النهار

مطلوبون في قضايا "الكيف" في المغرب لـ"النّهار العربي": العفو الملكي يفتح صفحة جديدة ويصالحنا مع الدّولة
الرباط- خولة اجعيفري
المصدر: النهار العربي
​ قوبل قرار العفو الملكي المغربي عن الآلاف من مزارعي القنب الهندي باحتفاء وارتياح كبيرين في أوساط المزارعين الصغار أنفسهم وعائلاتهم وفي الأوساط الحقوقية والمدنية. واعتبرت هذه الخطوة بارقة أمل ونقطة تحوّل مهمة في مشروع الدولة الرامي إلى تقنين القطاع وتنميته.
مطلوبون في قضايا "الكيف" في المغرب لـ"النّهار العربي": العفو الملكي يفتح صفحة جديدة ويصالحنا مع الدّولة
حقل حشيش في المغرب
A+   A-
قوبل قرار العفو الملكي المغربي عن الآلاف من مزارعي القنب الهندي باحتفاء وارتياح كبيرين في أوساط المزارعين الصغار أنفسهم وعائلاتهم وفي الأوساط الحقوقية والمدنية. واعتبرت هذه الخطوة بارقة أمل ونقطة تحوّل مهمة في مشروع الدولة الرامي إلى تقنين القطاع وتنميته. 
 
وأصدر الملك محمد السادس، الاثنين الماضي، بمناسبة ذكرى "ثورة الملك والشعب"، عفواً شمل 4831 شخصاً من المدانين أو الملاحقين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، وذلك في مبادرة اجتماعية وإنسانية غير مسبوقة من شأنها طي صفحة ملف الملاحقين في قضايا زراعة "حشيشة الكيف" نهائياً بعدما أثار الكثير من الجدل السياسي طيلة السنوات الماضية، وهي الخطوة التي تساير توجّه القانون الرقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، والهادف إلى استيعاب مزارعي المناطق المعنية في أنشطة مدرة للدخل، ما سيحقق طفرة اقتصادية في المناطق المستهدفة.
 
في تصريحات إلى "النهار العربي"، ثمّن مستفيدون من العفو القرار الملكي "الإنساني الحكيم الذي سيغير حياة سكان المنطقة من مزارعين وعائلاتهم"، وفق تعبير (ح.ن) وهو واحد من المستفيدين الذين كانوا ملاحقين قضائياً طيلة 7 سنوات.
 
وقال (ح.ن) إنه تلقى خبر العفو الملكي بارتياح كبير وزغاريد فرح انبعثت من كل بيت في مدينة كتامة المعروفة بزراعة القنب الهندي والمكناة بـ"عاصمة الكيف"، لما لهذا الخبر من تأكيد لرغبة الدولة في إنهاء زمن الملاحقات القضائية في حق المزارعين الصغار الذين لا يستفيدون إلا بالنزر القليل مقابل ما يستفيده التاجر والمهرب الكبير.
 
 
وفي آذار (مارس) 2021 صادقت الحكومة المغربية على القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي أو نبتة "الكيف"، كما تسمى محلياً، وإقامة وكالة حكومية من بين مهماتها التنسيق بين كل القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين، من أجل ضمان الزراعات المشروعة التي بحسب القانون تدخل في مجالات الطب والصيدلة والصناعة.
 
وبالفعل شرعت صيدليات المملكة في استقبال منتجات القنب الهندي من أجل بيعها للعموم، بعد منح رخصة التوزيع لشركة مختصة، وهي العملية التي تمت بعد استكمال الشروط القانونية اللازمة التي تتضمن تقديم طلب للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي يتضمن لائحة الصيدليات التي ستقوم بالبيع، ويتم تجديد هذه الرخصة كل ستة أشهر.
 
وفي هذا السياق، قال (ع.ج) إن مبادرة العفو "سترفع المعاناة الاجتماعية والنفسية عن آلاف الأسر من مختلف مناطق إقليم وزان، وتمكنها من شروط العيش الكريم، كما تشكل نقطة تحول في كل المناطق المعروفة بزراعة هذه المادة وستدخلها في عهد اقتصادي جديد يفصلها عن الممارسات غير القانونية السابقة، كما أن ما يميز القرار، بالخصوص، هو أن الالتفاتة تؤكد مرة أخرى العطف الملكي على كل أفراد الشعب، حتى على المخطئ منه، ويمنح فرصة جديدة لهم للحد مع الماضي".
 
 
ورأى (م.س)، الذي كان محكوماً بخمس سنوات سجناً نافذاً قبل أن يستفيد من العفو الملكي أن القرار الملكي "هو في الحقيقة بداية جديدة ستدفع المزارعين إلى الانخراط في مشروع الدولة الرامي إلى تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، وبالتالي خلق فرص الشغل في المنطقة التي تتركز فيها الأنشطة بالأساس على هذه النبتة".
 
ويتكامل هذا العفو الملكي مع ما تم التأسيس له من خلال القانون الرقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، والذي يهدف إلى استيعاب مزارعي المناطق المعنية في أنشطة مدرة للدخل، ما سيحقق طفرة اقتصادية في المناطق المستهدفة، ليتم بذلك الإسهام في تعزيز الجهود المبذولة لقطع الطريق أمام المهربين والتصدي للإتجار الدولي بالممنوعات، مع تأكيد استمرار المغرب في محاربة أباطرة المخدرات الذين يستغلون ضعف الوضعية الاقتصادية للعائلات، وتعزيز التنمية المحلية في المناطق التي تعتمد على زراعة القنب الهندي، من خلال تحويل هذه الزراعة إلى نشاط قانوني ومنظم، وتثبيت الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في هذه المناطق، ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
 
وفي السياق ذاته، قال المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي محمد الكروج لـ"النهار العربي"، إن العفو الملكي "خطوة مهمة جداً ستضمن انخراطاً مكثفاً للفلاحين والمنتجين والمزارعين في مسار تقنين القنب الهندي، بالنظر إلى خبرتهم الطويلة الأمد في هذا المجال والتي تُراهن عليها الدولة كثيراً في تنزيل قانون التقنين".
 
واعتبر المسؤول أن هذه الالتفاتة الملكية، "هي في الحقيقة اللبنة الأولى لمرحلة مفصلية جديد نحو القطع مع الزراعات غير المشروعة  وتعويضها بزراعات مشروعة وأنشطة بديلة"، لافتاً إلى أن الإعفاء خلق جواً من الاطمئنان والسكينة في صفوف هؤلاء الفلاحين والسكان المحليين، وبدد التخوفات المعرب عنها في الميدان خلال اللقاءات التي أجرتها وكالته في سياق التحضير للتقنين.
 
وستمكن هذه المبادرة وفق الكروج، من فتح آفاق وإمكانات اقتصادية جديدة للسكان المحليين والقطاع الخاص، الوطني والدولي، فضلاً عن تحسين الدخل والظروف المعيشية لهذه الفئة في إطار قانوني ومهيكل، والتأسيس لمرحلة جديدة في مسار إنجاح ورش تقنين زراعة القنب الهندي.
 
ويأتي هذا العفو في سياق الآثار الإيجابية التي خلفها العفو الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش والذي استفاد منه 2476 شخصاً، من بينهم صحافيون ومدونون مدانون في قضايا الحق العام، ومستفيدون من برنامج مصالحة لمواجهة الخطاب المتشدد داخل السجون. 
 

اقرأ في النهار Premium