النهار

​رئاسيات الجزائر غداً... الرهان على نسبة المشاركة فهل تحقق مفاجأة؟
الجزائر - نبيل سليماني
المصدر: النهار العربي
تكاد الأوساط السياسية والشعبية في الجزائر تجمع على أن الرهان خلال انتخابات الرئاسة غداً هو على نسبة مشاركة الناخبين في هذا الاستحقاق.
​رئاسيات الجزائر غداً... الرهان على نسبة المشاركة فهل تحقق مفاجأة؟
لوحة اعلانية للمرشحين عبدالمجيد تبون ويوسف أوشيش في الجزائر(أ ف ب)
A+   A-
 
تكاد الأوساط السياسية والشعبية في الجزائر تجمع على أن الرهان خلال انتخابات الرئاسة غداً هو على نسبة مشاركة الناخبين في هذا الاستحقاق.

وبالنظر الى العزوف الشعبي عن انتخابات كانون الأول (ديسمبر) 2019 (39.93%)، فإن التحدّي الأبرز خلال رئاسيات 2024 يتمثل في إقناع الفئة الصامتة من المواطنين الرافضين التوجّه إلى صناديق الانتخاب بالمشاركة.

لكن متابعين للحملات الانتخابية يتوقعون سيناريو مغايراً تماماً لما حدث في رئاسيات 2019 بسبب تغيّر الظروف والمعطيات المحلية والإقليمية، وكذا الاتفاق في الداخل الجزائري على ضرورة التوجّه نحو  المشاركة وعدم البقاء في الظل للوصول إلى التغيير.

توقع نسبة مشاركة تصل إلى 60%
يؤكّد الخبير في التخطيط الاستراتيجي والعلاقات الدولية محمد شريف ضروي، لـ"النهار العربي"، أن الجميع اتفق على أن نسبة المشاركة تبقى التحدّي، بمن فيهم المرشحون للرئاسة الذين ركّزوا عليها، كونها تتعلق بمسألة الالتزام الوطني ومستقبل البلاد ومصير الجزائريين. 
 
ويلفت ضروي الى أن المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنخبة الجزائرية بكل أطيافها، تحدثت أيضاً عن أهمية نسبة المشاركة، وهو ما يعطيها تلك الأهمية القصوى "لتبقى ما تسمّى بالكتلة الصامتة أو الفئة الصامتة، القيمة المُضافة التي يُنتظر أن تتحرك يوم الاقتراع، حتى تكون الرقم الصاعد في نسبة المشاركة". 
 
ويذكر أن المرشحين الثلاثة اتفقوا على عدد من النقاط، بخاصة ذات البعد الدولي والإقليمي والعلاقات الخارجية والديبلوماسية، مؤكّداً أن "من النقاط ذات الأولوية التي اتفقوا على ضرورتها هي بنسبة المشاركة التي تُعتبر ضرورية جداً، ضمن الرهانات الكبرى، سواء الداخلية أم الخارجية للدولة الجزائرية". 
 
وعن أسباب العزوف عن المشاركة في الانتخابات لدى الكثير من الجزائريين، يعتقد ضروي، أن "رواسب الأنظمة السابقة وممارساتها أثرت على قناعات الناخبين الذين باتوا حالياً يدركون هذه التحدّيات"، وهم على قناعة تامة بأن المشاركة هي المسار الصحيح نحو تحقيق الديموقراطية.

أما المحلل السياسي العيد زغلامي، فيرى أن الكتلة الصامتة ظاهرة سلبية، معتبراً أن "أي دولة ديموقراطية يطمح سكانها إلى تحسين معيشتهم وتنمية بلادهم، يسجّلون مشاركتهم في الانتخابات بغض النظر عمن ينتخب بل المهمّ هو أن يختار"، مشيراً إلى أن الناخبين الجزائريين اليوم أمام ثلاثة خيارات لذا "لم يعد هناك سبب للعزوف". 

ويعدّد زغلامي لـ"النهار العربي" سلبيات العزوف عن الانتخاب بقوله، إنه "أمر سلبي، ويحتم على الجميع قبول النتائج أياً كانت، ومن ثم لا مجال للانتقاد أو الطعن فيها"، متوقعاً نسبة مشاركة مقبولة في الانتخابات الحالية تتراوح بين 50 و60%.
 
ويعتقد زغلامي أن الأهم بعد نسبة المشاركة هو نسبة التصويت لمصلحة المرشح الفائز، "فكلما كانت النسبة عالية شكّلت للرئيس المنتخب أريحية واطمئناناً وحافزاً بسيكولوجياً وسياسياً لتطبيق ما وعد به خلال الحملة الدعائية".

منطقة القبائل... ماذا بعد مشاركة أوشيش؟
وككل استحقاق انتخابي في الجزائر، يتحدث مراقبون عن منطقة القبائل المعروفة بعزوفها وتردّدها في المشاركة، غير أن مشاركة حزب "جبهة القوى الاشتراكية" ذا الانتماء الشعبي إلى هذه المنطقة، دفع محللين للحديث عن نسبة مشاركة قد تكون الأكبر والأهم منذ استقلال البلاد عام 1962.
 
وفي هذا الشأن، يؤكّد زغلامي، أن مشاركة "الأفافاس" (التسمية المختصرة لحزب جبهة القوى الاشتراكية) بمرشح للرئاسيات "ستكون لها تداعيات إيجابية على نسبة المشاركة، ليس فقط في منطقة القبائل، ولو أن الحزب حاضر بقوة في هذه المنطقة، بل على كامل التراب الوطني". 
 
معطى آخر يتحدث عنه زغلامي، وهو زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون محافظة تيزي ووزو كبرى محافظات منطقة القبائل، والزخم الجماهيري والشعبي والإعلامي الذي رافقها، ما سيترك تأثيره الإيجابي على الانتخابات ويمنحها صدقية أكبر. ومن هذا المنطلق يتوقع مشاركة قوية لهذه المنطقة تضع بها حداً لسنوات من المقاطعة والعزوف عن المشاركة في العملية الديموقراطية"، مشيراً إلى أن يوسف أوشيش سيكون له نصيب من تصويت الناخبين في هذه المنطقة. 
 
لكن الخبير ضروي يرفض الحديث عن منطقة القبائل بمعزل عن الجزائر كاملة، قائلاً إن "المنطقة جزءٌ لا يتجزأ من البلاد، وسكانها جزائريون أباً عن جد"، لافتاً إلى أن "أبواق الاستعمار الفرنسي القديم تحاول في كل مرّة ممارسة التفرقة الثقافية، في محاولة إحداث شرخ في المجتمع للجزائري".
 
ويؤكّد أن "الجميع جزائريون وسيدلون بأصواتهم بنسبة معينة على غرار باقي الوطن"، متسائلاً: "لماذا التركيز دائماً على هذه المنطقة".
 
أما عن مرشح "الأفافاس"، فيجزم ضروي بأن "يوسف أوشيش مرشح لكل الجزائريين وعن كل محافظات البلاد، وهدفه استمالة الناخب الجزائري أولاً وأخيراً".

تبون... نحو ولاية ثانية من دون عناء
ويرى مراقبون، أن التوقعات كلها تصبّ في خانة استمرار تبون في الحكم لولاية ثانية، بخاصة مع مؤشرات الحملة الانتخابية التي دامت 20 يوماً، لوحظ خلالها الفرق في الحضور الشعبي على الأقل.
 
وفي هذا الإطار، يرى زغلامي أن من السابق لأوانه الحديث عن النتائج، غير أن "معطيات ميدانية تفيد بأن الرئيس المرشح عبد المجيد تبون يحوط به عدد كبير من المتعاطفين ومن المؤيّدين من الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني، لذا فإن المؤكّد أن الفوز سيكون حليفه".

أما ضروي، فيؤكّد أن "الحديث عن أي إمكانية لفوز مرشح على حساب الآخرين يُعتبر استباقاً للنتائج، في ظل غياب أي استطلاعات للرأي"، جازماً بأن "المؤشرات تدلّ إلى أن الصراع سيكون متقارباً بشكل كبير، بخاصة أن لكل المرشحين الثلاثة ميزة مغايرة عن الآخر".
 
وأوضح ضروي هذه المميزات عندما قال إن المرشح الحر عبد المجيد تبون يتكلم بلغة الأرقام، باعتباره "يتحدث عن كل الإمكانيات والسبل للتطوير والارتقاء بإنجازاته خلال الولاية السابقة، لذلك أرقامه كلها صحيحة وكل مقارباته تنطلق من الدقة لما لديه من معلومات وإلمام بكل ما يتعلق بمؤسسات الدولة". 
 
أما المرشح يوسف أوشيش، فميزته هي انتماؤه إلى فئة الشباب المثقف الواعي، وهي ميزة خدمته كثيراً وقرّبت صوته الذي تكلم عن مقاربات وقطيعة مع كل أشكال الممارسات السابقة، سواء السياسية أم الإدارية أم غير ذلك، كفكر جديد يقول ضروي.
 
ويضيف أن المرشح الثالث مرشح حزب "حركة مجتمع السلم" عبد العالي حساني، ميزته الخاصة أنه سليل أبناء محفوظ نحناح مؤسس الحزب، الذي أسس لفكر حقيقي بنخبة حقيقية امتازت دائماً بمقاربات وأطروحات متميزة، ليؤكّد ضروي، أن "الناخبين هم الفيصل في النهاية".

الأكثر قراءة

سياسة 11/23/2024 7:37:00 AM
أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" عن مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار أميركي مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني
سياسة 11/23/2024 9:48:00 AM
إسرائيل هاجمت فجر اليوم في بيروت مبنى كان يتواجد فيه رئيس قسم العمليات في "حزب الله"، محمد حيدر

اقرأ في النهار Premium