النهار

مجلس اقتصادي جزائري - تونسي - ليبي... خطوة أولى في مسيرة تكامل الدّول الثلاث
الجزائر - نبيل سليماني
المصدر: النهار العربي
يمنّي رجال الأعمال في الدول الثلاث فتح المجال واسعاً للاستثمار والتبادل في كل المنطقة.
مجلس اقتصادي جزائري - تونسي - ليبي... خطوة أولى في مسيرة تكامل الدّول الثلاث
ممثلو الهيئات الموقعة على اتفاق انشاء المجلس
A+   A-
من المقرر أن ينعقد الاجتماع المقبل لرؤساء الجزائر وتونس وليبيا قريباً في طرابلس، بناء على ما تمّ الاتفاق عليه خلال اللقاء التشاوري السابق في تونس، في محاولة جادّة لتأسيس تعاون مشترك، خاصة في ما يتعلّق بالجوانب التجارية والاقتصادية.

وكخطوة أولى نحو تفعيل هذا التعاون الاقتصادي، تم رسمياً إنشاء مجلس اقتصادي جزائري - تونسي - ليبي، بمبادرة من متعاملين اقتصاديين ورجال أعمال من البلدان الثلاثة، يمثّلون كلاً من مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (أوتيكا) والاتحاد العام لغرف الصناعة والتجارة والزراعة في ليبيا. 

وسيشكّل هذا المجلس، وفقاً لبيان صادر عنه، آلية للعمل المشترك "للمساهمة في تحقيق التكامل الاقتصادي بين الجزائر وتونس وليبيا"، كما أنّه يعدّ اتفاقاً يقضي بدعم مساعي قادة هذه الدول في "تعزيز دور القطاع الخاص في دعم الجهود المشتركة للتنمية والتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وتعزيز قدرة الدول الثلاث على مجابهة التحديات والتكيّف مع التحوّلات الاقتصادية الراهنة". 

الخُطوة قال عنها خبراء اقتصاديون إنها تُساير الإرادة السياسية المعبّر عنها في اجتماع 22 نيسان (أبريل) الماضي في العاصمة التونسية، خاصة أن البيان الختامي لهذا الاجتماع جعل هدف هذا التكتل الثلاثي الجديد في المنطقة المغاربية تحقيق الاندماج الاقتصادي المنشود الغائب عن دول المغرب العربي، رغم وجود اتحاد يجمع دوله الخمس منذ أكثر من 35 سنة.

تعاون مُثمر
ويمنّي رجال الأعمال في الدول الثلاث فتح المجال واسعاً للاستثمار والتبادل في كل المنطقة، بخاصة أن "دولنا المغاربية لها من الإمكانات البشرية والمادية ما يمكّنها من أن تكون قطباً اقتصادياً ومنافِساً حقيقياً للتكتلات الاقتصادية الغربية على وجه الخصوص"، يقول الاقتصادي ورجل الأعمال الجزائري رضا هبيرة لـ"النهار العربي".
 
ويضيف: "الفوائد تكاد لا تُحصى من الشراكة البينية بين الجزائر وتونس وليبيا، خاصة أنّ للبلدان الثلاثة حدوداً مشتركة، ومثل هذه التكتلات سترفع حتماً من حجم التبادلات التجارية، وبالتالي التنفيس عن الإنتاج المحلي لكل بلد وجعل أسواق البلدان الثلاثة سوقاً واحدة مشتركة".

ويُشير هبيرة إلى إمكانات الاستثمار في المنطقة، إذ "سيُعزّز التعاون الاقتصادي فرص الاستثمار بين رجال الأعمال والمستثمرين في كل بلد، لا سيما أن مجالات الاستثمار واعدة ومنطقتنا المغاربية لها من المقدرات الاستثمارية والمزايا ما يجعلها سوقاً عالمية، ما يرفع حتماً نسب النمو في المنطقة عموماً، وفي هذه البلدان على وجه الخصوص".

ويؤكد هبيرة أنّ بعض المنتجات الجزائرية تُسوّق خارجياً، بخاصة في تونس وليبيا، غير أنّ "التكتّل الاقتصادي بين بلداننا سيفتح الطريق أمام منتجات أخرى على اختلافها وتنوّعها، بخاصة إذا علمنا أن للبلدان الثلاثة أسواقاً استهلاكية كبيرة، إذ تُمثّل ثلاثة أرباع سكان المنطقة المغاربية، الأمر الذي يجعل من حجم الاستهلاك كبيراً ويرفع من نسب التبادلات التجارية". ويلفت إلى أنّ "عدد السكان في الدول الثلاث يبلغ نحو 70 مليون نسمة، الأمر الذي يؤكد أنها سوق استهلاكية مهمة، وبالتالي فإنّ اتفاق رجال الأعمال في هذه البلدان على العمل سوية سينتقل بالاندماج الاقتصادي بينها إلى مستويات عالية بالموازاة مع الاندماج السياسي الحاصل بين قادتها، وهي فرصة لتِبيان المقدرات الكبيرة التي تميز منطقتنا والإمكانات الاقتصادية المميزة لتكتّل جديد نريده ويُراد له أن يكون فاعلاً اقتصادياً حقيقياً خادِماً لاقتصادات البلدان الثلاثة ولشعوبها".

البديل الاقتصادي
ولم يستطع اتحاد دول المغرب العربي الذي يضم إلى الدول الثلاث المغرب وموريتانيا، أن ينأى بمشكلاته السياسية عن التعاون الاقتصادي بين بلدانه الخمسة، وبقيت نسب الاندماج والتبادلات التجارية تراوح مكانها ولا تتعدى الـ5 في المئة في معظم الأحيان، رغم الإمكانات التي تملكها كل دوله والاتفاقات الكثيرة الموقّعة بين بلدانه على مرّ الـ30 سنة الماضية.

وتشير التقارير الاقتصادية الدولية إلى المزايا والانعكاسات الإيجابية التي كان يمكنها أن تعود على المنطقة المغاربية لو قُدّر لهذا التكتّل أن ينجح، وقال تقرير لصندوق النقد الدولي قبل بضع سنوات، إن التكامل الاقتصادي المغاربي سيجعل "المنطقة أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر وسيساعد على خفض تكاليف التجارة داخل المنطقة، كما سيجعلها أكثر مرونة في مواجهة تقلبات السوق العالمية". 

وإذ لم يتحقّق هذا التكامل الاقتصادي بين البلدان الخمسة، فإنّ الخطوة السياسية التي جمعت قادة الجزائر وتونس وليبيا، ودفعها رجال الأعمال لديها نحو التأسيس لعمل اقتصادي مشترك، تصبّ في خانة ربح الوقت. وبحسب هبيرة "إنه استدراك لما ضاع من وقت وجهد ومحاولة لفتح صفحة اقتصادية جديدة أكثر جديّة وأكثر فاعلية".
 

اقرأ في النهار Premium