النهار

التونسيّون لا يقرأون... والتّواصل الاجتماعي هو المتّهم الأوّل
روعة قاسم
المصدر: النهار العربي
إن كان هذا وضع تونس التي تحتل المرتبة الأولى مغاربياً في الإقبال على المطالعة، فما هو حال باقي بلدان المغرب العربي؟
التونسيّون لا يقرأون... والتّواصل الاجتماعي هو المتّهم الأوّل
صورة من أرشيف المكتبة الوطنية التونسية
A+   A-
كان التونسيون في الماضي القريب، ومع حلول فصل الصيف، يدفعون بأبنائهم إلى المطالعة من خلال تشجيعهم على ارتياد المكتبات العمومية أو اقتناء ما تيسّر من الكتب، لتكون القراءة نشاطاً صيفياً يضاف إلى الاستمتاع بالبحر والسهرات الليلية والمهرجانات. وكان الأطفال واليافعون يستجيبون لرغبات الآباء، فالنهار طويل صيفاً ولا إمكانية لقضاء الوقت كله استجماماً في المناطق السياحية، وهذا ما جعل تونس تحتل المرتبة الأولى مغاربياً في إقبال شعبها على المطالعة.
 
لكن الأمور تغيرت اليوم، فإصرار الآباء على حسن استغلال أولادهم العطلة الصيفية بالمطالعة لم يعد يلقى آذاناً مصغية، إذ هناك ابتعاد لافت عن المطالعة في صفوف الأجيال الصاعدة، تجسّد في هجرة المكتبات العمومية والنفور من الكتاب، وحتى من وسائل الإعلام المكتوبة، مع اتجاه إلى المرئي والمسموع.
 
المتهم الأول
يرد مختصون اجتماعيون هذا العزوف عن المطالعة إلى انتشار وسائل الاتصال الحديثة، التي أصبحت المتهم الأول بملء أوقات فراغ الناشئة وإلهائهم عما ينفعهم من أنشطة فكرية وتثقيفية، فلا طفل أو مراهق أو شاب اليوم لا يمتلك هاتفاً ذكياً أو جهازاً لوحياً أو حاسوباً متطوراً أو ساعة ذكية، يمكن من خلالها الولوج إلى عوالم افتراضية فسيحة ورحبة تغنيه عن مسك كتاب في غرفة مغلقة ولساعات طويلة.
 
يقول هشام الحاجي، الكاتب والباحث في علم الاجتماع، لـ"النهار العربي"، إنّ الكتاب اليوم "آخر اهتمامات أطفال تونس، وهذا تسبب بهجرة المكتبات العمومية"، متسائلاً: "إن كان هذا وضع تونس التي تحتل المرتبة الأولى مغاربياً في الإقبال على المطالعة، فما هي حال باقي بلدان المغرب العربي؟ وما مصير شعوب لا تقرأ؟".
 
ويضيف الحاجي: "لا يمكن منع الأطفال والمراهقين والشباب من استعمال وسائل الاتصال الحديثة ومواكبة العصر، لكن الإدمان عليها مضر جداً، خصوصاً في العطلة الصيفية التي تذوب فيها أوقات الفراغ"، محملاً الأولياء مسؤولية إيجاد صيغة "لا يجوع فيها الذئب ولا يشتكي الراعي"، كما يقول، لتقسيم وقت الطفل بين المطالعة والسباحة أو اللهو "إلى جانب تخصيص وقت محدد للإبحار في الفضاء الافتراضي، مع الرقابة اللصيقة طبعاً".
 
لا تشجيع
إلا أنّ إيمان النمري، أستاذة التعليم الثانوي، لا تحصر سبب العزوف عن المطالعة في وسائل الاتصال الحديثة، فالمنظومة التعليمية الحالية "لا تشجع الأطفال والمراهقين على المطالعة، بل تدفعهم إلى دراسة مواد علمية جافة، من دون أي توعية على أهمية المطالعة الحرة في تكوينهم الثقافي العام".
 
وتضيف النمري لـ"النهار العربي": "نسبة كبيرة من الأولياء لا يشجعون أبناءهم على المطالعة وارتياد المكتبات العمومية صيفاً"، من دون أن تنكر حق التلميذ في الراحة والاستجمام بعد عام دراسي طويل، كي يجدد طاقته، مشددة على ضرورة أن يشمل الإصلاح التربوي التي تنوي الدولة تحقيقه مسألة المطالعة "مع البحث في السبل الكفيلة بترغيب الناشئة فيها كي تتكامل مع البرامج الرسمية للمنظومة التربوية التي لا بد لها من دعم ومن جهد إضافي يقوم به التلميذ من تلقاء نفسه".
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium