وصل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي إلى الحكم يوم 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 1987، وكان متزوجاً بابنة أحد أكبر جنرالات الجيش التونسي من الجيل الأول للمؤسسة العسكرية التي تشكلت رسمياً مباشرة بعد الاستقلال. ولم تكن هذه الزوجة تتدخل بتاتاً في إدارة الشأن السياسي للبلاد، ولم يكن لها وجود في الشأن العام ولم تظهر في وسائل الإعلام إلا نادراً، ولم يكن التونسيون يعرفون عنها سوى أنها ابنة الجنرال ووالدة بنات ساكن قرطاج.
تعيينات وإقالات
لكن خلال النصف الأول من عقد التسعينات انفصل الرئيس التونسي الراحل عن زوجته الأولى وتزوج من ليلى الطرابلسي ذات الأصول الليبية التي سرعان ما بدأت تظهر كثيراً مع الرئيس في المناسبات الرسمية. وساد انطباع لدى عموم التونسيين بأنها قد تتحول إلى وسيلة بورقيبة ثانية مع فارق أن وسيلة زوجة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة كانت تهتم بالشأن العام منذ شبابها وهي انخرطت في وقت مبكر في النضال لمقاومة الاستعمار الفرنسي. والحقيقة أن ليلى الطرابلسي أو ليلى بن علي كما أصبحت تسمى بعد زواجها لم تتدخل بصورة فعلية في الشأن العام إلا مع نهاية عقد التسعينات وبداية الألفية الجديدة، وذلك مع ظهور أشقائها وأبنائهم على مسرح الأحداث وبعد إنجابها ولداً لرئيس البلاد.
ففي تلك الفترة أصبحت ليلى تتدخل في تعيينات كثيرة في مناصب مهمة، وذلك بعلم زوجها أو من دون علمه، ولعل رسالتها الشهيرة المكتوبة بخط يدها والتي تسربت إلى وسائل الإعلام بعد سقوط نظام زوجها والتي تأمر فيها أحد مستشاري الرئيس بتعيين شخص ما في منصب مهم، خير دليل إلى ما كان يروّج في تلك الفترة. كما أصبح بإمكانها التأثير على الرئيس لإقالة مسؤولين، ومن هؤلاء مدير عام للأمن الوطني عاد وتقلد المنصب نفسه بعد رحيلها، وكذلك وزير سابق عرف بنزاهته ونظافته يده ورقيه الأخلاقي الذي يشهد به القاصي والداني، وكان مشهوراً عن الرئيس الراحل أنه كان يعين في المناصب الوزارية والاستشارية خيرة الكفاءات من متخرّجي الجامعة التونسية ومن غيرها.
شركاء من دون مال
وتجلت أكثر تدخلات ليلى بن علي وعائلتها التي كانت متواضعة مادياً قبل زواجها في المجالين الاقتصادي والمالي، حيث شكلتا مع أتباعهما ما يشبه مافيا تشارك بعض رجال الأعمال بالقوة في مشاريعهم الاستثمارية أو تأخذ منهم ضريبة إضافية على الضرائب التي يقومون بأدائها للدولة. حتى أصبح كل من يرغب في الاستثمار في تونس يسمع العبارة الشهيرة "سيشاركك الطرابلسية فلا تستثمر"، وذلك بعدما أصبح عدد منهم شركاء لمن لا شريك له من رجال الأعمال والمستثمرين التونسيين. حتى أن أحد كبار رجال الأعمال احتمى من مشاركتهم له في أعماله بزوجته الفرنسية التي تتمتع عائلتها بعلاقات متينة في صفوف الطبقة السياسية في عاصمة الأنوار.
كما اقتحمت ليلى بن علي مجال العمل الخيري من أوسع أبوابه وأصبحت تهتم بذوي الهمم، وهو ما مكّنها من الظهور المستمر في وسائل الإعلام بمظهر السيدة الخيّرة التي تعطف على ذوي الإعاقة وترعاهم وتتكفل بحاجاتهم، وهو ما جعل البعض يتحدث عن رغبتها في خلافة زوجها أسوة بالرئيسة الأرجنتينية السابقة إيفا بيرون.
وبالفعل فقد تحولت إلى طرف رئيسي في صراع الخلافة على رئاسة الجمهورية، وتحدث البعض عن دعمها صهرها وزوج ابنتها ليكون حاكماً لقرطاج، فيما تحدث البعض الآخر عن إمكان دعمها شقيقها صاحب شركة الطيران، بينما ذهب آخرون إلى الحديث عن إمكان ترشيحها لنفسها لأهم منصب في البلاد. ولعل ما دعم أكثر الفرضية الأخيرة هو ظهورها على المستوى العربي من خلال ترؤس منظمة المرأة العربية، ما بدا للبعض عملية بناء لعلاقات على المستوى الإقليمي استعداداً لخلافة زوجها على عرش قرطاج.