انطلقت أمس الخميس الحملة الدعائية لانتخابات الرئاسة في الجزائر المقررة يوم 7 أيلول (سبتمبر) المقبل. وبدأ المرشحون الثلاثة المنافسة على استمالة أصوات الناخبين أملاً بكرسي قصر المرادية.
وعلى مدار 21 يوماً، يعرض المرشح الحرّ عبد المجيد تبون، ومرشحا "حركة مجتمع السلم" عبد العالي حساني وحزب "جبهة القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش، برامجهم الانتخابية في تجمعات ولقاءات شعبية وأحاديث تلفزيونية وإذاعية.
وتُشرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على سير الحملة الدعائية للاستحقاق الرئاسي مثلما ينصّ على ذلك دستور البلاد. وأكد رئيس الهيئة محمد شرفي، السبت، استعدادها الكامل للتنظيم الجيد وضمان "الحيادية والشفافية وحرية خيار الناخبين"، مشيراً إلى اضطلاع السلطة المستقلة للانتخابات بمهماتها كاملة من خلال السهر على أمن التجمعات واللقاءات الشعبية خلال الحملة الانتخابية ومتابعتها وفقاً للضوابط القانونية، بالإضافة إلى "الحرص على المساواة في الفترة الزمنية لمداخلات المرشحين عبر وسائل الإعلام السمعية البصرية الحكومية".
وفي السياق، وقبيل انطلاق الحملة الانتخابية، جرت عملية القرعة الخاصة بتوزيع الحيّز الزمني المخصص لظهور المرشحين عبر وسائل الإعلام، ومُنحت 6 دقائق لكل مرشح.
تحدّي الإقناع...
وسيحاول المرشحون الثلاثة إقناع أكبر عدد ممكن من الناخبين الذين بلغ عددهم أكثر من 24 مليون ناخب، منهم نحو مليون في الخارج.
ولأن الجزائريين مرتبطون بشكل وثيق بثورتهم التحريرية وأمجادها، فقد أراد مرشح المحافظين في الجزائر عبد العالي حساني اللعب على وتر العاطفة الثورية من خلال الإعلان عن انطلاق حملته الانتخابية من المنزل الذي احتضن اجتماع مجموعة الـ22 التاريخية، والذي انبثقت منه ثورة تشرين الثاني (نوفمبر) 1954، في مدينة المدنية بالعاصمة الجزائرية، في محاولة لإعطاء حملته الدعائية زخماً تاريخياً، بخاصة أنّه انطلق بعدها نحو مقام الشهيد ثم إلى ساحتي الأمير عبد القادر والبريد المركزي وساحة الشهداء.
أما المرشح الديموقراطي يوسف أوشيش، فاختار أحد أكبر الأحياء الشعبية في الجزائر العاصمة انطلاقةً لحملته الانتخابية. وحلّ أوشيش، صباح أمس، في حي باب الوادي الشعبي، حيث كان له لقاء مع شرائح مختلفة عرض خلاله رؤيته لخروج البلاد من "مآزقها الاجتماعية وضعف القدرة الشرائية" إذا ما حصل على ثقة غالبية الناخبين.
وانتظر الجزائريون اليوم الأول من الحملة الانتخابية لرئاسيات الخريف المقبل لمعرفة توجهات الرئيس المرشح لولاية ثانية عبد المجيد تبون، والخطوط العريضة لبرنامجه الانتخابي، علماً أنه الأوفر حظاً للبقاء في قصر المرادية.
وظهر تبون عبر شاشة التلفزيون الحكومي وأثير الإذاعة الجزائرية، ليعرض على المواطنين ما سماه استكمالاً لما أنجزه خلال ولايته الأولى (2019ـ2024)، التي قال إنّها كانت مبتورة بفعل الأزمة الصحية التي عرفتها البلاد وكل العالم بين 2020 و2022. وأضاف أنّه يريد "ثقة الشعب" لتجسيد الكثير من البرامج الإنمائية والاقتصادية استكمالاً لما أُنجز خلال السنوات الخمس الماضية.
غير أنّ الرئيس المرشّح يعوّل على داعميه من منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، إذ اختارت كبريات هذه الأحزاب دعم تبون للفوز بولاية رئاسية ثانية. واختارت أحزاب التحالف وهي كل من "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديموقراطي" و"جبهة المستقبل"، منذ اليوم الأول، التوغّل عبر المحافظات الشرقية والغربية والجنوبية.
بداية باهتة
ووصف مراقبون بداية الحملة الانتخابية بـ"الباهتة"، بخاصة أنّ العطلة الصيفية والحرارة المرتفعة تُلقيان بظلالهما على الموعد الانتخابي، وهو ما يؤكد المخاوف من عزوف المواطنين عن حضور تجمعات المرشحين الثلاثة، ما يمثّل تحدياً انتخابياً لكل منهم في استقطاب الناخبين وملء القاعات وإنجاح حملاتهم الدعائية.
أما أكبر تحدّ للمرشحين فهو القدرة على تنشيط تجمعات شعبية في المحافظات الجنوبية المعروفة بحرارتها المرتفعة خلال فصل الصيف، إذ تصل إلى 45 درجة في معظم الأحيان. وفي وقت يعوّل مرشح "الأفافاس" يوسف أوشيش على منطقة القبائل التي تمثل قاعدته الانتخابية الأكبر، يركز تبون وحساني على المناطق الداخلية.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فإنّ استمالة ناخبي تلك المناطق لن يمرّ إلا عبر لقائهم المباشر وتنشيط التجمعات، ما يجعل جميع المرشحين أمام "معضلة" تجاوز العوامل الطبيعية.
وتستمر الحملة الانتخابية للرئاسيات إلى 3 أيلول المقبل، أي قبل 4 أيام من موعد الاقتراع، وهي فترة "الصمت الانتخابي".