مرّت سنة على فاجعة زلزال الثامن من أيلول (سبتمبر) الذي ضرب منطقة الحوز المغربية واعتُبر الأقوى والأكثر دموية في تاريخ البلاد الحديث، بعدما بلغت ارتداداته مختلف ربوع البلاد، مخلّفاً حوالى 3000 قتيل وأكثر من 6000 مصاب وخسائر مادية جسيمة. ولا يزال البلد يلملم جراحه في إطار مسلسل إعادة الإعمار الذي لم ينته بعد.
وتستمر أعمال بناء حوالى 50 ألف منزل متضرر جرّاء الزلزال المدمّر الذي ضرب بقوة 7 درجات، ولا تزال عملية إسكان المتضررين تعاني بعض المشاكل، في وقت نجحت الحكومة في إعادة بناء منازل 1000 أسرة حتى الآن.
فاطمة، وهي إحدى المتضررات من الزلزال الذي ضرب قريتها ثلاث نيعقوب، قاست ظروفاً معيشية أليمة جداً السنة الماضية، بعدما فقدت زوجها وطفليها ووالدها ومعهم منزلاً لطالما احتواهم سقفه من زمهرير الشتاء وحرّ الصيف.
وتحدّثت فاطمة إلى "النهار العربي" وهي تُغالب دموعها، مؤكدة أنّها وباقي المتضرّرين من سكان قريتها لم يتعافوا بعد من الصدمة التي تستمر آثارها في ملاحقة نفسيتهم، وقالت: "صرنا نهاب أي ارتداد أرضي، ولا نشعر بالراحة والأمان أبداً، حياتنا تغيّرت تماماً، فقد كنا نعيش في منازلنا مرتاحين تحت سقف يؤوينا، لكن الآن الظروف صعبة جداً. وها نحن نسكن خيماً وكأننا نازحون في دول أخرى ممن كنا نشاهدهم على التلفاز".
واتّفق سعيد، وهو متضرر آخر من القرية نفسها، مع ما قالته فاطمة، ولا يزال وأسرته الصغيرة يسكنان خيمة في وسط القرية. وتقصد ابنته الصغيرة خيمة أخرى نُصبت منذ الموسم الدراسي الماضي، بعدما هدّم الزلزال المدرسة الوحيدة في القرية. وتستقبل هذه الخيمة عشرات التلاميذ خلال الموسم الدراسي الجديد، على غرار 90 خيمة أخرى في إقليم شيشاوة، بينما تمّ الاستغناء عن الخيام في الأقاليم الأخرى المتضرّرة.
وشرح سعيد لـ"النهار العربي" كيف أنه لا يشعر بالأمان التام مع الهزّات الارتدادية وبرودة الطقس الشديدة في الجبال خلال الفصول الماضية، وانعكاسها على صحة الأطفال خصوصاً والبالغين عموماً، فضلاً عن سخونة الأجواء في الصيف التي تسببت في خروج العقارب والثعابين والحيوانات البرية ومزّقت أيضاً الخيام بسبب الحرارة المفرطة، وهذه جميعها "ظروف صعبة جداً ولا ترقى الى حفظ كرامة الإنسان". واستعجل سعيد الدولة برنامجها لإعادة إعمار القرية وإعادة السكان إلى منازلهم.
وتستفيد الأسر المتضررة من الزلزال من 4 مراحل من الدعم، حصلت في الأولى منها على 2000 دولار، فيما بدأت أسر تتلقّى الدفعات الأخرى للمراحل الثلاث المتبقية بقيمة 40 ألف درهم (4000 دولار) لكل مرحلة، وفق ما أكّدته مصادر حكومية لـ"النهار العربي".
وأقرّت المصادر ذاتها بوجود نوع من التأخير في برنامج إعادة الإعمار بسبب اختلالات وصعوبات واجهتها خلال الفترة السابقة، غير أنها أشارت إلى أن السلطات أصدرت حوالى 55 ألفاً و142 ترخيصاً لإعادة البناء، فيما وفّرت الدولة كل الظروف الكفيلة بتسهيل عملية إعادة بناء المنازل المتضررة من الزلزال، وقد استفاد 57 ألفاً و805 عائلات من 20 ألف درهم (2000 دولار) كدفعة أولى لإعادة بناء منازلها وتأهيلها، وذلك بقيمة مالية تقدّر بـ1.2 مليار درهم (120 مليون دولار).
وبحسب المعطيات الرسمية، التي حصل عليها "النهار العربي" من الحكومة المغربية، استفادت حوالى 97 في المئة من الأسر المتضررة من الدعم، إذ تلقّت 20 ألفاً و763 أسرة الدفعة الثانية، واستفادت 8813 أسرة من الدفعة الثالثة و939 أسرة من الدفعة الرابعة والأخيرة، كما حصلت 63 ألفاً و862 أسرة على مبلغ 2500 درهم (250 دولاراً) المخصصة كدعم شهري لفائدة الأسر التي انهارت منازلها جزئياً أو كلياً، وتمّ حالياً صرف دعم 11 شهراً من أصل 12 شهراً من هذه المساعدات بقيمة إجمالية تبلغ 1.6 مليار درهم أي 160 مليون دولار.
وتستفيد كل أسرة متضررة من 4 مراحل دعم، بلغت قيمتها إجمالاً 140 ألف درهم (14 ألف دولار) لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (8 آلاف دولار) لتغطية أعمال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئياً.