النهار

تبون يختتم مشهد رئاسيّات الجزائر بفوز كاسح
الجزائر - نبيل سليماني
المصدر: النهار العربي
انتهى المشهد الانتخابي الرئاسي في الجزائر بفوز كاسحٍ للمرشح الرئيس عبد المجيد تبون على حساب منافسَين دخلا معترك الرئاسيات وهما يدركان مسبقاً صعوبة منافسة مرشّح السلطة المدعوم من معظم الأطياف السياسية والمدنية.
تبون يختتم مشهد رئاسيّات الجزائر بفوز كاسح
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لدى خروجه من مركز الاقتراع عقب الإدلاء بصوته السبت (ا ف ب)
A+   A-

انتهى المشهد الانتخابي الرئاسي في الجزائر بفوز كاسحٍ للمرشح الرئيس عبد المجيد تبون على حساب منافسَين دخلا معترك الرئاسيات وهما يدركان مسبقاً صعوبة منافسة مرشّح السلطة المدعوم من معظم الأطياف السياسية والمدنية.

 

وفي ثاني انتخابات رئاسية تُجرى في الجزائر بإشراف سلطة وطنية مستقلة، بعد الحراك الشعبي الذي أطاح الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، بلغت نسبة المشاركة  48.03 في المئة داخل الجزائر من أصل ما يقارب 23 مليون ونصف مليون ناخب، و19.57 في المئة لدى الجالية الجزائرية في الخارج من أصل ما يقارب الـ900 ألف ناخب.

 

وكانت نسبة التصويت الرهان الأكبر في الاقتراع الذي اكتسح فيه المرشح عبد المجيد تبون أصوات الناخبين عبر أغلب مكاتب التصويت في المحافظات الـ58 للبلاد، محققاً نسبة 94.65 في المئة، مقابل 3.17 في المئة لمرشح حزب "حركة مجتمع السلم" عبد العالي حساني و2.16 في المئة لمرشح "حزب جبهة القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش.

 

بين المقبولة والمتوقعة

ولئن كانت النسبة المعلنة مرتفعة مقارنة بما تم تسجيله في انتخابات كانون الأول (ديسمبر) 2019، غير أنها لم تتجاوز الـ50 في المئة، وهو ما كان مأمولاً.

 

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر قوي بوحنية إنّ نسبة الاقتراع المسجلة كانت متوقعة، ويضيف لـ"النهار العربي": "في ستة استحقاقات انتخابية سابقة كانت النسبة تتراوح بين 45 و75 في المئة، بخاصة إذا أخذنا في الاعتبار درجة التصحّر السياسي الذي مرّ على الجزائر طيلة عقدين من الزمن، إذ كان الاغترابُ السياسيّ الحدث الأبرز حينها".

 

ويؤكد بوحنية أن "الساحة السياسية والنَّفَس الانتخابي في الجزائر، استَرجعا خلال الأعوام الخمسة الأخيرة ديناميكيتهما بفعل مجموعة من النصوص القانونية على غرار المادة 01.21 من قانون الانتخابات، التي عززت دور السلطة الوطنية للانتخابات"، معتبراً أنّ هذه النسب "إيجابية إلى حدّ كبير، لا سيما ما تعلق بنسبة تصويت الجالية الجزائرية في الخارج والتي وصلت إلى 19 في المئة، وهي نسبة معتبرة جداً مقارنة بما كان يحدث في السابق".

 

وعن فوز الرئيس عبد المجيد تبون لولاية ثانية، يشير بوحنية إلى أنه كان منتظراً "بالنظر إلى اتّكاء الرئيس تبون على رصيد إنجازات لخمس سنوات، ولكونه قدّم مقاربة ناجعة إلى حد كبير في مجالات مختلفة".

 

وترى الإعلامية المتابعة للشأن السياسي أسماء بهلولي أن "نسبة التصويت المعلنة كانت متوقعة ومقبولة نوعاً ما بالنظر إلى نوعية المتنافسين على سدة الحكم في الجزائر"، رافضةً وصفها بـ"القوية".

 

وتؤكد، لـ"النهار العربي"، أن "فوز الرئيس المرشح نتيجة حتمية، بخاصة أنه حظي بدعم كبير من أغلب الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وعدد من الجمعيات الفاعلة، فيما المرشحان الآخران حساني وأوشيش  مدعومان من حزبيهما فقط"، وبالتالي "لم يكن من المتوقع حصولهما على نسب تصويت أعلى من تبون".

 

ورداً على من يعتبر مشاركتهما في انتخابات قيل عنها إنها محسومة مسبقاً، تلفت بهلولي أنّ "مشاركة كلا المرشّحَين حساني وأوشيش تكتيكيّة، ونظرتيهما مستقبليتان إلى ما بعد 7 أيلول (سبتمبر)"، بخاصة أن الجزائر على موعد مع انتخابات نيابيّة وبلدية يُعتقد أنّه سيتم تقديمها سنة واحدة إلى 2025.

 

مكاسبُ الحقيقة الانتخابية

وكثيراً ما تحدّث ناشطون سياسيون وأحزاب في سنوات سابقة عن تضخيم فاضح لنسب المشاركة خلال مختلف الانتخابات التي مرّت على الجزائر، غير أن هذه الأحاديث اضمحلّت منذ انتخابات 2019، وهو ما يذهب إليه المحلل السياسي عبد الحكيم بوغرارة الذي يؤكّد، لـ"النهار العربي"، أنّ "السلطة في الجزائر اليوم تقدّم معلومات حقيقية عن مجريات الانتخابات ونتائجها، وهو أكبر مكسب"، ويضيف: "يجب عدم الخجل أو الحرج من نسبة المشاركة مهما كانت، ما دامت تعكسُ حقيقة المشاركين في عملية التصويت".

 

ويشير بوغرارة إلى "المكسب الكبير المُحقق خلال انتخابات الرئاسة المتمثل في الاحترام الذي سادَ بين مختلف فئات الناخبين... فمن صوّت احترم من لم يصوّت، ومن لم يصوّت احترم المصوّتين، من دون عُنفٍ أو سبٍّ أو شتم، وهذا أكبر مكسب للعملية الديموقراطية في الجزائر".

 

ويلاحظ بوغرارة أنّ الانتخابات الرئاسية جرت "في هدوء تام وفي احترام تام وشفافية ونزاهة، وبالتالي كل هذه المعطيات تجعل من الانتخابات الجزائرية محطة إلى المستقبل وليست غاية في حدّ ذاتها... ويبقى على الرئيس الجديد التحليل الدقيق للانتخابات ودراسة نسبة التصويت وأسباب عزوف نصف عدد الناخبين الجزائريين عن التصويت وكل ما رافق العملية الانتخابية بهدف تطوير الممارسة الديموقراطية في البلاد".

 

بدوره، يؤكّد الإعلامي طارق ثابت أنه "بالرجوع إلى الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة، يمكننا القول إن المرشح عبد المجيد تبون، رغم جولاته الميدانية المحدودة عبر المحافظات مقارنة بمنافسَيه، إلا أن الأحزاب المساندة والداعمة له، فضلاً عن المجتمع المدني، لعبت دوراً بارزاً في حشد الأصوات واستمالة أكبر عدد ممكن من الناخبين لمصلحته".

 

ويرى ثابت، في تصريح لـ"النهار العربي"، أن على تبون مسؤولية مضاعفة خلال الولاية الثانية نظراً إلى أن "المنافسة بينه وبين المرشَحين الآخرَين كانت على البرامج الانتخابية، وما ينتظره المواطن الجزائري خلال الأعوام الخمسة المقبلة".

اقرأ في النهار Premium