النهار

ما خيارات الجزائر لوقف الاقتتال في شمال مالي؟
الجزائر-نهال دويب
المصدر: النهار العربي
تستعر الحرب في مالي ويزداد العبء الأمني على حدود الجزائر الجنوبية مع الساحل الأفريقي بطول 1000 كيلومتر، بسبب التصلّب في المواقف بين "الأزواد" والجيش المالي المدعوم بالمقاتلين التابعين لمجموعة "فاغنر"
ما خيارات الجزائر لوقف الاقتتال في شمال مالي؟
مسلحون من الطوارق في شمال مالي (أ ف ب)
A+   A-
تستعر الحرب في مالي ويزداد العبء الأمني على حدود الجزائر الجنوبية مع الساحل الأفريقي بطول 1000 كيلومتر، بسبب التصلّب في المواقف بين "الأزواد" والجيش المالي المدعوم بالمقاتلين التابعين لمجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة.
 
وفي تطور لافت، وللمرّة الأولى، استُخدمت الطائرات المُسيّرة في المعارك، ما يدلّ على أن الصراع الداخلي بين الأطراف المتصارعة يأخذ منحى تصاعدياً وخطيراً، منذ أن قرّر الحاكم العسكري في باماكو، العقيد عاصيمي غويتا، إلغاء "اتفاق السلام" في مطلع العام الجاري.
 
ووفقاً لـ "الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية"، وهو تحالف يضمّ حركات أزوادية، فإن القصف استهدف منطقة تين زواتين داخل الأراضي المالية، في المكان المسمّى "أخربان" (تجمّع تجاري)، على مسافة أمتار عن مدينة تين زواتين الجزائرية.
 
الأعنف على الإطلاق 
وأكّد البيان الصادر عن "الإطار الاستراتيجي"، أن الهجوم استهدف مدنيين عزلاً كانوا في صيدلية، ثم لحقته غارات استهدفت مجموعات بشرية قرب مكان القصف الأول، مشيراً إلى أن "الحصيلة الأولية تصل إلى 21 قتيلاً مدنياً بينهم 11 طفلاً، وعشرات الجرحى، وأضرار مادية جسيمة".
 
ومُنيت مجموعة "فاغنر" الروسية في شمال مالي، في نهاية تموز (يوليو) الماضي، بهزيمة نكراء على يد المتمردين الطوارق قرب الحدود مع الجزائر، في معركة أسفرت عن مقتل وإصابة وربما أسر عدد من عناصرها، فضلاً عن مقتل عدد من الجنود الماليين الذين يأتمرون بأوامر المجلس العسكري الانقلابي.
 
وفي حال ثبوت هذه المستجدات ميدانياً، فإن الهجوم على قرية تين زواتين هو الأعنف والأشدّ فتكاً بالمدنيين، لا سيما الأطفال، بواسطة مسيّرة، منذ انهيار اتفاق السلام بين المجلس العسكري الحاكم والجماعات المسلحة المؤيّدة لاستقلال شمال مالي.
 
بالمسيّرات!
وفي أول ردّ رسمي، دعت الجزائر إلى تحرك دولي لملاحقة الجيوش الخاصة (المرتزقة) التي تستعين بها بعض الدول، في إشارة إلى مجموعة "فاغنر" الروسية التي تتعاون مع الجيش المالي في الهجوم على الحركات الأزوادية . وقال عمار بن جامع، ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، في جلسة نقاش في مقر الأمم المتحدة لمناسبة الذكرى 75 لاعتماد اتفاقية جنيف: "قرأت في الصحافة أن هناك 20 مدنياً مالياً تمّ قصفهم بطائرة مسيّرة، أولئك الذين ضغطوا على الزر لإطلاق هذا الهجوم لا يخضعون للمساءلة أمام أي طرف". وشدّد على أنه يتعيّن العمل على "وقف انتهاكات الجيوش الخاصة التي تستعين بها بعض الدول"، وحذّر من عدم مساءلة تلك الأطراف بشأن انتهاكاتها، وما تتسبب به من تهديدات وأخطار على المنطقة.
 
وتطرح التطورات القتالية في مالي عدداً كبيراً من التساؤلات، أولها: ماذا بقي للجزائر من أوراق لإخماد النزاع القائم ومحاولة إيجاد حلّ لمنع امتداد النزاع إلى أراضيها وتدخّل أطراف أخرى؟ فهذا ما سعت إليه في السنوات الماضية، إذ ركّزت على الوحدة الترابية وعملت على تقريب وجهات النظر والمواقف بين مطالب الحركات المتمرّدة في المنطقة.
 
خيارات متاحة
ولا شك في أنّ ما يحدث اليوم في مالي ستكون له آثار سلبية كبيرة على الجزائر، لما تشكّله هذه الأحداث من أعباء أمنية واقتصادية واجتماعية عليها. وقد عاشت الحدود الجزائرية وضعاً شبيهاً باندلاع الحرب الأهلية في مالي بين عامي 2012 و2015، والتي أدّت إلى نزوح 55 ألف مواطن مالي نحو وسط البلاد، بمعدل هجرة أكثر من 18 ألف شخص سنوياً. 
 
يقول عبد الرفيق كشوط، الأستاذ المحاضر في جامعة محمد الصديق بن يحيى ورئيس فرقة بحث بعنوان "إشكالات الأمن والسلام في المتوسط"، لـ"النهار العربي"، إن العمل يصبّ في اتجاه منع حرب أهلية في المنطقة، مضيفاً: "بإمكان الجزائر العمل عبر المجموعة الدولية والإقليمية لدفع المجلس العسكري على احترام موعد إجراء الانتخابات الرئاسية أواخر هذا العام، والتي كان مقرراً تنظيمها بين يومي 4 و 18 شباط (فبراير)، لكن أجّلها المجلس العسكري الحاكم لأسباب قيل إنها فنية". 
 
ولا ضير إذاً أن تضغط الجزائر عبر شركائها الموقّعين والراعين لاتفاق باماكو لعدم نقض الاتفاق، بحسب كشوط، الذي يشير إلى أن من واجب الجزائر اليوم "استخدام جميع أوراقها في هذا الملف، فهذا ما يحتّمه عليها موقعها الاستراتيجي وثقلها ورعايتها اتفاق باماكو". 
 
ومن أهم الخيارات الأخرى المتاحة، وفقاً للأكاديمي الجزائري، أن ترعى الجزائر مجدداً اتفاقاً بين الفرقاء الماليين وفق بنود جديدة وأكثر توافقاً، تمنع من خلالها تدخّل الأطراف الخارجية أو البعيدة من المنطقة من التدخّل. 
 
الجزائر مستعدة
وأكّدت الجزائر في كل مناسبة استعدادها لتكثيف جهودها ومساعيها الرامية لتعزيز التوافق والحوار بين الأطراف المالية، ومرافقتها نحو بلورة التفاهمات الضرورية، للمضي قُدماً في تجسيد مضامين الاتفاق على أرض الواقع، بما يحفظ وحدة البلاد وشعبها. 
 
وأكّد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، في مؤتمر صحافي عقده في نهاية تموز (يوليو) الماضي، أن الجزائر لا يمكنها أن تدير ظهرها لما يجري في منطقة الساحل.
 
وعلّق على عودة الحرب في شمال مالي بالقول، إنها جاءت "نتيجة لوقف العمل باتفاق الجزائر"، مضيفاً: "تتذكرون فحوى البيان الرسمي الذي أصدرته الجزائر بعد إعلان حكومة مالي الانسحاب من اتفاق السلام، وحذّرنا فيه من مخاطر اندلاع حرب أهلية في هذا البلد الشقيق، وقلنا وفقاً لمعطيات ما زالت قائمة أن لا حلّ عسكرياً للأزمة، وأن الحلّ يجب أن يكون سياسياً؟".
 
ولأن التأثير سيكون سلبياً على الجزائر، لا يستبعد كشوط رفع درجة الحيطة والحذر لتأمين المناطق المتاخمة للحدود، ومنع أي اختراق لها، بإحكام القبضة الحديدية على المعابر. 
 
 

الأكثر قراءة

سياسة 11/23/2024 7:37:00 AM
أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" عن مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار أميركي مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني
سياسة 11/23/2024 9:48:00 AM
إسرائيل هاجمت فجر اليوم في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس قسم العمليات في "حزب الله"، محمد حيدر

اقرأ في النهار Premium