أيام قليلة وتنطلق الحملة الانتخابية للرئاسيات الجزائرية المقررة في 7 أيلول (سبتمبر) المقبل، فيحظى المرشحون الثلاثة بفرصة 21 يوماً، بحسب الدستور الجزائري، لعرض برامجهم الانتخابية على المواطنين، والتنافس على استقطاب الناخبين وإقناعهم برؤيتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلاد، وبحلولهم معضلات التنمية والقدرة الشرائية وغيرها.
وفيما تأكدت توجهات برنامج الرئيس عبد المجيد تبون، المرشح لولاية ثانية، المرتكزة على استكمال المخططات التنموية والبرامج الاقتصادية، لا يزال الغموض يلفّ برنامجي المرشحين الآخرين مرشح حزب "جبهة القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش، ومرشح "حركة مجتمع السلم" عبد العالي حساني، على الرغم من أنّ حساني عرض الخطوط العريضة لبرنامجه المتضمن 62 بنداً.
تبون والإقلاع الاقتصادي
يقول متابعون إنّ الرئيس تبون يؤسس حملته الانتخابية على ولايته الأولى لرسم أساسات النمو الاقتصادي الحقيقي ووضع قطار التنمية على سكته الصحيحة، خصوصاً أنّ خطط التنمية في البلاد ظلت حبيسة الأدراج خلال السنوات العشر الأخيرة من عهد الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، ما يجعل من الولاية الثانية، إن فاز بها تبون، ميداناً خصباً للتطبيق الحقيقي للإقلاع الاقتصادي المنشود.
يقول العيد زغلامي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، لـ"النهار العربي": "بعدما كان تركيز الرئيس تبون منصبّاً على الحفاظ على الطبيعة الاجتماعية للدولة، فإنّ برنامجه الانتخابي يرتكز على الإقلاع الاقتصادي وآفاق التنمية الحقيقية، خصوصاً أنّ الجزائر بدأت تلمس ثمرة الإجراءات الإصلاحية التي تمت في السنوات الخمس الماضية".
ويضيف: "أظن أنّ الأساس بالنسبة إلى المواطن هو فرص العمل، وهذا هو الإقلاع الاقتصادي الحقيقي، أي فتح المزيد من المعامل والمصانع والمشاريع"، مشيراً إلى أنّ التركيز على الأمن الغذائي مهم جداً أيضاً في الولاية الثانية، ويلفت إلى تجربة الشراكة مع الدول الأجنبية مثل إيطاليا وقطر في ما يخص الزراعة الصحراوية التي تم تفعيلها في ولاية تبون الأولى، و"أعطت نتائج جيدة يمكن أن تكون ممتازة إذا سارت مسارات أكثر فاعلية نحو تجسيد مبتغى الأمن الغذائي".
ويؤكد زغلامي أنّ "برنامج تبون سيكون مختلفاً عن برنامجي أوشيش وحساني، بما أنّ الرئيس أكد مرات عدة رؤيته المستقبلية والأرقام الاقتصادية الممكنة التحقيق في آفاق 2027 و2030، بالعمل على استكمال برامجه التنموية والاقتصادية".
فرصة تنموية
ويولي الجزائريون ما ستجود به برامج المرشحين الثلاثة أهمية بالغة، وكل آمالهم أن تكون في مستوى تطلعاتهم لتحسين قدرتهم الشرائية وظروف معيشتهم. ولما كان برنامج تبون واضحاً، فإن العيون تترقب ما سيجود به حساني وأوشيش.
في هذا الصدد، يؤكد زغلامي لـ"النهار العربي" أنّ مرتكزات هذين المرشحين سياسية محضة، ويقول: "الأوّل تحدّث أخيراً عن ضرورة إعادة النظر في بعض بنود الدستور، ومن هنا نفهم أنّ مرتكزات برنامجه الانتخابي ستكون دستورية سياسية، فيما يرافع أوشيش لتغيير طبيعة النظام السياسي القائم وآليات تطبيق القيم الديموقراطية".
ويضيف زغلامي أنّ المرشحين لن يتجاهلا الشق الاقتصادي الذي شهد تحسناً كبيراً، بشهادة المؤسسات المالية الدولية "ما يجعل مساحة المناورة لديهما ضئيلة". ويتابع: "أظن أن للمرشحين جوانب اقتصادية يعرضانها خلال الحملة الانتخابية، خصوصاً في ما يتعلّق بالزراعة والأمن الغذائي وبتحسين ظروف المواطن الحياتية، مثل الصحة والنقل والتربية ومياه الشرب وغيرها".
ويختم زغلامي قائلاً إنّ أمام الجزائر اليوم فرصة سانحة للسير قدماً نحو تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية "ما دامت البلاد تنعم بالاستقرار السياسي والأمني".