة شروط جديدة غير واردة في القانون الانتخابي.

لكن أنصار الرئيس سعيد أو ما يعرف بـ"مسار 25 يوليو" يدافعون عن هذا التوجه، مؤكدين أنه سيغلق الباب أمام من تعلقت بهم قضايا سابقة ويلفتون إلى أن التزكيات يمكن جمعها من المواطنين.

ويدافع أستاذ القانون الدستوري في جامعة جندوبة التونسية رابح الخرايفي عن هذه الشروط مؤكدا أنها "معقولة، وكان يفترض العمل بها منذ 2011".

ويوضح في حديث لـ"النهار العربي" أن شرط نقاوة السجل العدلي ضروري لإغلاق باب الترشح للرئاسة أمام كل من له سوابق عدلية. وفي الصدد يشير إلى أنه شرط معمول به بالنسبة للانتخابات التشريعية، متسائلاً "كيف يشترط ذلك بالنسبة للنواب ولا يشترط الأمر نفسه بالنسبة لمنصب أهم في حجم رئاسة الجمهورية".

ويضيف: "سبق أن رأينا متورطين في قضايا مختلفة يشغلون مقاعد في مجلس النواب، وهذا غير مسموح به بالنسبة لرئيس الجمهورية".

ويخشى المرشحون للرئاسة أن تماطل وزارة الداخلية، وهي الجهة المخولة تسليم "البطاقة عدد 3"، في تمكينهم من هذه الوثيقة لاستيفاء شروط الترشح، لكن الخرايفي يقول إن أي مرشح يمكنه أن يلجأ للقضاء في حال وجد مماطلة، وبالتالي في تقديره لا خشية من ذلك مرجحاً أن وزارة الداخلية ستمكّن كل مرشح من الحصول على هذه الوثيقة.

ويعتبر الخرايفي أن "كل ما يروج بشأن تعديل شروط الانتخابات وعدم قانونيتها هدفه سياسي، وهو حشر الرئيس سعيد في الزاوية".

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium