النهار

النهار

انتخابات الرّئاسة في تونس... اختبار جديد لشعبيّة سعيّد
تونس-كريمة دغراش
تونس-كريمة دغراش 03-10-2024 | 19:52

المصدر: النهار
تتوقع غالبية التونسيين فوز سعيد بالانتخابات الرئاسية الحالية في ظل منافسة ضعيفة من مرشحين لا يمتلكان مثل حظوظه.
انتخابات الرّئاسة في تونس... اختبار جديد لشعبيّة سعيّد
المتنافسون على الرئاسة التونسية
A+   A-
لا منافس لقيس سعيّد في الانتخابات الرئاسية التونسية سوى شعبيته، يقول عدد من المراقبين ممن يتوقعون أن يفوز الرجل بسهولة بهذا الاستحقاق، لكن السؤال الذي يطرحه الكل هو: هل سينجح في تحقيق النسبة نفسها التي حققها في انتخابات 2019 وهو الذي اكتوى بنيران الحكم وراكم عدداً لا بأس به من الخصوم، بسبب خياراته وسياسته؟
 
من الجامعة إلى الرئاسة
قبل نحو خمسة أعوام انتخب قيس سعيد رئيساً لتونس، كان وقتها أستاذاً جامعياً في اختصاص القانون الدستوري يعرفه التونسيون كمعلق على الشؤون السياسية، وخصوصاً على المسائل ذات العلاقة بالدستور.
عدا ذلك لم يكن سعيد يملك مسيرة سياسية، لكن صوته ونبرته وعربيته المسترسلة التي كان يتحدث بها في كل إطلالة له طيلة سنوات، جعلت منه الرجل الذي اختار أكثر من 70 في المئة من التونسيين التصويت له في الدور الثاني من انتخابات عام 2019. 
 
نجح سعيد في أن يكون أول رئيس لتونس يفوز من خارج منظومة الأحزاب، لكنه نجح بخاصة في نيل أعلى نسبة تصويت ليصبح بذلك الرئيس والشخصية الأكثر شعبية منذ 2011. 
 
 
كان الكل يعتقد في البداية أن سعيد سيكون رجل "حركة النهضة" أو على الأقل الرجل الذي ستستعمله "النهضة" أداة لتنفيذ سياساتها ولإطباق يدها على الحكم في البلاد، لكن سعيد فاجأ الجميع حينما رفض في عام 2021 المصادقة على تعديل وزاري شل الحكومة لمدة أشهر وصنع أكبر أزمة سياسية كانت وراء تغيير المعادلة في تلك الفترة.
 
ورغم صلاحياته المحدودة دستورياً، حينها تمكن سعيد من أن يفرض كلمته على الكل، وجاءت أزمة "كوفيد 19" لتكون المنعرج في علاقته بالسلطة القائمة آنذاك.
 
أعلن سعيد الأحكام الاستثنائية في البلد بناءً على الفصل 80 من دستور تونس. وفي يوم فارق يستحضر التونسيون كل تفاصيله على اختلاف مواقفهم منه، قرر تعليق عمل مجلس النواب وأقال الحكومة، ومذاك بدأت المسيرة السياسية الجديدة للرجل.
 
كانت تلك التدابير الاستثنائية حينها محل ترحيب شعبي كبير، وكشفت للمرة الثانية عن حجم الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الرجل والتي ستكون محل اختبار للمرة الثالثة يوم 6 تشرين الأول (أكتوبر).
 
وتقول المحللة السياسية أحلام العبدلي إن انتخابات 6 تشرين الأول ستكون محطة سياسية فارقة، لأن التنافس فيها سيكون بين منظومتي "ما قبل 25 تموز/ يوليو" التي يمثلها زهير المغزاوي وعياشي زمال و"ما بعد 25 تموز" التي يمثلها قيس سعيد.
 
وتعتبر العبدلي أن هذه الانتخابات على غاية كبيرة من الأهمية بالنسبة إلى سعيد، لأنها بمثابة الاختبار الجديد لشعبيته ولمدى تجاوب الشارع التونسي مع منجزاته السياسية منذ 25 تموز.
 
وتضيف أن سعيد يراهن على تجديد الثقة الشعبية به، وهي مهمة لمواصلة مشروعه السياسي الذي سيمر من مرحلة الخيارات السياسية إلى مرحلة الإنجازات الاقتصادية والتنموية.
وتؤكد أن انتخابات الأحد المقبل ستكون محطة مهمة، فإما يتواصل مشروع 25 تموز وإما تدخل البلاد في منظومة جديدة مفتوحة على العديد من السيناريوهات.
 
منافسة ضعيفة
وتتوقع غالبية التونسيين فوز سعيد بالانتخابات الرئاسية الحالية في ظل منافسة ضعيفة من مرشحين لا يمتلكان مثل حظوظه.
ويتنافس سعيد على رئاسة تونس مع كل من زهير المغزاوي، وهو سياسي محنك يرأس حزب "حركة الشعب" القومي والذي كان من أبرز مساندي سعيد طيلة سنوات حكمه بعد إقرار التدابير الاستثنائية، لكنه في خطوة مفاجئة أعلن منافسته في الانتخابات الرئاسية وانتقد كل سياساته، ورغم خبرته الطويلة في عالم السياسة لا يملك المغزاوي، وفق أغلب المراقبين، حظوظاً كبيرة في هذه الانتخابات التي تغيب عنها استطلاعات الرأي للمرة الأولى.
المنافس الثاني لسعيد هو العياشي زمال رئيس حركة "عازمون"، وهي حركة تأسست بعد حوادث 25 تموز (يوليو) 2021 وكان خطابها معارضاً لسياسات سعيد.
 
وبدأ زمال الذي يقبع حالياً في السجن، يحصد تعاطف جزء من التونسيين، وخصوصاً من السياسيين، بسبب الملاحقات القضائية التي واجهها والحكم عليه بالسجن لمدة تصل إلى 12 سنة بتهم تزوير التزكيات.
وبات زمال مرشح جزء من المعارضة التي تنتمي إلى المنظومة التي تعرف بـ"منظومة 24 تموز"، لكن حظوظه رغم ذلك تظل ضعيفة مقارنة بحظوظ سعيد.
 
شعبية على المحك
لا يبدو أن سعيد سيواجه مشقة كبيرة في الفوز بانتخابات السادس من تشرين الأول، لكن الرجل جمع خلال العامين الأخيرين من الحكم عدداً كبيراً من الخصوم.
وطيلة العامين الماضيين أقر سعيد جملة من الخطوات عارضتها أغلب مكونات الطبقة السياسية بشدة، بدءاً باستشارة شعبية على تعديل الدستور مروراً بصوغ دستور جديد، وصولاً إلى إجراء انتخابات تشريعية  لغرفتين تشريعيتين هما مجلس النواب ومجلس الأقاليم والجهات.
 
وشهدت هذه المحطات نسبة مشاركة ضعيفة، يقول الباحث السياسي إبراهيم الغربي إنها ربما تسجل أيضاً في انتخابات الرئاسة.
ويضيف في تصريح إلى "النهار" أن سعيد يواجه في هذه الانتخابات جملة من التحديات، أولها ضعف المنجزات الاقتصادية التي تحدد بوصلة اختيار أغلب الناخبين عادة، وقد يفقد جزءاً من خزانه الانتخابي، وثانيها هو توحد المعارضة ضده "بسبب خياراته السياسية وطريقته في الحكم"، لكنه يعتبر أن "تأثير هذه الأخيرة على شعبية سعيد لن يكون كبيراً لأن هذه المعارضة لا تحظى أيضاً بثقة التونسيين الذين لفظوها ويعتبرونها سبباً مباشراً لمعاناتهم".
 
غير أن الغربي يستدرك مؤكداً أن "الصورة التي يرسمها جزء كبير من التونسيين لسعيد بوصفه القائد النزيه المحب لبلده ولشعبه والمحارب للفساد ترسخت بعد 25 تموز وإبعاد أغلب وجوه منظومة الحكم القديمة، وجزء لا يستهان به من الناخبين مقتنع بأنه لا بد من سد الطرق أمامها أملاً في أن يجد سعيد مستقبلاً الحل للأزمة الاقتصادية، ولأجل هذا فإنه سيصوّت له".
إعلان

الأكثر قراءة

10/3/2024 7:34:00 PM
مصر بدأت سياسة تنويع مصادر تسليحها منذ عام 2014، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2023 كانت في قائمة أكبر 10 دول مستوردة للسلاح في العالم
9/30/2024 11:12:00 PM
الكاتب في "نيويورك تايمز" الحائز على 3 جوائز "بوليتزر" يبدي يقيناً بنظرية الاختراق البشري للنظام الايراني ولـ"حزب الله"، الأمر الذي سهّل عملية الانقضاض التي حصلت. ويرى أن طهران مرتبكة وتشهد انقساماً بشأن سيناريو الرد المحتمل.