النهار

أفريقيا تسعى لتجريم الاستعمار دولياً... مطلب حقّ يواجه عقبات كثيرة
الجزائر-نهال دويب
المصدر: النهار العربي
الجزائر قد أعلنت بلسان وزير خارجيتها أحمد عطاف خلال مؤتمر صحافي عقده نهاية تموز (يوليو) الماضي، مبادرة يجري الإعداد لها داخل أروقة الاتحاد الأفريقي بشأن تفعيل مسعى تجريم الاستعمار في الأمم المتحدة التي تبنى أعضاؤها في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 1968 اتفاقية "عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية" لتفادي إفلات مرتكبي الجرائم، وصادقت على الاتفاقية 50 دولة. ​
أفريقيا تسعى لتجريم الاستعمار دولياً... مطلب حقّ يواجه عقبات كثيرة
هل تنجح مبادرة الاتحاد الافريقي؟
A+   A-
يخطو الاتحاد الأفريقي خطوة جديدة وغير مسبوقة نحو تجريم الاستعمار على المستوى الأممي، هذا التحرك أثار ردود فعل تتساءل عن أبعاده وخلفياته ودلالاته ومآلاته في ظل التوترات العالمية التي تنبئ بصراع متفجر بين القوى العظمى. 
 
وكانت الجزائر قد أعلنت بلسان وزير خارجيتها أحمد عطاف خلال مؤتمر صحافي عقده نهاية تموز (يوليو) الماضي، مبادرة يجري الإعداد لها داخل أروقة الاتحاد الأفريقي بشأن تفعيل مسعى تجريم الاستعمار في الأمم المتحدة التي تبنى أعضاؤها في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 1968 اتفاقية "عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية" لتفادي إفلات مرتكبي الجرائم، وصادقت على الاتفاقية 50 دولة.
 
سابقة تاريخية 
وينتظر القادة الأفارقة التئام القمة الأفريقية في أيلول (سبتمبر) المقبل من أجل استكمال قانون تجريم الاستعمار، فهل ستلقى المبادرة الأفريقية دعماً أممياً؟  
 
ونادر ما تتصالح الدول المستعمرة مع بعض مستعمراتها السابقة وتوافق على تقديم تعويضات إلى ضحايا العنف خلال الحرب، وهو ما قامت به ألمانيا أخيراً مع ناميبيا التي عانت "إبادة جماعية كبيرة"، فرغم أن ألمانيا قدمت "اعتذاراً غير مشروط"، غير أنها رفضت استخدام لفظ "تعويض" وبدلاً من ذلك اقترحت استخدام "تضميد الجراح"، غير أن الفريق الناميبي في المفاوضات اعتبر هذا التعبير غير كاف.
 
وتتطلع الجزائر إلى أداء دور قومي بارز داخل مجلس الأمن الدولي من أجل الدفاع عن المبادرة، وقال الوزير أحمد عطاف إنّ "الجزائر ستكون من السباقين إلى الدفاع عنها". 
 
وقد تتحول هذه المبادرة إلى "ورقة ضغط"، وقد تحفز دولاً أخرى غير دول القارة السمراء، بحسب الأستاذة في العلوم السياسية نبيلة بن يوسف التي تقول لـ"النهار العربي" إنّ "مجرد عرضها على الأمم المتحدة سيجعل دولاً أخرى تعرضت لجرائم الاستعمار ترفع هي الأخرى مطالبها، وكثرة المطالب والضغوط حول القضية ذاتها ستجعلها تعيد النظر فيها، لكن الأمر يجب ألا يتوقف عند هذا الحد". 
 
ومن المؤكد أنّ مسعى تجريم الاستعمار سيحظى بدعم أفريقي واسع، وترى بن يوسف أنّ "الوضع الذي ألت إليه بعض الدول الأفريقية، لا سيما تلك المستعمرة فرنسياً سابقاً يجعلها تتجاوب مع الجزائر من دون شك، لا سيما أن بعض الدول المستعمرة خرجت من باب ضيق بعد سنوات التحكم والتعنّت، وهو ما شهدناه في التشاد ومالي والنيجر وبوركينا فاسو، إذ شهدت كلها تحركات شعبية ضد الوجود العسكري على أراضيها، لكن لا تزال الرغبة في الانتقام سارية". 
 
هل تحقق أهدافها؟ 
وبإمكان الاتحاد الأفريقي توظيف العلاقات التي تربطه بشركاء أقوياء مثل روسيا والصين، بحسب قراءة الدكتورة نبيلة بن يوسف، فـ"لأفريقيا طرق عديدة في الضغط اليوم أهمها الاستثمار في علاقاتها مع روسيا والصين اللتين رسختا مكانتيهما كقوتين عظميين صاعدتين في القارة السمراء". 
 
في المقابل، يعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور عبد الرزاق صاغور أنّ "المهمة ستكون صعبة للغاية"، ويبني تحليلاته على مجموعة من الركائز أهمها أنّ "الاتحاد الأفريقي ليس مؤسسة متجانسة ودوله سياساتها متناقضة، وحتى متعادية، لهذا حتى ولو اتجه نحو الأمم المتحدة لا يستطيع فرض هذه المبادرة، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار القوى التي تشكل بنيته الحالية".
 
وتبدو فرص نجاح المبادرة في نظر الناشطة الحقوقية فريدة بلعمري "محدودة جداً" في ظل الانقسامات الداخلية أو التحديات الدبلوماسية بين الدول الأعضاء، وتقول لـ"النهار العربي" إنّ "نجاح المبادرة مرهون مبدئياً بتحقيق الإجماع داخل هذه الهيئة الأفريقية، وهذا الشرط يصعب تحقيقه حالياً بالنظر إلى المطبات والعراقيل التي تعترضها، وأهمها أنّ العلاقات الدولية مبنية على المصالح والنفوذ والتبعية". 
 
والمطلوب اليوم بحسب بلعمري "تعزيز الجبهة الداخلية من خلال الحفاظ على وحدة الصف الأفريقي وتحقيق الأمن الاقتصادي من أجل تحقيق السيادة الأفريقية الحقيقية في هيئة الأمم المتحدة، لا سيما  أنّ دول القارة السمراء تحوز أوراق ضغط رابحة أهمها الثروات التي تمتلكها، إذ تمتلك نصف احتياطي الذهب في العالم و12 في المئة من النفط و32 في المئة من الثروات المعدنية وبإمكانها أن تكون قاطرة العالم والاستقرار بقرارتها والاستثمار في مواردها والعيش برفاهية". 

اقرأ في النهار Premium