النهار

يرفدها ازدهار السياحة... المهن الموسمية في تونس ملاذ الطلبة والباحثين عن عمل
روعة قاسم
المصدر: النهار العربي
ينتظر أغلب التونسيين الصيف للراحة والاستجمام والاستمتاع بالشواطئ الخلّابة والأنشطة الترفيهية وخدمات الفنادق الراقية والمطاعم التي تقدّم ما لذّ وطاب، في بلد سياحي عُرف بصيفه الجميل
يرفدها ازدهار السياحة... المهن الموسمية في تونس ملاذ الطلبة والباحثين عن عمل
بائع اضاف إلى متجره ثياباً تراثية تونسية يبيعها للسياح في تونس (أ ف ب)
A+   A-
ينتظر أغلب التونسيين الصيف للراحة والاستجمام والاستمتاع بالشواطئ الخلّابة والأنشطة الترفيهية وخدمات الفنادق الراقية والمطاعم التي تقدّم ما لذّ وطاب، في بلد سياحي عُرف بصيفه الجميل، يأتيه الناس من أماكن متفرقة في العالم. فالتونسي يكدّ طوال العام منتظراً العطلة الصيفية بفارغ الصبر، لتجديد طاقته، ليستأنف بعدها العمل أو الدراسة في أفضل الظروف الصحية والنفسية، مستفيداً من جمال البلد وتنوعه الطبيعي، ومن بناه التحتية السياحية الجميلة.
 
لكن، هناك في تونس أيضاً من لا يعرف الراحة، ولا يستمتع بجمال بلده، وبمنتجعاته السياحية وشواطئه الذهبية. لا فرق عنده بين فصول السنة، والعطلة الصيفية بالنسبة إليه فرصة لجمع مبلغ من المال يعيل به عائلته أو يعينه في إطلاق مشروع صغير أو يجمع منه مصاريف دراسته الشتوية.. أو يدخره للهجرة. 
 
لذلك، تظهر مهن موسمية تبدأ في بداية الصيف وتوافد السياح، وتنتهي في نهايته وبهجرة المصطافين وفراغ الشواطئ من روادها.
 
مظلات وكراسٍ
من بين هذه المهن مهنة تأجير المظلات والكراسي العادية والمريحة على الشواطئ المجهّزة لاستقبال المصطافين، حيث يقوم شاغل الشاطئ الذي يحوز رخصة من البلدية، بتشغيل شبان ويافعين يشرفون على استقبال زوار الشاطئ والترحيب بهم وتلبية طلبهم من كراسٍ ومظلات، بثمن يتقاضونه منهم. 
 
كما يوفر الكثير من هذه الشواطئ المجهّزة للإصطياف طعاماً وشراباً للرواد، ما يستدعي توظيف طبّاخين موسميين يعدّون أطباقاً ترتكز أساساً على السمك وثمار البحر.
 
ومن المهن الصيفية أيضاً التجول على الشواطئ والمقاهي لبيع الوجبات الخفيفة والمشروبات والمثلجات والحلويات والمكسرات والشاي وغيرها. يستعمل بعض هؤلاء سيارات كبيرة، والبعض الآخر دراجات نارية وأخرى هوائية، فيما يبيع بعضهم منتوجه على عربات مجرورة أو يحمل صندوقاً على كتفيه. 
 
مشموم وملابس
وينشط أيضاً باعة المشموم (باقة الفل والياسمين) بشكل مكثف في فصل الصيف، يروّجون لأزهارهم على الشواطئ وفي المقاهي وعلى مدارج مسارح المهرجانات الصيفية وفي المفترقات عند الإشارات المرورية، خصوصاً في ساعات المساء.
 
ومن هذه المهن الصيفية أيضاً، بيع ملابس السباحة والغوص ولوازمه من أقنعة وسترات وغيرها، والحلقات والصدريات والقوارب والحشايا الهوائية المخصصة للأطفال، ولعب الأطفال الأخرى كالتي تساعد في تشكيل الرمل وبناء القصور الرملية، والمضارب الخشبية والكرات المختلفة وغيرها. تباع هذه المستلزمات عموماً في متاجر مخصصة تعرضها مع اقتراب الصيف، كما يعرضها تجار موسميون على قارعة الطريق وقرب الشواطئ في المدن الساحلية.
 
مأكولات خفيفة
يرى سرحان الورغي، وهو طالب جامعي في مدينة بنزرت، أن العمل الصيفي ضروري لتحصيل القليل من المال يساعده في تحمّل أعباء الدراسة، "ولهذا لا أعود صيفاً إلى مسقط رأسي في مدينة الكاف"، شمال غربي البلاد التونسية، كما يقول لـ "النهار العربي"، "بل أبقى في بنزرت الساحلية العامرة بالشواطئ الجميلة التي يرتادها المصطافون، فيمكنني ممارسة مختلف أنواع التجارة".
 
يضيف الورغي: "اتفقت مع مطعم يبيع مأكولات خفيفة على أن يزودني في الصيف ببعض أطباقه البسيطة مثل البطاطا المقلية و"الفريكاسي" (لمجة تونسية صغيرة الحجم) التونسي، فأبيعها بسعر مضاعف لرواد الشواطئ، فأجني مالاً أدخره لمصاريف الدراسة للسنة الجامعية المقبلة". ولحسن حظه، الإقبال جيد على ما يبيعه، "فهي لذيذة يطلبها الصغار والكبار، ونظيفة، إذ أحترم شروط الصحة بعناية".
 
منقذ الشباب
سهيل المسعودي عاطل من العمل منذ سنوات، يقتات من المهن الموسمية ببيع بعض المنتوجات على قارعة الطريق خريفاً وشتاءً وربيعاً، والعمل نادلاً في المقاهي السياحية صيفًا. يقول لـ "النهار العربي": "العمل الموسمي ينقذ عدداً كبيراً من شباب تونس الذي لا يجد فرص عمل ملائمة"، مضيفاً أنه يعمل في مدينة الحمامات السياحية التي يتقاطر عليها السياح صيفاً من كل أنحاء العالم، "فتزداد حاجة مقاهيها وفنادقها إلى العمال، وأنا مواظب سنوياً على هذا العمل في هذه المدينة، وأجد عملاً بسرعة لحسن تعاملي مع السياح ولاتقاني أكثر من لغة،  تعلّمتها بمخالطة السياح الأجانب".
 
يضيف المسعودي: "أعلمني صاحب المقهى أنه يفكر في انتدابي للعمل على مدار السنة، لكنني أفكر جدّياً في الهجرة. فالوضع في البلد ساء على كافة المستويات بعد الثورة، ولا بدّ للمرء من أن يبحث عن حلول أخرى لتحسين معيشته". 
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium