مع انطلاق ماراتون الحملات الانتخابية للساعين إلى الظفر بكرسي الرئاسة في الجزائر، اختار المرشحون الثلاثة مخاطبة أنصارهم من الناخبين الجزائريين بوسوم وملصقات اختلفت مضامينها، لكن تبقى غايتها واحدة: الظفر بكرسي قصر المرادية.
فرصة لبعث الأمل
انتقى عبد العالي حساني، مرشح حركة مجتمع السلم (أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر)، كلمة "فرصة" عنواناً لبرنامجه وحملته الانتخابية. وقال حين عرضه برنامجه الانتخابي: "اخترنا تسمية فرصة لأننا نعتقد أن الجزائر أمام فرصة يجب اغتنامها".
ودافع حساني عن برنامجه الانتخابي، معتبراً أنه يلخّص "فرصاً عديدة يتيحها الاستحقاق الرئاسي، هي تثبيت دور مدرسة الوسطية والاعتدال، وتقديم برنامج انتخابي تنافسي وتعزيز شرعية مؤسسات الدولة ونصل للتحوّل الديموقراطي"، مضيفاً: "برنامجنا فرصة لشركة سياسية من أجل التغيير، ولبعث الأمل لدى الجزائريين وتجديد السياسات وللوصول إلى جزائر صاعدة".
من "الجديدة" إلى "المنتصرة"
واختار تبون "الجزائر المنتصرة" عنواناً لبرنامجه للانتخابات الرئاسية الجزائرية، وهو يحيل إلى أن من أولى أولوياته مواجهة التحدّيات المتعلقة بالأمن القومي، سواء الداخلية أو الخارجية، في ظل بيئة غير مستقرة، كما أنه يأتي استكمالاً لشعار "الجزائر الجديدة" الذي انتقاه في انتخابات 2019.
"رؤية للغد"
"رؤية للغد" هو الشعار الذي انتقاه مرشح جبهة القوى الاشتراكية للرئاسيات يوسف أوشيش، وينمّ بحسب محللين عن أن جزائر الغد تتطلّب رؤية استراتيجية متكاملة ولا تكفيها الحلول الآنية.
وبالنسبة إلى أوشيش الذي يُعتبر أصغر مترشح للانتخابات الرئاسية، اختيار هذا الشعار يأتي "كونه يعبّر عن تطلعات سياسية تتعلق بـرؤية للغد لبناء مستقبل أفضل". وقال في أحد خطاباته: "رؤية، هو مشروعنا الرئاسي، من أجل التغيير الجدّي والمسؤول والبناء وللحلول والبدائل الواقعية، ورؤية لبناء وبعث الأمل في الوطن وعند المواطن، خصوصاً لدى الشباب رؤية للقطيعة"، مضيفاً أن هذا المشروع يعبّر عن رؤية شاملة ومفصّلة تجيب عن جميع الأسئلة والإشكالات الوطنية التي تعنينا، ويجيب عن التحدّيات التي تواجه المواطن والشعب وأيضاً الدولة ومؤسساتها".
السياقات والدلالات
وتحمل هذه الشعارات في طياتها تصورات طوبوية، بحسب الأستاذ والباحث في العلوم السياسية الدكتور لطفي دهينة، ويقول لـ "النهار العربي": "إن المواطن منهمك جراء أوضاعه الاجتماعية، يبحث عن خطابات تلامس واقعه وتمنحه الطمأنينة، بأن هناك مَن يقدّر وضعه ويحلّ مشكلاته اليومية، في ظرف وجيز، لا سيما ما يتعلّق بالقدرة الشرائية، فما يعني المواطن الجزائري الأفكار العميقة لا الشعارات الرنانة".
ويضيف دهينة: "مستوى الخطاب منفصم عن خطاب المواطن العادي، الذي يبحث عن إجابات عميقة ومفيدة لمشكلاته الحياتية، خصوصاً تلك التي يغلب عليها الطابع الاجتماعي من جهة، ويبحث من جهة أخرى عمّا يمنحه الثقة في جدوى المشاركة السياسية في الأصل".
عناوين موفقة
وبحسب البروفيسور نور الصباح عكنوش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة بسكرة، فإن المترشحين الثلاثة وفقّوا إلى حدّ كبير في اختيار شعاراتهم السياسية. ويقول لـ "النهار العربي"، إن الكلمات المفتاحية للحملة الانتخابية تُعبّر عن تسويق سياسي وفكري ومجتمعي لبرامج المترشحين المعروضة للاختيار من طرف الجمهور في إطار أدبيات موجّهة بدقّة للرأي العام حتى يستهلكها بشكل إيجابي.
ويوضح عكنوش، أن شعارات الحملة الانتخابية في الواجهة هي مختصرة في كلمة أو جملة واحدة، بمعنى أنها صُممت بشكل بسيط مباشر يصل بسهولة للمجتمع ويتمّ فهمه بيسر، وهو أسلوب جيد في إيصال الرسالة ودلالاتها ومعانيها، من خلال تعبير (رؤية) لحزب الأفافاس أو (فرصة) لحركة مجتمع السلم أو (جزائر منتصرة)، وكُلها تُلخّص مشاريع وأهداف كل مترشح من حملته، حتى يستوعبها المواطن ويتماهى معها ويستجيب لها ويتفاعل على نحو مناسب إزاء الحدث الذي يلعب على حروف قليلة لكنها حاسمة في تحديد مخرجات الانتخابات الرئاسية".
شعارات سليمة
إلى ذلك، يصف البروفيسور رابح لعروسي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الجزائر 3، الشعارات المختارة بـ "السليمة"، ويقول لـ "النهار العربي" إنها تعكس حرص المترشحين على بناء مستقبل أفضل للجزائر الجديدة، "وهذا ما نلمسه في الوسم الذي اختاره أوشيش، فهو يقدّم تصوراً ومقاربة لجزائر الغد، أما شعار ’فرصة‘ فيقدّم تشخيصاً للوضع القائم مع تقديم مقترحات عملية يمكن استغلالها لتحقيق اقتصاد صاعد وتحقيق تنمية اجتماعية ومحلية وخدماتية".
ويضيف: "يمكن ربط وسم ’فرصة‘ بالشأن الداخلي لحركة مجتمع السلم، فالشعار يمثل فرصة حقيقية للحزب من أجل إعادة تنظيم قواعده، لا سيما أن قرار المشاركة جاء بعد 20 سنة من الغياب". فهذه هي المرّة الأولى التي تشارك فيها الحركة في الانتخابات الرئاسية منذ استحقاق 1995، حيث خاضت حينها المعترك الانتخابي بمؤسسها ورئيسها الراحل محفوظ نحناح، الذي جاء حينها في المرتبة الثانية بعد الرئيس اليامين زروال، قبل أن تعلن دعمها وتأييدها لترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات 1999، 2004 و 2009.
أما شعار "الجزائر المنتصرة" فيعني استكمال الإصلاحات التي باشرها تبون في ولايته الرئاسية الأولى، "كالقضاء على الرشوة والفساد والبيروقراطية، وأيضاً منتصرة في فضائها الخارجي، لا سيما في ظل التغييرات الجيوسياسية ومحيطها الملغّم"، كما يقول لعروسي.