يدلي الكوريون الجنوبيون بأصواتهم الأربعاء في اقتراع مهم قد يفضي الى تغيير تشكيلة برلمانهم وتحديد ما إذا كان الرئيس يون سوك يول سيكون قادرا على تنفيذ برنامجه المحافظ اجتماعيا.
وستسمح الانتخابات التشريعية المقررة الأربعاء باختيار النواب الـ300 في الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية لكنها ستكون أقرب إلى استفتاء على سياسة يون الذي انتخب في 2022 بأضيق هامش في اقتراع رئاسي في تاريخ البلاد.
ويأمل حزبه حزب سلطة الشعب، في استعادة السيطرة على البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة منذ 2016 وإعطاء يون زخما جديدا لتنفيذ برنامجه، من الإصلاحات في مجال الصحة إلى سياسته الصارمة تجاه كوريا الشمالية أو وعده بإلغاء وزارة المساواة بين الجنسين.
وإذا حقق خصومه انتصارا كبيرا كما يتوقع عدد من استطلاعات الرأي، فسيكون يون الذي تراجعت شعبيته إلى النصف، أضعف حتى نهاية ولايته في 2027، حسب خبراء.
ويقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة سوكميونغ النسائية جو هيون كانغ: "إذا ظل حزب سلطة الشعب حزب أقلية بعد الانتخابات العامة، فإن التعاون مع الجمعية الوطنية سيكون صعبا جدا".
ويضيف: "الرئيس سيصبح بسرعة بطة عرجاء" وستتراجع السلطة "إلى حد كبير".
وهذه الانتخابات التي تنظم في منتصف ولايته تقريبا "يمكن استخدامها لتقييم إدارة حكومة يون سوك يول للدولة والحكم عليها"، على قول جو هيون كانغ، وإن كان اقتراعا "يمكن (أن يهدف) إلى الحكم على حزب المعارضة".
استفتاء
تتقدم الحركة المعارضة الرئيسية ليون، الحزب الديموقراطي بقيادة منافسه الكبير لي جاي ميونغ، بفارق طفيف على حزب سلطة الشعب في استطلاعات الرأي (37 في المئة مقابل 35 في المئة لحزب الرئيس، حسب نتائج استطلاع أجراه معهد غالوب في 31 آذار (مارس)).
ويحظر إجراء أي استطلاع خلال الأيام السبعة التي تسبق الانتخابات.
وقد حصل حزب إعادة بناء كوريا الجديد على نتائج إيجابية في استطلاعات الرأي وبدا التصويت لصالحه أشبه باحتجاج، سواء ضد الحكومة أو ضد المعارضة.
ويقود هذا الحزب وزير العدل السابق تشو كوك، المحكوم عليه بالسجن لمدة عامين بتهمة تزوير وثائق لتسهيل وصول أبنائه إلى جامعات مرموقة. وقد استأنف الحكم.
أما لي جاي ميونغ فيخضع لتحقيقات تتعلق خصوصا بقضايا فساد مرتبطة بشركة يشتبه في أنها دفعت بشكل غير قانوني ثمانية ملايين دولار لبيونغ يانغ، وهو ما ينفيه.
وبالإضافة إلى هذه الدعاوى القضائية، يرى محللون أن الحملة الانتخابية تمحورت حول تأجيج استياء الناخبين أكثر من اقتراح سياسات كبرى.
ووعد حزب سلطة الشعب ب"سجن" لي وتشو في حين تعهد الحزب الديموقراطي بـ"معاقبة" رئيس كوريا الجنوبية على ما وصفه بسوء الإدارة.
أما المواضيع المهمة مثل سياسة سيول تجاه كوريا الشمالية التي تمتلك أسلحة نووية، فكانت شبه غائبة عن خطابات الحملة الانتخابية. وحتى المخاوف الرئيسية للناخبين، مثل التضخم والإضراب المستمر للمتدربين الطبيين، تراجعت.
وقال المستشار في القضايا السياسية باي كانغ هون لوكالة "فرانس برس" إن الرأي العام القائل إن "هذه الانتخابات يجب أن تكون استفتاء على يون، تعزز في الأسابيع الأخيرة إلى درجة أنه لا يمكن اعتبار هذه الانتخابات إلا استفتاء".
استمرارية
تشير استطلاعات الرأي إلى أن المعارضة قد تفوز بأغلبية كبيرة بأكثر من 200 مقعد في المجلس التشريعي المقبل، وهو ما سيمنحها السلطة لإقالة الرئيس.
وقال باي: "إذا حدث ذلك، فسيكون يون أشبه ببطة نافقة وليس مجرد بطة عرجاء".
وهو يعتقد أنه "لا يستطيع عمليا أن يفعل اي شيء في برلمان كهذا غير متكافئ"، باستثناء "الحفاظ على الوضع الراهن" في برنامج سياسته الخارجية، ولا سيما رغبته في تهدئة العلاقات مع اليابان، القوة المستعمرة السابقة لشبه الجزيرة الكورية وتعزيز العلاقات مع واشنطن للتعامل بشكل أفضل مع بيونغ يانغ.
وقالت أستاذة الشؤون الدولية في جامعة سيتي في هونغ كونغ كلوديا جونغهيون كيم إنه إذا أخفق حزب يون في الانتخابات التشريعية، فإن الحكومة الأميركية قد تشعر "بالقلق بشأن الاستمرارية السياسية" بما أن "يون انحاز بشكل واضح ومباشر إلى الولايات المتحدة".
وفي حال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) في الولايات المتحدة، فإن مسألة الاستمرارية السياسية هذه ستطرح "في واشنطن أيضا"، كما تعتقد الخبيرة.